أقوال علماء الأمّة في نجاة والدى النبى الشريفين :
الإمام فخر الدين الرازي رحمه الله في تفسيره:
[[ مما يدل على أن آباء سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ما كانوا مشركين قوله عليه السلام : (( لم أزل أنقل من أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات )) ، وقال تعالى : (( إنما المشركون نجس )) ، فوجب الإيمان أن لا يكون أحد أجداده مشركا ، قال : ومن ذلك قوله تعالى : (( الذي يراك حين تقوم * وتقلبك في الساجدين )) …]]
الإمام أبو بكر بن العربي المالكي حيث يقول السيوطي عنه :
[[ نقلت بخط الشيخ كمال الدين الشمني والد شيخنا الإمام تقي الدين رحمهما الله تعالى ما نصه :
سئل القاضي أبو بكر بن العربي عن رجل قال : إن أبا النبي صلى الله عليه وسلم في النار ، فأجاب بأنه ملعون ، لأن الله تعالى قال : (( إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا )) ، قال : لا أذى أعظم من أن يقال عن أبيه إنه في النار ]]
( الدرج المنيفة في الآباء الشريفة : 103 )
الحافظ القرطبي في كتابه ( التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة :
[ إن فضل النبي صلى الله عليه وسلم وخصائصه لم تزل تتوالى وتتتابع إلى مماته صلى الله عليه وسلم ، فيكون هذا مما فضله الله تعالى به وأكرمه ، وليس إحياؤهما وإيمانهما به ممتنعا عقلا ، ولا شرعا .. وليس إحياؤهما وإيمانهما بممتنع عقلا ولا شرعا ، فقد ورد في الكتاب إحياء قتيل بني إسرائيل وإخباره بقاتله ، وكان عيسى عليه السلام يحيى الموتى ، وكذلك نبينا صلى الله عليه وسلم أحيا الله تعالى على يديه جماعة من الموتى .. ]] .
سبط ابن الجوزي في كتاب ( مرآة الزمان ) وقال قوم : قد قال الله تعالى : (( وما كنا معذبين حنى نبعث رسولا )) ، والدعوة لم تبلغ أباه وأمه ، فما ذنبهما؟
ذكر الآلوسي في تفسيره عند قوله تعالى ﴿ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ ﴾ الشعراء: ٢١٩
أن القول بإيمان أبويه صلى الله عليه وسلم قول كثير من أجلة أهل السنة .
ثم قال ما نصه : ( وأنا أخشى الكفر على من يقول فيهما رضي الله عنهما على رغم أنف القاري وأضرابه بضد ذلك ) – العلامة ابن حجر الهيتمي
وحديث مسلم : قال رجل يا رسول الله ، أين أبي ؟ قال : (( في النار ))، فلما قفا دعاه فقال : (( إن أبي وأباك في النار )) يتعين تأويله ، وأظهر تأويل عندي : أنه أراد بأبيه عمه أبا طالب ، لما تقرر أن العرب تسمي العم أبا ، وقرينة المجاز في الآية الآتية الشاهدة بخلافه على أصح محاملها عند أهل السنة ، وأن عمه هو الذي كفله بعد جده عبد المطلب … ]( المنح المكية : 102 )
وقال ايضاً (المنح المكيّة ـ شرح القصيدة الهمزيّة):
«وقول أبي حيان: إنّ الرافضة هم القائلون بأنّ آباء النبي صلّى الله عليه وسلّم مؤمنون غير معذَّبين، مستدلّين بقوله تعالى: ( وتقلّبك في الساجدين ).
فلك ردّه: بأنّ مثل أبي حيّان إنّما يرجع إليه في علم النحو وما يتعلّق بذلك، وأمّا المسائل الاُصوليّة فهو عنها بمعزل، كيف والأشاعرة ومن ذكر معهم ـ فيما مرّ آنفاً ـ على أنّهم مؤمنون، فنسبة ذلك للرافضة وحدهم ـ مع أنّ هؤلاء الذين هم أئمّة أهل السنّة قائلون به ـ قصور وأيّ قصور، تساهل وأيّ تساهل»
– بعض ممن ذكرهم الإمام السيوطي في (الدرج المنيفة في الآباء الشريفة صـ 90) :
[[ إن الله أحياهما له ، فآمنا به ، وذلك في حجة الوداع ، لحديث ورد في ذلك عن عائشة رضي الله عنها ـ أخرجه الخطيب البغدادي في ( السابق واللاحق)، والدارقطني ، وابن عساكر ، كلاهما في ( غرائب مالك ) ، وابن شاهين في ( الناسخ والمنسوخ ) ، والمحب الطبري في سيرته ، وأورده السهيلي في ( الروض الأنف ) من وجه آخر بلفظ آخر ، وإسناده ضعيف ، وقد مال إليه هؤلاء الثلاثة مع ضعفه .
وهكذا القرطبي ، وابن المنير ، ونقله ابن سيد الناس عن بعض أهل العلم ، وقال به الصلاح الصفدي في نظم له ، والحافظ شمس الدين بن ناصر الدين الدمشقي في أبيات له ، وجعلوه ناسخا لما خالفه من الأحاديث المتأخرة ، ولم يبالوا بضعفه ، لأن الحديث الضعيف يعمل به في الفضائل والمناقب ، وهذه منقبة]] .
– الإمام ابن شاهين أشار إلى ذلك في كتابه ( الناسخ والمنسوخ ) حيث أورد حديث الزيارة والنهي عن الاستغفار وجعله منسوخا كما نص السيوطي في الدرج المنيفة في الآباء الشريفة صـ – – قال الامام السهيلى رحمه الله ليس لنا ان نقول ان ابوى النبى صلى الله عليه وسلم فى النار لقوله عليه السلام « لا تؤذوا الاحياء بسبب الاموات » والله تعالى يقول { ان الذين يؤذون الله ورسوله } الآية يعنى يدخل التعامل المذكور فى اللعنة الآتية ولا يجوز القول فى الانبياء عليهم السلام بشئ يؤدة الى العيب والنقصان ولا فيما يتعلق بهم.- الحافظ شمس الدين بن ناصر الدين الدمشقي ، اختار أن الله أحيا الأبوين فآمنا بالرسول ، وذلك في كتابه ( مورد الصادي في مولد الهادي ) ،وأنشد :
حبا الله النبي مزيد فضل = على فضل وكان به رؤوفا
فأحيا أمه وكذا أباه= لإيمان به فضلا لطيفا
فسلم فالإله بذا قدير = وإن كان الحديث به ضعيف
– شيخ الإسلام شرف الدين المناوي
وقد نقل عنه السيوطي أنه سئل عن والد النبي صلى الله عليه وسلم : هل هو في النار ؟ فزأر السائل زأرة شديدة ، فقال له السائل : هل ثبت إسلامه؟ فقال : إنه مات في الفترة ، ولا تعذيب قبل البعثة . ا هـ ( مسالك الحنفا : 14 )
– الإمام السيوطي الشافعي (ت 911)
ألف ست رسائل طبعت بالهند سنة 1334هـ،
وهي :
- « مسالك الحنفاء في والدي المصطفى»
- «الدرج المنيفة في الآباء الشريفة»
- «المقامة السندسية في النسبة المصطفوية»
- «التعظيم والمنة في أن أبوي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الجنة»
- «نشر العلمين المنيفين في إحياء الأبوين الشريفين»
- «السبل الجلية في الآباء العلية»
– الحافظ زين الدين العراقي في مورده الهني ومولده السني:
حفظ الإلــه كرامــةً لمحمدٍ……ءاباءهُ الأمجادُ صوناً لاسمهِ
تركوا السفاح فلم يصيبهم عاره… من ءادمٍ وإلى أبيـهِ وأمـهِ – الحافظ ابن سيد الناس
(قال في سيرتة رُوِيَ { أَن عبد الله بن عبد المطّلب وآمنة بنة وهب أبوي النبي صلي الله عليه وسلم وان الله تعالي أحياهما له فامنا به وروي ذلك ايضاً في حق جده عبدالمطلب ثم قال
وهو مخالف لما أخرجة أحمد عن أبي رزين العقيلي قال: : { قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيْنَ أُمِّي فَقَالَ أُمُّك فِي النَّارِ قُلْتُ فَأَيْنَ مَنْ مَضَى مِنْ أَهْلِكَ قَالَ أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ أُمُّكَ مَعَ أُمِّي }
ثم قال: وذكر اهل العلم في الجمع ما حاصله أن من الجائز ان تكون هذه درجة حصلت له عليه الصلاة والسلام بعد أن لم تكن أن يكون الأحياء والأيمان متاخراً عن ذلك فلا معارضة)
الامام الشهاب الخفاجي رحمه الله : ( هامش شرح الشفا 1/ 354
لِوَالِدَيْ طَه مَقَامٌ عَلَا = فِي جَنَّةِ الْخُلْدِ وَدَارِ الثَّوَابِ
وَقَطْرَةٌ مِنْ فَضَلَاتٍ لَهُ = فِي الْجَوْفِ تُنْجِي مِنْ أَلِيمِ الْعِقَابِ
فَكَيْفَ أَرْحَامٌ لَهُ قَدْ غَدَتْ= حَامِلَةٌ تُصْلَى بِنَارِ الْعَذَاب
الإمام القسطلاني الشافعي :
[[ .. والحذر الحذر من ذكرهما بما فيه نقص ، فإن ذلك قد يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم ، فإن العرف جار بأنه إذا ذكر أبو الشخص بما ينقصه ، أو وصف وصف به ، وذلك الوصف فيه نقص تأذى ولده بذكر ذلك له عند المخاطبة .
وقد قال عليه الصلاة والسلام : (( لا تؤذوا الأحياء بسب الأموات )) رواه الطبراني في الصغير ، ولا ريب أن أذاه عليه السلام كفر يقتل فاعله إن لم يتب عندنا …]] .
( المواهب اللدنية : 1 / 348 ) – الإمام الزرقاني في شرح المواهب اللدنية :
[[ … وقد بينا لك أيها المالكي حكم الأبوين ، فإذا سئلت عنهما ، فقل : إنهما ناجيان في الجنة ، إما لأنهما أحييا حتى آمنا ، كما جزم به الحافظ السهيلي والقرطبي ، وناصر الدين بن المنير ، وإن كان الحديث ضعيفا ، كما جزم به أولهم ووافقه جماعة من الحفاظ ، لأنه في منقبة وهي يعمل فيها بالحديث الضعيف .
وإما لأنهما ماتا في الفترة قبل البعثة ولا تعذيب قبلها ، كما جزم به الأبي .
وإما لأنهما كانا على الحنيفية والتوحيد ولم يتقدم لهما شرك ، كما قطع به الإمام السنوسي والتلمساني المتأخر محشي الشفاء .
( شرح المواهب اللدنية : 1 / 349 )
– العلامة البيجوري في شرح البيت التاسع من الجوهرة قال :
[ إذا علمت أن أهل الفترة ناجون على الراجح ، علمت أن أبويه صلى الله عليه وسلم ناجيان لكونهما من أهل الفترة ، بل جميع آبائه صلى الله عليه وسلم وأمهاته ناجون ومحكوم بإيمانهم ، لم يدخلهم كفر ، ولا رجس ، ولا عيب ، ولا شيء مما كان عليه الجاهلية بأدلة نقلية كقوله تعالى : (( وتقلبك في الساجدين )) ، وقوله صلى الله عليه وسلم : (( لم أزل أنتقل من الأصلاب الطاهرات إلى الأرحام الزاكيات )) ، وغير ذلك من الأحاديث البالغة مبلغ التواتر ]
علامة اليمن القاضي محمد بن عمر بحرق الحضرمي الشافعي المتوفى سنة 930 هـ
كما في كتابه ( حدائق الأنوار ومطالع الأسرار في سيرة النبي المختار: 113 )
العلامة السيد محمد عبدالله الجرداني الشافعي يقول :
: [[ مطلب في نجاة أبويه صلى الله عليه وسلم
وبما تقرر تعلم أن أبويه صلى الله عليه وسلم ناجيان لأنهما من أهل الفترة ، بل جميع أصوله صلى الله عليه وسلم ناجون محكوم بإيمانهم ، لم يدخلهم كفر ولا رجس ولا عيب ، ولا شيء مما كان عليه الجاهلية ، بأدلة نقلية وعقلية..]] ( فتح العلام بشرح مرشد الأنام : 1 / 39 ) – قال خادم السنة وقامع البدعة الامام الشيخ يوسف النَبهاني رحمه الله
قد ألف كثير من العلماء مؤلفات مستقلة في نجاة أبويه صلى الله عليه وسلم لا سيما الحافظ السيوطي رحمه الله و جزاه عن الإسلام و المسلمين خير الجزاء فانه ألف في ذلك جملة مؤلفات اثبت فيها نجاتهما ببراهين كثيرة وأقام النكير على من زعم خلاف ذلك من أهل الجمود و الجحود . و قد أطلعت على ثلاثة منها..
ويقول الشيخ محمد أبو زهرة في كتابه خاتم النبيين ( 170,168 /1):
[ ولا شك أن الخبر الذي يقول أن أبا محمد عليه السلام في النار خبر غريب في معناه كما هو غريب في سنده … وقد كان أبو محمد عليه السلام وأمه على فترة من الرسل فكيف يعذبون ؟!! إن هذا مخالف للحقائق الدينية … ولذلك كان الخبر الذي يقول إنهما في النار مردودا لغرابة سنده أولا ولبعد معناه عن الحقيقة ثانيا … وفي الحق أني ضرست في سمعي وفهمي عندما تصورت أن عبد الله وآمنة يتصور أن يدخلا النار , لأنه عبد الله الشاب الصبور الذي رضي بأن يذبح لنذر أبيه وتقدم راضيا… ولماذا يعاقب بالنار ؟!!..وأما الأم الرءوم التي لاقت الحرمان من زوجها فصبرت ورأت ولدها يتيما فقيرا فصبرت ..أيتصور عاقل أن تدخل هذه النار … إني ضرست لا لمحبتي للنبي فقط وإن كانت كافية ولكن لأن قصة آمنة جعلتني لا أستطيع أن أتصور هذه الصبور معذبة بالنار وقد شبهتها بالبتول مريم العذراء لولا أن الملائكة لم تخاطبها … وخلاصة القول وهو ما انتهينا إليه بعد مراجعة الأخبار في هذه المسألة أن أبوي محمد صلى الله عليه وسلم في فترة وأنهما كانا قريبين إلى الهدى وإلى الأخلاق الكريمة التي جاء بها شرع ابنهما من بعد وأنهما كانا على فترة من الرسل ونعتقد أنه بمراجعة النصوص القرآنية والأحاديث الصحيحة لا يمكن أن يكونا في النار , فأمه المجاهدة الصبور الحفية بولدها لا تمسها النار لأنه لا دليل على استحقاقها بل الدليل قام على وجوب الثناء عليها هي وزوجها الذبيح الطاهر … وما انتهينا إلى هذا بحكم محبتنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وإن كنا نرجوها ونتمناها ولكن بحكم العقل والمنطق والقانون الخلقي المستقيم والأدلة الشرعية المستقيمة ومقاصد الشريعة وغاياتها ].اهـ وقال السيوطي رسالته ( مسالك الحنفا في والدي المصطفى ) ما نصه :
تنبيه ثم رأيت الإمام أبا عبد الله محمد بن خلف الأبي بسط الكلام على هذه المسئلة في شرح مسلم فأورد قول النووي فيه أن من مات كافراً في النار ولا تنفعه قرابة الأقربين ثم قال : قلت : أنظر هذا الإطلاق وقد قال السهيلي : ليس لنا أن نقول ذلك فقد قال صلى الله عليه وسلم ( لا تؤذوا الأحياء بسب الأموات ) .