دور الأزهر ورجاله فى نصر العاشر من رمضان

بقلم الأستاذ الدكتور : طلعت أبو حلوة  أستاذ البلاغة ووكيل كلية الدراسات الإسلامية – جامعة الأزهر الشريف )

 

 

   يعد نصر العاشر من رمضان 1393هـ السادس من أكتوبر 1973م يومًا مشهودًا سَجَّلته الدولة المصرية بسواعد قواتها المسلحة، وسَطَّرته بدماء جنودها البواسل، كما يعد ملحمة عسكرية يُفْتَخَر بها، وتستحق أن تُدَرَّس عبر العصور، وقد شارك الأزهر الشريف في تحقيق هذا النصر المؤزر مشاركة رائعة ورائدة تليق بمسئوليته التي اضطلع بها، ودوره العظيم المنوط به، والثقة التي نالها.

   وتَجلّى دور الأزهر الشريف في هذه الحرب المجيدة في أكثر من جانب، حيث قام كلٌّ من شيخه وقياداته وعلمائه الأجلّاء بالوقوف جنبًا إلى جنبٍ مع جنودنا البواسل، وجَنَّدوا أقلامهم وألسنتهم عَبْرَ منبره وغيره من المنابر، وكذلك عَبْرَ وسائل الإعلام المختلفة المقروءة والمرئية والمسموعة، دعمًا للجنود وتحفيزًا لهم، ورفعًا لحالتهم النفسية، وترقيةً لمشاعرهم المعنوية، وتعبئة لروحهم القتالية، وترسيخًا وتثبيتًا لمحبة الأوطان في قلوبهم، وتأكيدًا على وجوب وفرضية حمايتها والدفاع عنها ضد الغزاة والمعتدين، وتأكيدًا على أن ذلك جزء من العقيدة، وأن الشهادة في سبيل الله دفاعًا عن الدين والوطن والعِرْض من أعظم الأعمال، وأفضل القربات، وأرفع الدرجات عند الله سبحانه وتعالى، فكان يقينهم أنهم على الحق، وأن من عاش عاش حميدًا، ومن مات مات شهيدًا، وكان هدفهم وغايتهم النصر أو الاستشهاد، وكان شعارهم في ميدان المعركة صيحة “الله أكبر” التي زلزلت العدو، وبَثَّتْ الحماسة فى والشجاعة في قلوب جنودنا.

   ومن علماء الأزهر وأعلامه الذين شاركوا في هذا النصر شيخه الدكتور  عبد الحليم محمود، والشيخ : محمد الفحّام، والشيخ : عبد الرحمن تاج، والشيخ : حسن مأمون، والشيخ : محمد متولي الشعراوي، وغيرهم كثير وكثير.

   ولم تقف مشاركة الأزهر ورجاله عند تجنيد أقلامهم وألسنتهم، فقد تقدّم بعضهم لحمل السلاح جنبًا إلى جنب الجنود؛ ليظهروا للعالم كلّه أن أبناء هذا الشعب كلهم أفرادًا ومؤسسات يد واحدة، وفي خندق واحد، يذودون عن حياض الوطن، ويحافظون على ترابه ومُقَدَّراته، وتلك عادة الأزهر دائمًا مع جيش مصر الأَبِيّ وجنوده البواسل ضد الغزاة على مر التّاريخ.

   وذكر الدكتور : أحمد عمر هاشم في بعض أحاديثه أن الإمام الأكبر الدكتور : عبد الحليم محمود – وكان شيخًا للأزهر في ذلك الوقت- رأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قُبَيْل الحرب في المنام يعبر قناة السويس ومعه علماء المسلمين وقواتنا المسلحة، فاستبشر بذلك خيرًا، وأيقن بالنصر قادم بإذن الله، وأخبر الرئيس السادات بتلك البشارة، واقترح عليه أن يأخذ قرار الحرب مطمئنًا إياه بالنصر، ولم يكتف بهذا، بل انطلق عقب اشتعال الحرب إلى منبر الأزهر الشريف، وألقى خطبة عصماء توجه فيها إلى الجماهير والحكام والقادة مُبَيِّنًا أن حربنا مع إسرائيل هى حرب مقدسة ومشروعة في سبيل الله، وأن الذي يموت فيها شهيد وله الجنة، وأن الذي يتخلف عنها ثم يموت فإنه يموت على شعبة من النفاق والعياذ بالله.

   وسيظل الأزهر -إن شاء الله- دائمًا وأبدًا في كل ميادين الجهاد ينشر الوعي الصحيح، ويصحح المفاهيم الخاطئة، ويحارب التطرف بكل أشكاله، ويدافع عن الأمة، ويحافظ على تراب الوطن ومقدراته، ويذود عن حياضه.

   حفظ الله مصرنا العزيزة، وشعبها العظيم، وجيشها الأَبِيّ الشجاع، وأزهرها الشريف، وأيدها بمدده، وعونه ونصره أبد الدهر.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *