بقلم الشيخ : سعد طه
حين خلق الله سيدنا آدم خلق له زوجته حواء التي خرجت من ضلعة فحين استيقظ وجدها بجواره, فقال لها من أنتِ ؟ قالت امرأة لتسكن إلي فأول شيئا قالت به السيدة حواء هو السكون إليها الذي يكون منه تكوين الأسرة الناجحة الصالحة. لذلك أول الأمور التي أشار الله إليها في قصة آدم وحواء ألا وهي مفهوم الأسرة .
حيث أن مفهوم الأسرة: من المعجم الوسيط: هي عشيرة الرجل وأهل بيته حيث جعل الله الأسرة أهم شيء في الحياة بل هي اللبنة الأولي في المجتمع, وهي أساس عمارة الأرض وهي بمنزلة القلب من الجسدحيث إذا صلحت الأسرة صلح المجتمع ويشتد عوده ويتوحد نسيجه, وتزدهر الناحية الروحية والاجتماعية ولذا فأول شيئا بني عليه الأسرة في الإسلام ألا وهو الزواج. كما قال الله تعالي:
﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾
فالأسرة تتسم بالسكنية والمودة ثم تقوم علي مبادئ العدل والمساواة في الحقوق والواجبات لذلك قال النبي صلي الله عليه وسلم:
كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته, فالإمام راعٍ ومسئول عن رعيته, والرجل ومسئول عن رعيته, والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئول عن رعيتها
فالرجل راعٍ في أهل بيته بأن يقوم بشأنهم, وبما يصلحهم
وأفضل مثل علي ذلك: ما قاله لقمان الحكيم لابنه:
قال الله تعالي: يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم حيث بدأ لقمان بأول وصية لابنه وهي العقيدة بعدم الشرك الله, أو اتخاذ شريك لله في العبودية, لأنه أقبح الظلم ,والبعد عن الطريق المستقيم.
ثم قال لقمان لابنه: يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السموات أو في الأرض يأتي بها الله قال ابن كثير: أي: أن المظلمة أو الخطيئة لو كانت مثقال حبة خردل أحضرها الله يوم القيامة حين يضع الموازين القسط, وجازي عليها إن خير فخير, وإن شرا فشر.
ثم قال لقمان لابنه: يا بني أقم الصلاة. حيث الصلاة الركن الأعظم, وغذاء الروح للجسد ,ولقاء بين العبد وربه, فالله حدد إذا أراد الإنسان التقرب إليه فعليه بالسجود ,حيث قال الله واسجد واقترب لأن الصلاة حديث بين العبد وربه حيث قال الشيخ الشعراوي رحمه الله: حسب نفسي عزا أنني عبد يحتفي بي بلا مواعيد رُبُ هو في قدسه الأعز ولكن أنا ألتقي متي ووحين أحب. وأيضا هو الركن الوحيد الذي لا يسقط أبدا.
ثم قال لقمان لابنه: وأمر بالمعروف. أي الأمر بكل خير, والإحسان والسير علي طريق الصراط المستقيم, بقدر الطاقة والاستطاعة.
ثم قال لقمان لابنه: وانه عن المنكر أي الابتعاد عن طريق الشيطان, وأمر الناس بعدم السير في طريقة.
ثم قال لقمان لابنه: واصبر علي ما أصابك. بمعني: لا تنظر فيما أخذ منك ولكن انظر فيما بقي لك في كل الأمور, الإنسان الحكيم ينظر دائما في الأمر علي أنها خير ولا يوجد فيها شر, لذلك نجد الإنسان الذي يجزع لا تجده يحمد الله ولا يشكره ,فالإنسان عليه أن يرضي بما أعطاه الله.
ثم قال لقمان لابنه: ولا تصعر خدك للناس: والصعر هذا داء يصيب الإبل في أعناقها أو رؤوسها, فيشبه به الرجل المتكبر ,أي لا تنظر بالحقد والحسد بمن هو أعلي منك ,وتسير خلفه مثل المجنون تريد منه العطاء والمن وتترك الواهب الملك جل وعلا ,ولا تحتقر من هو أقل منك بالنظر بالتعالي وأنك أفضل منه, لذلك حرمت الجنة علي المتكبر والحقود ,لذلك قال النبي صلي الله عليه وسلم لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر.
ثم قال لقمان لابنه: ولا تمش في الأرض مرحا: أي تمشي متكبر جبارا وتظن نفسك أفضل المخلوقين. إن الله لا يحب كل مختال فخور.
ثم قال لقمان لابنه: واقصد في مشيك: أي امش مشيا مقتصدا ليس بالبطيء المثبط ولا بالسريع المفرط, بل عدلا وسطا.
ثم قال لقمان لابنه: واغضض من صوتك: أي لا ترفع من صوتك وتبالغ في الكلام فيما لا فائدة فيه.
كل هذا من دور الأب الحريص علي تربية ابنه تربية صحيحة فكان لقمان الحكيم راع في أهل بيته, وأداء الأمانة علي أكمل وجه في.
ثم نأتي لدور الزوجة الراعية في بيت زوجها: حيث أن الزوجة هي السكن وهي الحنان, فإذا سكنت سكن البيت, وإذا ناشزت تدمرت الأسرة بالكلية, لذلك الزوجة لها دور كبير في الأسرة, حيث هي راعية في بيت زوجها, بالاهتمام بأمره وحفظ نفسها من كل شر, فإذا كانت له أمة كان لها عبدا, وإذا كانت له باب السعادة كان لها باب الخير, وإذا كانت له أميرة, كان لها سيدا, وإذا حفظته في غيابة حفظها في حضورها وغيابها, وإذا كانت لأولادها أما, أخرجت جيلا نافعا, صالحا للمجتمع.
فإذا لم يهتم الأب والأم بتربية أولادهم خرج جيلا فاسدٍاٍ عدم النفع وكما
قال الشاعر:
ليس اليتيم من انتهي أبواه مِن هَمً الحياةِ وخلفاهُ ذليلا.
إن اليتيم هو الذي تلقي له أم تخلت أو أبا مشغولا