التعليق على الحجاب الشكلي
6 يناير، 2025
قضايا شرعية

بقلم الدكتور الشيخ / محمد سعيد صبحي السلمو ( الأزهرى البابي الحلبي )
من وحي الواقع
التعليق على الحجاب الشكلي
إن الحديث عن الحجاب من أكثر المواضيع حساسية في العالم الإسلامي، نظرًا لأنه مرتبط بالهوية الدينية والشرعية، وله تأثير عميق على الفرد و المجتمع. في هذا السياق، لا بد من التأكيد على أن الحجاب ليس مجرد غطاء للرأس، بل هو رمز للحياء و الالتزام بتوجيهات الشريعة الإسلامية في الستر و الاحتشام، ويجب أن يكون له معنى يتجاوز الشكل الظاهري.
الحجاب لا يعني التناقض:
الحجاب ليس مجرد غطاء للرأس، بل هو فريضة دينية تنطوي على التزام داخلي و خُلُقي. فكما قال الله تعالى في القرآن الكريم:
“يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ” (الأحزاب: 59).
الحجاب يجب أن يكون تعبيرًا عن الالتزام الكامل بمعايير الإسلام، ويشمل ذلك الملبس، السلوك، التصرفات، و المواقف. الحجاب ليس فقط غطاء للرأس، بل هو حماية من الفتن و حفاظ على الكرامة، ويجب أن يُظهر الحياء و التواضع في جميع الجوانب.
التفلت لا يتماشى مع الحجاب:
إن الحجاب الذي يُعتبر شعيرة إسلامية يجب أن يكون متماشيًا مع الإسلام في جميع أبعاد الحياة، وليس مجرد غطاء للرأس. فكيف يمكن للمرأة أن تلبس الحجاب وتشارك في حفلات مختلطة أو تحتفل بعيد ميلاد مع غير المسلمين في الشوارع، أو ترقص أمام الرجال، بينما الإسلام يوجهنا إلى الحياء والابتعاد عن المظاهر التي تؤدي إلى الفتنة؟
الإسلام لا يُحرم الاحتفالات أو المشاركة في المناسبات، ولكن الاختلاط غير المشروع و المشاركة في أفعال تنافي الحشمة يتناقض مع الجوهر الحقيقي للحجاب.
الحجاب والتزام القلب والنية:
لا يجب أن ننسى أن الحجاب ليس فقط غطاءً ماديًا، بل هو عهد مع الله و التزام داخلي. المرأة التي تلبس الحجاب يجب أن تسعى لتطبيق القيم الإسلامية في حياتها اليومية، ومنها الحياء، الاحتشام، و الابتعاد عن الفتن. الحجاب هو رمز للاتزان و الحياء، وهو لا يتوافق مع التصرفات التي تُظهر التحدي أو التساهل مع الأخلاقيات الإسلامية.
الابتعاد عن الفتنة:
من المهم أن نحذر من الفتنة التي قد تُنتجها تصرفات مخالفة للشرع. إذا كانت المرأة ترتدي الحجاب ولكنها تُشارك في الأعمال التي تنافي الحشمة مثل الرقص في المناسبات المختلطة أو التعري أو الاحتفال بأعياد غير المسلمين، فإنها بذلك تُعرض نفسها للفتنة وتُقلل من قدرتها على التأثير الإيجابي في المجتمع.
الإسلام يعلمنا أن الفتنة ليست فقط في الظهور بمظهر غير محتشم، بل في النية و السلوك، والمرأة التي تُظهر التزامًا ظاهرًا ولكن تتصرف بعكس ما يقتضيه الحجاب، تفتح الباب أمام الفتن التي قد تؤدي إلى الانحراف عن الطريق الصحيح.
من المؤسف أن نرى في بعض الأحيان، أن بعض النساء يرفضن نصائح العلماء أو آراء الشرع حول الحجاب، ويُصررن على إتباع أهوائهم الشخصية. لكن على المرأة أن تتذكر أن العلماء هم ورثة الأنبياء، وأن ما يُقال في الشرع هو من الحكمة و التوجيه الذي يجب أن يكون أعلى من الأهواء الشخصية. رفض الشرع و إهانة العلماء ليس في مصلحة أي مسلم، لأن الشرع هو الذي يحدد الصراط المستقيم و الطريق الصحيح.
الختام:
الحجاب في الإسلام هو أكثر من مجرد غطاء رأس؛ هو شعيرة دينية تعكس التزام المرأة بالقيم الإسلامية من الحياء و الاحتشام، ويجب أن يترافق ذلك مع السلوك و النية الطيبة. الحجاب الحقيقي هو الذي يحفظ المرأة من الفتن و يُعزز مكانتها في المجتمع، بعيدًا عن التصرفات التي تتناقض مع القيم الإسلامية.
فلنحرص جميعًا على أن نكون ملتزمين بما يرضي الله، وأن نبتعد عن التمثيل الزائف و التناقضات التي قد تضر بنا وبمجتمعنا.