الرُخص في الشريعة: تيسير لا تقصير
3 يونيو، 2025
قضايا شرعية

بقلم الأستاذة : سيدة حسن
علينا أن نكون أكثر علما ووعيا بروح الشريعة خاصة أننا نعيش زمنًا يربط فيه بعض الناس التديّن بالمشقة فقط وينسون أن التيسير أصل من أصول هذا الدين.
من رحمة الله تعالى أن جعل هذا الدين ميسَّرًا، قائمًا على رفع الحرج، ومبنيًا على التدرج والرحمة، لا على المشقة والعنت. ومن صور هذا التيسير: الرُخص الشرعية، وهي الأحكام التي أُبِيحت للمكلَّف تخفيفًا عنه في حالات العذر، دون أن يخرج عن دائرة الطاعة.
قال الله تعالى: “يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر”[البقرة: 185]
وقال النبي ﷺ: “إن الله يحب أن تؤتى رخصه، كما يكره أن تؤتى معصيته” [رواه أحمد].
وفي رواية أخرى: “كما يحب أن تؤتى عزائمه”
هذه ليست مجرد رخصة مباحة… بل هي محبوبة عند الله، يأمر بها ويُثيب عليها إذا أُخذت في وقتها ومكانها.
أمثلة من الرُخص في الشريعة:
الإفطار في رمضان للمريض والمسافر
كما قال تعالى:“فمن كان منكم مريضًا أو على سفر فعدة من أيام أُخر” [البقرة: 184]
فالمريض والمسافر يجوز لهما الفطر، ويقضيان بعد رمضان، دون إثم.
القصر والجمع في الصلاة
المسافر له أن يقصر الصلاة الرباعية، وله أن يجمع بين الظهر والعصر، أو بين المغرب والعشاء، كما فعل النبي ﷺ في أكثر من موضع وقال: “صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته” [رواه مسلم].
الطهارة مع فقد الماء أو العجز عن استعماله
من لم يجد ماءً، أو كان استعماله يضرّه، شرع الله له التيمم، كما قال: تعالي
بسم الله الرحمن الرحيم “فلم تجدوا ماءً فتيمموا صعيدًا طيبًا”
إسقاط بعض التكاليف عن غير المستطيع
الزكاة لا تجب إلا على من يملك النصاب.
الحج لا يجب إلا على من استطاع إليه سبيلًا.
والصلاة تسقط عن المجنون، والنائم، والصبي.
الرسالة التي توصلها الرُخص:
أن الله أرحم بنا من أنفسنا.
وأن الغاية من التكليف ليست في تحقيق المشقة، بل في تحقيق العبودية، ولو بالرخصة.
بل إن الإصرار على العزيمة مع وجود العذر، قد يتحول من عبادة إلى مخالفة، لأنه خلاف ما يحب الله ويرضى.
فلنتذكّر:
▪️ ليس دائمًا الأقرب إلى الله هو الأشد مشقة.
▪️ أحيانًا، الأقرب هو من عرف رحمة الله، وأطاعه في الأخذ بالتيسير.
▪️ وكم من إنسان أجهد نفسه ليُرضي الله، بينما الله قد رخص له وأمره بالراحة!
ديننا دين رحمة.. فلا تحرج نفسك، ولا تحرج غيرك.
ومن وجد في نفسه عذرًا فليأخذ الرخصة، وليعلم أنه في طاعة لا في تقصير .