إعداد فضيلة الشيخ : أحمد عزت
الباحث فى الشريعة الاسلامية
منذ حوالي أسبوعين ظن أحد أصدقائي وأحبابي بي الخير، وطلب مني بحثًا عن التحرش الجنسي والاغتصاب، فأجبته إلى طلبه مستعينًا بالله تعالى، ولو لا ضيق الوقت لأخرجته في وقته وحينه، ولجاء أوفى من ذلك وأوسع، ولكن ما لا يُدرك جله لا يُترك كله، وحسبنا من القلادة ما أحاط بالعنق، وبعد جولة واسعة في الشبكة العنكبوتية جاء هذا البحث خلاصة لعشرات المواقع والدراسات في أسلوبٍ سهلٍ ميسر، فنقول وبالله التوفيق:
مقدمة
حرص الإسلام على المحافظة على كرامة الإنسان وعرضه، وجعل ذلك من المقاصد الكلية العليا التي جاءت الشريعة بتحقيقها، وهي: حفظ النفس والعرض والعقل والمال والدين، وهي مقاصد جاءت بالمحافظة عليها كل الشرائع السماوية.
ومن عظمة الشريعة أنها ارتقت بها من رتبة الحقوق إلى رتبة الواجبات؛ فلم تكتف بجعلها حقوقًا للإنسان حتى أوجبت عليه اتخاذ وسائل الحفاظ عليها، ثم جعلتها مقدمة على حقوق الله المحضة؛ فتقرر في قواعدها أن حقوق الله مبنية على المسامحة وحقوق العباد مبنية على المُشَاحَّة؛ فلا يبرأ الإنسان من عهدتها حتى يؤدي الحقوق لأصحابها.
وجعلت الشريعة انتهاك الحرمات والأعراض من كبائر الذنوب، ومن ذلك جريمةالتحرش، و”التحرُّش”: مصدر “تَحَرَّش” به؛ أي: تعرَّض به ليَهِيجَه، وأصل “الحَرْشُ” في اللغة: التهييج والإفساد والخدش والإغراء، ويُطلَق “التحرشُ” عرفًا على الأفعال والأقوال ذات الطابع الجنسي التي يُتَعرَّض بها للغير.
وقد ظن كثير من أهل الشهوات في زماننا أنهم أحرار في عقولهم و أجسادهم يتصرفون فيها بما تمليه عليهم شهواتهم، فانطلقت أعيُنهم الحائرة تبحث عن فرائسها كما لو كانت في الغابات، فانتشرت الفواحش من زنا ولواط وسُحاق وتحرشات جنسية ربما وصلت إلي الاغتصاب أو القتل، وفي سعيهم للحرام أبغضوا الحلال، فالزواج عندهم مقيد للحريات، والعفة وستر العورات عندهم رجعية لا تواكب العصر، ولا تستحق العفيفة عندهم إلا القذف في عفتها، ولا فرق بين الرجال والنساء في الملبس أو التصرفات، ولم يعد للمحارم عندهم وزن، ولا احترام للأنساب.
و قد أخبرنا النبي ﷺ بوقوع وشيوع هذا البلاء العظيم فقال (إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم ويكثر الجهل ويكثر الزنا ويكثر شرب الخمر ويقل الرجال وتكثر النساء حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد) متفق عليه، وقال (والذي نفسي بيده لا تفنى هذه الأمة حتى يقوم الرجل إلى المرأة فيفترشها في الطريق فيكون خيرهم يومئذ من يقول: لو واريتها وراء هذا الحائط) رواه أبو يعلى وقال الهيثمي ورجاله رجال الصحيح.
ما هو التحرّش الجنسي؟
التحرّش الجنسي هو تصرف عدائي وغير مرغوب به ذو طبيعة جنسية ينتهك كرامة الشخص ويشعره بالإهانة أو الترهيب أو التهديد.
أو هو: أي صيغة من الكلمات غيرمرغوب بها.
أو الأفعال ذات الطابع الجنسي والتي تنتهك جسد أو خصوصية أو مشاعر شخص ما وتجعله يشعر بعدم الارتياح، أو التهديد، أو عدم الأمان، أو الخوف، أو عدم الاحترام، أو الترويع، أو الإهانة، أو الإساءة، أو الترهيب، أو الانتهاك أو أنه مجرد جسد.
يمكن أن يتضمن «التحرش الجنسي» التلميحات الجنسية، أو طلب خدمات جنسية وأي مضايقات لفظية أو جسدية لها طبيعة جنسية.
ويُعرِّف المركز المصري لحقوق المرأة التحرش الجنسي بأنه «كل سلوك غير لائق له طبيعة جنسية يضايق المرأة أو يعطيها إحساسا بعدم الأمان».
ويُعرَّف التحرش الجنسي على أنه أي صيغة من الكلمات غير المرحب بها أو الأفعال ذات الطابع الجنسي والتي تنتهك جسد أو خصوصية أو مشاعر شخص ما وتجعله يشعر بعدم الارتياح، أو التهديد، أو عدم الأمان، أو الخوف، أو عدم الاحترام، أو الترويع، أو الإهانة، أو الإساءة، أو الترهيب، أو الانتهاك أو أنه مجرد جسد.
التحرش الجنسي
هو تنمر أو إكراه على فعل جسدي، أو وعد غير لائق أو غير مرحب به بمكافآت مقابل خدمات جنسية.
وغالبًا ما يتمّ فهم التحرّش الجنسي بشكل خاطئ. ولوقت طويل كان يُعتبر أحد المحرّمات التي لا يجب التحدث عنها بل ولم يكن الناس حتى يستخدمون كلمة “تحرش”. لكننا نؤمن أن هذا لا يُعد مبررًا لتجاهل التحرّش أو للتظاهر بعدم وجوده، والأهم من هذا أن التحرّش الجنسي ليس أمرًا غير مألوف أو أنه يحصل بعيدًا عنا، فنحن جميعًا نراه يحدث يوميًا في شوارعنا.
هذا الى جانب كونه جريمة يعاقب عليها القانون المصرى فهو غير قانوني في معظم البلدان.
وقد تم تجريم التحرش لأول مرة في تاريخ مصر الحديثة في يونيو ٢٠١٤.
أصل الكلمة وتاريخها
يعتبر مصطلح التحرش الجنسي في ظل فهمه الحديث مصطلحًا جديدًا نسبيًا، يبدأ من ١٩٧٠ فصاعدًا، رغم وجود مصطلحات أخرى تعبر عنه قبل تلك الفترة. مصطلح «التحرش الجنسي» تم استخدامه في ١٩٧٣ في «حلقات زحل»
ويتخذ عدة صور فهو إما:
١- لفظيّا
عندما يعطي أحد اهتمامًا جنسيًا غير مرغوبًا به لشخص آخر من خلال تعليقات مكتوبة أو لفظية أو خلال محادثة ما.
٢- غير اللفظي
عندما يعطي أحد اهتمامًا جنسيًا غير مرغوبًا به لشخص آخر من خلال اصدار الأصوات أو القيام بتصرّفات عن بعد.
٣- جسديًا
عندما يستخدم شخص ما القوة الجسدية أو يجبر شخصًا آخر على أي فعل ضد إرادة هذا الأخير.
٤- اغتصاب
يُعَدّ الاغتصاب أو الاعتداء الجنسي من الأشكال الأعنف للتحرش الجنسي وهو جريمة جنائية في اكثرية البلدان.
ويمكن للتحرّش الجنسي أن يأخذ أشكالًا مختلفة وقد يتضمن شكلًا واحدًا أو أكثر في وقت واحد:
٥- النظر المتفحّص:
التحديق أو النظر بشكل غير لائق إلى جسم شخص ما، أجزاء من جسمه وأو عينيه.
٦- التعبيرات الوجهية:
عمل أي نوع من التعبيرات الوجهية التي تحمل اقتراحًا ذو نوايا جنسية (مثل اللحس، الغمز، فتح الفم).
٧- الندءات (البسبسة):
التصفير، الصراخ، الهمس، و أي نوع من الأصوات ذات الإيحاءات الجنسية.
٨- التعليقات:
إبداء ملاحظات جنسية عن جسد أحدهم، ملابسه أو أو طريقة مشيه/تصرفه/عمله، إلقاء النكات أو الحكايات الجنسية، أو طرح اقتراحات جنسية أو مسيئة.
٩- الملاحقة أو التتبع:
تتبع شخص ما، سواء بالقرب منه أو من على مسافة، مشيًا أو باستخدام سيارة، بشكل متكرر أو لمرة واحدة، أو الانتظار خارج مكان عمل/منزل/سيارة أحدهم.
١٠- الدعوة لممارسة الجنس:
طلب ممارسة الجنس، وصف الممارسات الجنسية أو التخيلات الجنسية، طلب رقم الهاتف، توجيه دعوات لتناول العشاء أو اقتراحات أخرى قد تحمل طابعًا جنسيًا بشكل ضمني أو علني.
١١- الاهتمام غير المرغوب به:
التدخل في عمل أو شؤون شخص ما من خلال السعي لاتصال غير مرحب به، الإلحاح فى طلب التعارف والاختلاط، أو طرح مطالب جنسية مقابل أداء أعمال أو غير ذلك من الفوائد والخدمات، وتقديم الهدايا بمصاحبة إيحاءات جنسية، أو الإصرار على المشي مع الشخص أو إيصاله بالسيارة إلى منزله أو عمله على الرغم من رفضه.
١٢- الصور الجنسية:
عرض صور جنسية سواء عبر الإنترنت أو بشكل فعلي.
١٣- التحرّش عبر الإنترنت:
القيام بإرسال التعليقات، الرسائل وأو الصور والفيديوهات غير المرغوبة أو المسيئة أو غير لائقة عبر الإيميل، الرسائل الفورية، وسائل التواصل الاجتماعي، المنتديات، المدونات أو مواقع الحوار عبر الإنترنت.
١٤- المكالمات الهاتفية:
عمل مكالمات هاتفية أو إرسال رسائل نصية تحمل اقتراحات أو تهديدات جنسية.
١٥- اللمس: اللمس، التحسس، النغز، الحك، الاقتراب بشكل كبير، الإمساك، الشد وأي نوع من الإشارات الجنسية غير المرغوب بها تجاه شخص ما.
١٦- التعري:
إظهار أجزاء حميمة أمام شخص ما أو الاستمناء أمام أو في وجود شخص ما دون رغبته.
١٧- التهديد والترهيب:
التهديد بأي نوع من أنوع التحرّش الجنسي أو الاعتداء الجنسي بما فيه التهديد بالاغتصاب.
١٨- الاغتصاب:
استخدام أجزاء الجسم أو غيرها من الأشياء والأدوات لاختراق الفم، أو اختراق الشرج، أو المهبل بالإكراه، أو الإجبار.
١٩- التحرش الجنسى الجماعى:
تحرش جنسى (شامل الاشكال السالف ذكرها) يرتكبها مجموعة كبيرة من الاشخاص تجاه فرد او عدة افراد.
يعد التحرش الجنسى صورة من صور العنف الجنسى والتى تشمل ايضا:
٢٠- الاعتداء الجنسي:
القيام بأفعال جنسية تجاه شخص ما بالإكراه،أو بالإجبار مثل التقبيل القسري والتعرية.
٢١- الانتهاك الجنسي:
يعني الاعتداء الجسدي والفعلي أو التهديد بالاعتداء الجسدي الذي يحمل طابعاً جنسياً، سواء باستعمال القوة أو في ظل ظروف غير متكافئة أو قسرية. ويعد أي نشاطٍ جنسي مع الأطفال (أي الأشخاص دون الـ ١٨ سنة من العمر) انتهاكًا جنسيًا.
٢٢- الاستغلال الجنسي:
يعرّف بأنه إساءة استغلال فعلية أو محاولة إساءة استغلال لحالة ضعف شخص ما، ولتفاوت النفوذ أو الثقة، لأغراضٍ ذات طبيعة جنسية، بما في ذلك -دون حصر- الاستفادة المالية، أو الاجتماعية، أو الاقتصادية، أو السياسية عبر الاستغلال الجنسي لشخصٍ آخر. ويشمل ذلك الجنس التجاري بصرف النظر عن الوضع القانوني للعمل الجنسي في البلد المعني. ويتضمن أيضاً أية حالة تنطوي على إكراهٍ على ممارسة الجنس، أو المطالبة بها من خلال الإحجام عن تقديم المنتجات، أو الخدمات، أو التهديد بذلك، أو ممارسة الابتزاز.