الهجرة النبوية المشرفة مليئة بالدروس والعبر
1 سبتمبر، 2024
قبس من أنوار النبوة
بقلم : الداعية الأزهري ومعلم القرآن الكريم الشيخ أحمد صقر
الحمد لله تعالى المنزه عن التشبيه والتمثيل والتجسيد ، وصلاة على نبينا سيد الأولين والاخرين ، وبعد :
تحدثنا فى المقال السابق عن الهجرة النبوية الشريفة وقلنا أن الهجرة النبوية مليئة بالدروس والعبر ومن اهم دروس الهجره ايضا التحلي بالصبر ، والتخلي عن المحببات الدنيويه أو القلبية اذا تعارضت مع دعوة الحق ، ولو تأملنا الهجرة من منظور اخر ، نجدها قد حيطت بالعناء والمشقة والترك ، ولا يمكن لإنسان تحمل كل ذلك إلا لغاية هي اكبر وهى دعوة الحق ، مع التحلي بالصبر ،
قال تعالى : ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ” آل عمران 200
ومن الواضح جليا ان النبي صلى الله عليه وسلم كان محبا لقومه بارا بهم لم يثبت انه تخاصم مع احدهم او عاداهم بل كان محبا للجميع أمينا على أسرارهم واموالهم ، جارا لمن يستجير ، مغيثا للملهوف ناصرا المظلوم وظل هكذا حتى تنبأ بشرف الرساله والتكليف ، ومع هذا لم تتغير مظاهر محبته لقومه ، بل زاد من مظاهر المحبة لهم فكان يصبر عليهم حين رفضوا دعوته ، فكان دائم النصيحة والدعاء لهم
ومن مظاهر محبته صلى الله عليه وسلم لوطنه أيضا يظهر جليا في صورتين احداها كما ذكرنا صبره على ايذاء قومه رغم التنكيل به وباصحابه وثانيها وقوفه صلى الله عليه وسلم على مشارف مكة الوطن الحبيب إلى قلبه حين خروجه للهجرة المباركة وهو يقول لها
“والله إنك لخير أرض الله وأحب أرضٍ إليَّ ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت منك ” الراوي:عبدالله بن عدي بن الحمراء المحدث: ابن عبدالبر الاستذكار
ومن هنا كان الصبر هو الملجأ والركن الذي اعانه على الهجرة فقد صبر على فراق الوطن والاهل وعناء ومشقة السفر حيث كانت طريق السفر غير اعتياديه ووعرة وغير ممهده للسفر
والسؤال هنا لماذا لم يسخر الله تعالى البراق كما كان أثناء رحلة الاسراء والمعراج ؟! والإجابة توضح ما استشكل علينا حيث ان الاسراء والمعراج كانت تشريفاً وهدية للنبي صلى الله عليه وسلم لذلك لزم أن تغلف تلك الهدية بالتيسير والتمهيد والراحة التامة فانها هدية
أما الهجرة ، فكانت تكليفاً ، ومن بنية الكلمة “التكليف ” يتضح انها تلزم معها شيئا من الشدة وبعضا من الصعوبات ليظهر الجَلد والصبر والتحمل ، وليكن المكلف مستحقا للجزاء الذي يناله على صبره وتحمله ، فكان من اهم دروس الهجرة بعد اليقين والعمل على الأسباب التحلي بالصبر وترك المحببات للوصول إلى الهدف الأسما