استقبال العام الدراسي في ضوء تعاليم الإسلام

بقلم الشيخ / احمد عزت حسن

باحث فى الشريعة الإسلامية

غدًا -إن شاء- سوف تفتح المدارس أبوابها ويقبل عليها طلابها ليبدءوا عامهم الجديد، فيحسن بنا أن نقف بعض الوقفات مع هذه المناسبة العظيمة؛ لأننا نرى الطلاب عن أمور التعليم معرضين ونرى بعض المدرسين في بعض ما يخالف تعاليم دينهم واقعين.

إنها حقوق وواجبات وأمانات ومسئوليات برأت من حملها الأرض والسموات وأشفق من ثقلها الجبال الشم الراسيات وحملها الطلاب والطالبات والمعلمون والمعلمات في زمن ضاعت فيه الأمانات.

يهل علينا عام دراسي جديد لبداية مختلفة ومميزة لفصلٍ جديد يبدأ بعد النجاح والتفوق في الأعوام السابقة، ونهتم خلال هذا العام أيضًا أن نكمل ما بدأناه لنستمر بالمزيد من الإنجازات والنجاحات في مختلف المواد الدراسية، فتكتمل رحلتنا التعليمية التي تعتبر فرصة مميزة لتحقيق الأهداف الجديدة مع اكتساب المزيد من المعرفة.

فهيا نكتب سطرًا جديدًا من حكايات التعليم التي نستكملها مع بداية أول يوم دراسي.

دَعْني أخي الكريم أُسَطرُ هذه السطورَ مُوجهًا من خلالها النصائح الجمَّة لأبنائي وبناتي وإخواني وأخواتي الطلاب والطالبات، والمعلمين والمعلمات، والمشرفين التربويين، وأولياء الأمور.

ونبدأ أولًا بالنصائح للطلاب والطالبات:

إن أعظم ما ينبغي التمسك والالتزام به ما يلي:

أولًا: تَقويةُ الصِّلةِ باللهِ تعالى:

من أهم ما يجبُ أن يتحلى به طالبُ العلمِ أن يُقَوِّي صلته بربه عز وجل، محافظًا على صلاته، مطيعًا لربه بالتزام أوامره واجتناب نواهيه مراقبًا له في سره وعلانيته؛ قال -تعالى-: ﴿وَاتَّقُوا الله وَيُعَلِّمُكُمُ الله والله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: ٢٨٢]، وقال – سبحانه -: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا الله يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا [علمًا تفرِّقون به بين الحق والباطل] وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ والله ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ [الأنفال: ٢٩].

فهذا أفضل الأسبابِ المعينة على تحصيل العلم والتفوق بعد الأخذ بالأسباب من المذاكرة والجد والاجتهاد في الدراسة بشتى السُّبل والوسائل.

فهذه الصلة وهذه التقوى من أسباب التفوق، ولا تكون إلا للمسلم الطائع،

إنها العلم “اللدني” الذي يفتح الله به على بعض عباده،

إنه التوفيق لاختيار الصواب “وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى”،

إنها ربط حياتك وتصرفاتك بالله تعالى،

إنها المفتاح الخفي الذي تفتح به خزائن علم الله تعالى، إنها انشراح الصدر للمذاكرة والمدارسة، وإيداع كل هذه المعلومات وديعة عند الله تطلبها منه؛ ليذكّرك إياها وقت الحاجة إليها.

أما المذاكرة والتحصيل فهذه من أسباب النجاح التي يشترك فيها الجميع مسلمهم وغير مسلمهم، ويعطيها الله تعالى لمن أخذ بها؛ فالله تعالى يعط الدنيا من أحب ومن لا يحب، ولكنه لا يعط الدين والطاعة إلا لمن أحب.

ثانيًا: تعظيم العلم وتوقير العلماء والمربين:

وهذه نقطة عظيمة سوف نطيل فيها النفس بعد قليل، مما لا شك فيه أن منزلة العلم عالية، والأصل في ذلك أول آية نزلت من القرآن العزيز على قلب النبي ﷺ هي قوله تعالى: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ . خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ . اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ . الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ . عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾ [العلق: ١-٥].

ثالثًا: الجد والاجتهاد:

لا شك أن الطالب إذا أخذ بالأسباب، واعتنى بطلب العلم، وبذل كل الأسباب أن الله تعالى يوفقه ويسدِّده؛ قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا﴾ [الكهف: ٣٠]، وذلك الاجتهاد يكون في جميع المواد دون تفرقة بين مادة وأخرى؛ حتى يتم التفوق الكامل، ومن المهم معرفة أنه من كانت بدايته مُحرِقة كانت نهايته مُشرِقة.

رابعًا: الحرص على الصحبة الطيبة:

الصحبة الطيبة من الأهمية بمكان للناس جميعًا، سيما لطلبة العلم بصفة أخص؛ لعظم أثرها على الآخرين إيجابًا وسلبًا؛ قال ﷺ: (المرءُ على دينِ خليلِه، فلينظرْ أحدُكم مَن يُخاللُ) أخرجه أبو داود (٤٨٣٣)، والترمذي (2378)، وأحمد (8398) واللفظ له، والصاحب ساحب، وكما قيل: قل لي من تُصَاحِبْ أقول لك مَنْ أنت؟ فالطالب الفَطِنُ من يحرص على صحبةٍ طيبةٍ تُعِينُه، وتَشُدُّ من أَزْرِهِ، وتأخذ بيده إلى رضا الله تعالى أولًا، ثم الإعانة على الجد والتفوق.

فيا أبنائنا ويا إخواننا ويا طلابنا ليست مرحلة الجامعة دعوة للتفلت من القيم والأخلاق ولا طلب الشهوات والإنسياق وراء العواطف واللذات، ولا مصاحبة الشباب والفتيات لا يستوي ولن يستوي أبدًا مع طلب العلم ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الزمر: ٩]

فلماذا يرمي بعض الطلاب بنفسه في براثن الدناءة والرذيلة ويركض وراء التفاهات والتقاليد الغربية والملابس الخليعة والأفكار المنحطة؟

يا طلابنا يا أبناءنا: لماذا تُثبطون عزائمكم وتضعفُون هممكم وتفتون في عضُدكم بالكسل والخمول وعدم الرغبة والميول إلى درجات الإمتياز والشرف ألم تعلموا أن الأمة بحاجة إلى بنين وبنات لديهم الفهم الثاقب والتحصيل النافع والتعليم المستمر الذي لا مكان فيه للرسوب والتعثر ليساهموا في بناء المجتمع بناءً صلبًا منورًا بنور العلم والمعرفة؟

إذًا فعليكم أن تخلصوا النية وأن تجددوا العزم لتستقبلوا هذا العام الدراسي بكل جد ونشاط ومثابرة وتحصيل ﴿يَرْفَعِ الله الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ [المجادلة: ١١]

ولنا معكم لقاء قريب في الحديث حول آداب طلب العلم.

ثانيًا: همسات للمعلمين والمعلمات:

من المفترض أنه مع بداية العام الدراسي الجديد تتجدد طاقات المعلمين والمعلمات بعد أن قضوا الإجازة الصيفية مع أهليهم وأولادهم مروحين عن أنفسهم باللهو المباح، وقضاء أوقات طيبة من شأنها رفع السآمة والملل عنهم؛ ليستقبلوا عامهم الدراسي الجديد بكل همة عالية، وروح متجددة، ونشاط متدفق، وتفاعل بالغ الأثر، متفائلين بكل خير، ومما يساعد على تحقيق ذلك ما يلي:

١- تجديد النية، واستحضار الأجر من الله تعالى:

إن ما يُسرِّي عن المعلم آلامه وأتراحه ومتاعبه: تجديد نيته بعمله وأداء رسالته، طالبًا الأجر العظيم من الله تعالى الكريم، متأسيًا في ذلك بالأنبياء عليهم السلام؛ قال تعالى: ﴿وَيَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الله﴾ [هود: ٢٩]. فهو يعمل في مهنة الأنبياء والرسل صلوات ربي وتسليماته عليهم

أرأيت أفضل من الذي يبني أنفسًا وعقولًا؟؟!

عليك أخي المعلم أن تدرك خطورة وظيفتك، وأن تعلم أن بيدك إصلاح أو هدم هذا المجتمع كله!!

إن خطأ أي شخص في هذا المجتمع قد يكون خطأً فرديًا … قد تترتب عليه آثارًا مادية

إن خطأ الطبيب يترتب عليه هلاك الأنفس، وخطأ المهندس يترتب عليه هلاك الأموال وضياعها، وخطأ المحامي مزدوج يترتب عليه هلاك الأنفس وضياع الأموال والحقوق وهكذا،

ولكن هذا الطبيب الفاشل … المهندس الفاشل … المحامي منزوع الضمير … الموظف المرتشي .. كل هؤلاء نتاج من؟! كل هؤلاء ضحايا من؟ إنهم نتاج تعليم منزوع روحه .. نتاج معلم ..

فإذا كان عندي معلم ذي ضمير حي؛ فإنه سيزرع في نفوس أبنائه هذا الضمير الحي وسيكون عندي ما ليس عند الآخرين … سيكون عندي استحضار الجزاء الأخروي على هذا العمل بجوار جزاء الدنيا …. سيكون عندي طبيب داعية –وليس من خريجي الأزهر، وليس دارسًا للمواد الشرعية-؛ ولكنه سيكون بعلمه ومهارته وإخلاصه في عمله قدوة يُحتذى بها.

إن المسلم عندي شهادة ثقة في العمل الذي يؤديه ….

مسلم تعني طبيبًا يطمئن المريض عنده على أسراره، طبيبًا لا يكشف على العورات، طبيبًا يعلم أن الطب رسالة إنسانية لا جزارًا يتشفى في مرضاه، أو يزيدهم آلامًا على آلامهم، أو يسرق أعضاء فقرائهم ليعطيهم لأغنيائهم!!

مسلم تعني مهندسًا مجتهدًا عنده أمانة لا يغش في المواصفات، ولا يسرق من المقاولات، مهندس مسلم يعني مبنى مطابق للمواصفات، وليس مبنًى ينهار بعد تسليمه بساعات أو قبل الانتهاء منه!!!

مسلم يعني معلم عنده ضمير يشرح الحصة كاملةً، ولا يضيع وقتها في تناول الإفطار الجماعي، ولا في شرب الشاي في الحصة، ولا تدخين السكائر خارج الفصل، ولا تضيع وقت الحصة في الفيس أو المكالمات ذات الساعات!!!

مسلم تعني صنايعي يده تُلف في حرير أطمئن على عمله، وأثق في مهارته، لا صنايعي يجعلني أكره اليوم الذي تعاملتُ معه فيه.

مسلم تعني إنسان يعرف حقوقه وواجباته، فلا يطغى جانب على آخر؛ حتى ولو كان جانب العبادة، فليس معنى قيامك للعبادة أن تهدر وتضيع وقت العمل؛ بأن تستعد للصلاة قبل النداء لها بنصف الساعة، وأن تصلي جميع السنن والرواتب القبلية والبعدية!!

فإذا كنت على عجلٍ من أمرك ومعك إذن انصراف قبل ميعاد العمل وحان وقت الصلاة، وطلبوا منك أن تصلي معهم، فإنك تعتذر؛ لارتباطك بميعادٍ هام وسوف تصلي في الطريق أو البيت!!

إن مما يؤسف له أن يكون خُلف العهد، وعدم الضمير وعدم احترام الكلمة باتت صفات لصيقة بالمسلم، وبات من يريد الثقة فإنه ينشدها عند غير المسلم!!! أليست هذه فاقرة الفواقر وقاصمة الظهور، وأُثفية الأثافي؟؟!!!

ما السبب في كل هذا الضياع الذي نحن فيه؟؟ أليس هذا كله نتاج تعليم ومعلم لا يعرفون رسالتهم، ولم يُقدّروها حق قدرها؟

أسمع صوتًا جهوريًا آتيًا من الأعماق حانقًا على هذا الكلام يريد أن يُنحي باللائمة على أنظمةٍ كانت هي السبب في ذلك، ولكن دعني أُخرس هذا الصوت ب “من رضي الأجر أتقن العمل”، ومش عاجبك الشغل ولا المرتب اترك هذه الوظيفة لغيرك.

وقبل أن أغادر هذه الكلمة أقول لك كلمة مخلصة تذكر أخي المعلم:

أنك قد تجد في ثنايا منهجك أمورًا لا ترضاها، وأفكارًا سامةً وضعت بخبثٍ وسوء نية بين السطور -أيًا كان المنهج الذي تدرسه سواء كانت لغة عربية أو علوم أو مواد فلسفية أو تاريخ- ستجد شخصيات من المفترض أن تكون في مزبلة التاريخ تُقدم كقدوة وكنماذج ناجح وعصامية، ستجد أقوالًا إلحادية تُقدم في ثوب النظرية العلمية الثابتة!! ستجد أفكارًا فلسفية لا تتناسب مع ديننا وقيمنا ومجتمعنا!! ستجد دروس قراءة مكانها الحقيقي ….

فحاول أن تسير في طريقٍ موازٍ، اشرح لهم المنهج؛ لأنه مطلوب منك، أخبرهم أن هذا الكلام هو للإجابة فقط في الامتحان، وأما ما سوى ذلك فنحن نرفضه، وبين لهم الأدلة على صدق كلامك

واختر شخصية من الشخصيات التي يزخر بها تاريخنا الإسلامي في كافة المجالات

حدّث طلابك عن عبد الرحمن بن عوف أحد العشرة المبشرين بالجنة، والذي يٌعد -وبحق- أشهر عصامي؛ حيث جاء إلى المدينة مهاجرًا تاركًا كل أمواله بمكة، ورفض أن يعيش عالة على أخيه الأنصاري فطلب منه أن يدله على السوق فتاجر وربح وأصبح من أغنى أغنياء الصحابة، أو من ملوك المال بلغة العصر الحديث، ولكن هذا المال لم يطغه، ولم ينس الفقراء أو حق دينه ومجتمعه في هذا المال، بل إنه كان يساعد الدولة في إعداد الجيش، وتصدق بقافلةٍ كاملةٍ بلغت ألف بعير.

وسيدنا الزبير بن العوام كذلك، صاحب فكرة أول بنك استثماري؛ فقد كان تاجرًا ماهرًا مما جعل الناس يأتون إليه بأموالهم من جميع أنحاء شبه الجزيرة العربية؛ ليستثمرها ويتاجر بها. حتى إن ابنه عبد اللله رفض توزيع تركته إلا بعد أن نادى في موسم الحج خمس مرات أن كل من كانت له عندالزبير أمانة أو تجارة أو مال فليأت وليأخذه. أتدري كمم تبقى من تركته بعد كل ذلك؟

تبقى لأولادة خمسة وثلاثين ألف ألف دينار!! يعني خمسة وثلاثون مليونًا!!

ولا تنس سيدنا زيد بن ثابت الذي طلب منه النبي ﷺ أن يتعلم لغة يهود؛ حتى يعرف رسائلهم ولا يستعن بهم في ترجمتها؛ لعدم ثقته فيهم. فيتعلم سيدنا زيد السريانية والعبرانية في أربعة عشرة يومًا؛ ليصبح المترجم الرسمي للدولة الإسلامية.

فيا أسفى على التعليم يوم أن أصبحت مناهجه تراقب وتحارب وأصبح كلاب الشرق والغرب يطالبوننا بتعديل مناهجنا والتراجع عن ثوابتنا لتكون مناهجنا مناهج علمانية تتنكر للدين والفضيلة وتفصل بين الدنيا والآخرة وتُفرغ من محتوياتها المهمة.

يريدون من مناهجنا أن تكون كمناهجهم ومن حضارتنا أن تكون كحضارتهم المادية التي لا أخلاق تردعُها ولا قيم تهذبها وصدق الله جل وعلا إذ يقول فيهم ﴿يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ﴾ [الروم: ٧].

ويا أسفى على التعليم يوم أن تتناقض فيه الأفكار والآراء ويمتلئ بالغش والفوضى ويخرج أجيالا أصابها الضعف والخواء.

يا أسفى على التعليم يوم إن اعتمد على حشو المعلومات وحرفية النصوص دون اعتبار لمعانيها أو تجاوب مع مدلولاتها ودون غرس للقيم وبناء للمبادئ إلا ما رحم ربك فأصبح الطالب يحفظ النص ثم يفرغه في ورقة الإمتحان ثم ينتهي الأمر دون أن يلامس النصُ القلبَ.

• فتذكر أخي الكريم أنه بعد انتهاء الحصة .. اليوم الدراسي … العام الدراسي ينتهي دور المدرس الرسمى، ويبدأ دور المدرس الحقيقى.

فيأيها المعلمون.. أيها الإداريون.. أيها التربويون اعلموا أن واجبكم أعظم ومهمتكم أكبر فأنتم اليوم في مقام الوالد للولد فعليكم أن تغرسوا فيهم الأخلاق العالية والآداب الحسنة وأن تنموا مواهبهم وتزيدوا من قدراتهم وتصححوا أخطائهم وتصلحوا أوضاعهم ولا يكن همكم ختم المقرر وتصحيح الأوراق فقط.

كونوا قدوة حسنة لهم في كلامكم فلا تتكلموا إلا بخير ولا تأمروا إلا بخير وإن سكتم فعلى خير فإن التعليم ليس مجرد كتاب يحفظ أو معلومات تلقى وإنما هو إعداد جيل وتربية نشئ وبناء عقيدة وترسيخ مفاهيم وغرس قيم وبقاء أمة.

حذّروهم من جلساء السوء ودعاة الرذيلة والفساد الذين يقذفون في قلوبهم وعقولهم الشر والبلاء ليستخدموهم في بث بلائهم وسمومهم.

عوّدوهم على أدب الحديث وآداب الإستئذان واعدلوا بينهم فلا تفرقوا بين أسود منهم ولا أبيض ولا غني ولا فقير ولا قبيح ولا وسيم.

مروهم بالمحافظة على الصلاة واغرسوا في قلوبهم تعظيم شعائر الله، حققوا فيهم معاني الرجولة والإباء والمودة والإخاء وربوهم على الحياء.

أيها الأخوة المؤمنون:

إن من الأمور المشينة أن تجد بعض المدرسين يضيّع جزء كبيرًا من أوقات الحصص في التفاهات وأخبار المباريات والطرف والنكات فتضيع الأوقات وتُحرق الساعات على حساب الطلاب والطالبات.، ومنهم من تراه سيء التصرفات كثير الحركات ضعيف المسئولية هزيل الشخصية مشوش الفكر هو يحتاج قبل الطالب إلى التربية والتعليم.

ومنهم من ينظر إلى هذه الوظيفة من الزاوية المادية فقط فلا يهمه إلا راتبه وحقوقه وإجازته وينسى أن وظيفة التعليم هي أسمى وأعلى وأغلى من هذا لأنها وظيفة الأنبياء ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ [الجمعة: ٢].

ومما يكدر الخاطر ولا يسر الناظر أن ترى بعض المدرسات تبدي زينتها وتظهر مفاتنها وتتكسر في مشيتها وتلغو في كلامها، وتنسى أنها تمارس وظيفة الأنبياء، وأن أعين البنات بها معقودة، ولسلوكها مقلدة، والطالبة المسكينة ترى هذا في معلمتها فتقلدها يقول النبي ﷺ: (من دعى إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه إلى يوم القيامة لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الوزر مثل أوزار من تبعه إلى يوم القيامة لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئًا) ﴿لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ﴾ [النحل: ٢٥]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *