ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين
30 ديسمبر، 2024
منبر الدعاة

بقلم الواعظة : حنان محمد ( واعظة بوزارة الأوقاف المصرية )
الـحمد لله الذي له ما في السماوات ، وما في الأرض ، وله الـحمد في الآخرة، وهو الحكيم الخبير ، والصلاة والسلام على نبينا محمد ، الذي أرسله ربه شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا؛ أما بعد:
إذا تسرب لذهنك الشك وتقول لماذا يصيبني الانتكاسات ونقص ألأموال والقهر والظلم ، وغيرها وانا على حق ؟!
فتذكر جيدا إن الله تعالى قد اصطفى أنبياءه الكِرام ، وجعلهم قدوة للناس ؛ ….
قصة نبي الله يحيى عليه السلام
نبي شاب ، رزق الله أبويه به على كبر ، وسماه بنفسه سبحانه وتعالي ، بل واختار له اسما لم يتسم به أحد قبله.. وصنعه لهما على عينه… فكان آية في الخلق والخلقة.
فضلا عن النبوة …
ثم إذا به يُذبَح شابا على يد ملك ماجن قدم رأسه الشريف مهرا لامرأة بغي!!
ألم تكن الأرض والناس أحوج لهذا النبي الكريم من ذلك الملك الماجن ومن معه؟
ألم يختر الله له اسما فيه معنى الحياة؟
ألم يكن يحيى أكرم على الله من أن يجعله رخيصا تعبث برأسه المقطوعة بغي، أو يستهين بها ظالم؟!
أليس هذا يحيى السيد الحصور الخلوق المحبوب من الناس جميعا لوجهه الحسن وخلقه الأحسن؟
فلِمَ يموت هذه الميتة الشنيعة وهو النبي صغير السن كبير المقام؟!
وهنا وجدت في ثنايا القرآن ولطائف السيرة وروائع السنة ما أراح قلبي، وشفى غليلي
وجدت أن الأهم عند الله ليس وجه يحيى الجميل ولا رأسه الكريم…
الأهم عنده سبحانه هو إقامة الحجة وأداء الأمانة وقد فعل
وبعد ذلك فالجنة أولى بشبابه، وسكانها أولى بجواره، وجدت أن البشرية المعذبة تطفئ مصابيحها بيدها عن طريق ملوكها الظالمين أو شعوبها الآثمين!!
وجدت أن الثبات على المبدأ أفضل عند الله من بقاء النبي ، ولو كان بروعة يحيى.
وجدت أن انتصار العقيدة وأصحابها هي النصر الحقيقي , فما قيمة بقاء أحدنا على حساب دينه؟!
وما قتل يحيى وزكريا وأصحاب الأخدود وآلاف النبيين إلا تأكيداً لهذا المعني..
وكأن الله يقول لك من خلال يحيى عليه السلام وقصته
قم للحق واثبت عليه، فما خلقتك إلا لمثل هذا .
فليحسن كل منا عمله ، وليثبت على دينه ، ثم ليترك الأمر لله
المهم أن يبقى الدين
واخيراً تذكر :
الأنبياء هم أشد الناس ابتلاءً في الحياة الدنيا.
روى ابن ماجه عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، قال: ( قلت: يا رسول الله، أي الناس أشد بلاءً؟ قال: الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، يُبتلَى العبد على حسب دينه، فإن كان في دينه صلبًا، اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رِقة، ابتُلي على حسب دينه، فما يبرح البلاء بالعبد، حتى يتركه يمشي على الأرض، وما عليه من خطيئة) حديث حسن صحيح