إذا اجتمع العيد والجمعة في يوم واحد فهل يغني العيد عن الجمعة؟

جمع وترتيب الشيخ : أحمد عبدالله عطوة

 

يصادف هذا العام اجتماع يوم العيد والجمعة في يوم واحد فهل تجزئ صلاة العيد عن صلاة الجمعة أم لا بد من فعل الأمرين؟

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،

أما بعد:

فإنَّ من الأيام الفاضلة التي يجتمع فيها المسلمون على الصلاة والخطبة وذكر الله تبارك وتعالى وتعظيمه أيام العيدين (الفطر والأضحى)، وإنَّ من الموافقات الزمانية اجتماع عيد الأسبوع وهو يوم الجمعة مع أحد العيدين (الفطر والأضحى) في يوم واحد، فإذا وافق يوم العيد يوم الجمعة، هل تجب صلاة الجمعة على مَنْ حضر صلاة العيد أم يكتفي بصلاة العيد ويُصلِّي بدل صلاة الجمعة ظهرًا، فنقول وبالله التوفيق والسداد: لقد اختلف أهل العلم فيمن صلَّى صلاة العيد؛ هل تسقط عنه صلاة الجمعة إذا كانا في يوم واحد؛ على قولين

القول الأول:

صلاة العيد لا تُسقط صلاة الجمعة بأي حال من الأحوال فمتى وافق يوم العيد سواءً عيد الفطر أو عيد الأضحى يوم جمعة، فلا تسقط صلاة الجمعة لذلك السبب فيجب إقامة صلاة الجمعة وخطبتها كالمعتاد، وهو مذهب جمهور العلماء من الحنفية والمالكية والشافعية، وبه قال أكثر الفقهاء، واختاره ابن المنذر، وابن حزم، وابن عبد البر

واستدلوا على ذلك

بقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله)

وجه الاستدلال من الآية أن الله أمر بالسعي لصلاة الجمعة ولم يستثني من ذلك يوم العيد، وقالوا: إن الجمعة فرض، وصلاة العيد سنة مؤكدة، والسنة لا تُسقط الفريضة ولا تجزئ عنها، ولا تُسقط صلاة العيد صلاة الجمعة كما لا تسقط صلاة العيد صلاة الظهر إن كان العيد في غير الجمعة

القول الثاني:

من حضر صلاة العيد سقطت عنه صلاة الجمعة وصلاها ظهراً باستثناء الإمام فلا تسقط عنه حتى يجتمع معه من يصلي معه حتى يصلي معه من لم يصلي العيد، وهذا مذهب الحنابلة، وبه قالت طائفة من السلف

واستدلوا على ذلك

أولا: بما روى أبو داود وابن ماجه وغيرهم عن إياس بن أبي رملة قال: شهدت معاوية بن أبي سفيان وهو يسأل زيد بن أرقم قال: أشهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عيدين اجتمعا في يوم؟ قال نعم قال فكيف صنع؟ قال صلى العيد ثم رخص في الجمعة، فقال: “من شاء أن يصلي فليصل”،

ثانيا: حديث سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “قد اجتمع في يومكم هذا عيدان، فمن شاء أجزأه من الجمعة، وإنا مجمعون”، رواه الحاكم وأبو داود وابن ماجه والبيهقي وغيرهم

وجه الإستدلال أن النبي صلى الله رخص لمن حضر صلاة العيد بعدم حضور الجمعة وجعله بالخيار، وقالوا: إن الجمعة إنما زادت عن صلاة الظهر العادية بالخطبة وقد حصل سماعها في العيد، وفي إيجابها على الناس تضييق عليهم ، وتكدير لمقصود عيدهم، وما سن لهم من السرور فيه، والانبساط، فإذا حبسوا عن ذلك عاد العيد على مقصوده بالإبطال، ولأن يوم الجمعة عيد، ويوم الفطر والنحر عيد ومن شأن الشارع إذا اجتمع عبادتان من جنس واحد أدخل إحداهما في الأخرى، كما يدخل الوضوء في الغسل وأحد الغسلين في الآخر.

الترجيح

وقول الجمهور أقرب وأرجح من أن حضور العيد لا يُغني عن حضور الجمعة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم رخص في ترك الجمعة ذلك اليوم لأهل العوالي الذين بعدت منازلهم عن المسجد النبوي الشريف ويشقّ عليهم الذهاب والإياب مرتين للصلاتين فرخص لهم أن يصلوا الظهر في أحيائهم كونهم قاطنين خارج المدن والعمران، فهؤلاء إن انتظروا حتى يصلوا الجمعة كان في ذلك مشقة عليهم، وكذلك لو رجعوا إلى أهلهم ثم جاؤوا لصلاة الجمعة فرخص لهم حينئذ في ترك الجمعة

وعلى قول الجمهور لاتسقط الجمعة على من فى بلادنا لأن حال العوالى لاينطبق عليهم

هذا ما تم إيراده في هذه المسألة، نسأل الله العلي الأعلى أن يفقِّهنا في دينه، وأن يجعله من العلم النافع والعمل الصالح، والحمد لله ربِّ العالمين

اترك تعليقاً