الجولة الوهابية الثالثة (الحملة الوهابية الثالثة)
21 أبريل، 2025
الوهابية ومنهجهم الهدام

اعداد الاستاذ : سيد حسن
المقال الثامن من سلسلة ( الوهابية فكراً وممارسة )
كتاب للدكتور محمد عوض الخطيب
في عهد إمارة مبارك الصباح، الذي كان قد قتل أخويه محمد وجراح ليصفو له الحكم في الكويت، تحرك عبد الرحمن الفيصل وابنه عبد العزيز لاستعادة الإمارة في نجد من ابن رشيد ، وبدأت جولة دموية جديدة كان بطلها هذه المرة عبد العزيز.
كانت نقطة الانطلاق عند توجه مبارك الصباح يرافقه عبد الرحمن الفيصل آل سعود إلى مناطق شمال نجد ، بينما توجه عبد العزيز بن عبد الرحمن إلى الرياض فاستولى عليها .
أما مبارك وعبد الرحمن فاخترقا مناطق حفر الباطن، و”الدهناء” و«الصماء» ووصلا إلى مقربة من القصيم ، ولكن ابن الرشيد قام بهجوم معاكس فهزم الكويتيين والسعوديين وذلك في معركة الصريف في ٣١ آذار ۱۹۰۱ ، فهربوا إلى الكويت ولحق بهم ابن رشيد ولكنه لم يدخل المدينة لأن مدافع البوارج الإنكليزية التي أصبحت قادرة على الوصول إليه ، كانت تهدده .
ولم يكتف عبد الرحمن بالهرب بل أرسل إلى ابنه عبد العزيز فسحبه من الرياض قبل أن يصل إليه ابن الرشيد ، ولما عاد عبد العزيز إلى الكويت واسترجع أنفاسه ، خرج إلى نجد من جديد وأخذ يشن الغارات على القبائل المجاورة للإحساء .
وفي شهر آب (اغسطس) توجه عبد العزيز متسللاً إلى الرياض مع عدد من أعوانه ، وكان العامل عليها عجلان ، من قبل ابن الرشيد. وكانت زوجة عجلان هذا من أقارب عبد العزيز ، فدبر الوهابيون بالاتفاق مع تلك الزوجة خطة لقتل زوجها ، فأدخلت نفراً منهم إلى داخل البيت فكمنوا لعجلان وتمكنوا من قتله صباحاً.
ولكن حراس البيت وعددهم حوالي ثمانية عشر ما لبثوا أن أغلقوا الباب واشتبكوا مع المهاجمين إلا أن الإمدادات بدأت ترد إلى الوهابيين من مجموعات أخرى كانت قد قدمت مع عبد العزيز واختبأت في أمكنة أخرى ، فبلغ عدد المهاجمين في النهاية ثلاثمائة رجل .
ولما شعر الحراس أن لا طاقة لهم بالمهاجمين طلبوا الأمان من الوهابيين فأعطوهم إياه لوجه الله ووجه عبد العزيز على أساس الحفاظ على أرواحهم وإعطائهم الخيار في الإقامة حيث يشاؤون، ففتحوا الأبواب واستسلموا ، فما كان من السعوديين إلا أن قتلوهم وفرقوا أوصالهم ومثلوا بهم.
وبعد الاستيلاء على الرياض توجه عبد العزيز إلى قتال طلال آل رشيد ، فيما كان آل رشيد منشغلين من جهة الكويت. وجرت بين عبد العزيز وطلال معركة في الدلم خسر فيها ابن رشيد مايتين وخمسين من رجاله واستولى عبد العزيز منه على مغانم كبيرة .
وفيما كان ابن رشيد يحاصر مباركاً في الكويت ، أخذ عبد العزيز يغير على القبائل الموالية لابن رشيد وذلك ما بين ۳۱ آذار ( مارس ) و ۱۷ نیسان (ابريل) ۱۹۰۳ فتمكن بذلك فك الحصار عن حلفاء أبيه .
وما شارف عام ۱۹۰۳ على الانقضاء حتى كان عبد العزيز قد أخضع “العارض» منطقة الرياض والوشم و الحوطة والمحمل، وأصبح على أبواب القصيم ، فأخذ يناوش ابن رشيد في تلك المنطقة .
وفي شباط ١٩٠٤ هاجم عبد العزيز ماجد بن محمود بن رشيد القادم من الحماية عنيزة فقتل ثلاثماية وسبعين رجلا من رجاله ، كما قاتل فهيد السبهان عامل ابن رشيد في تلك المنطقة وهزمه.
وفي آذار سنة ١٩٠٤ هاجم عبد العزيز ماجد بن جراد فهزمه وقتل أربعمائة رجل من أتباعه وفي حزيران أغار عبد العزيز على البكيرية فهزمه ابن رشيد الذي كانت تعاونه القوات العثمانية ، ولكن عبد العزيز بقي في المنطقة يناور ثم عاد فهاجم البكيرية واحتلها في ١٣ تموز سنة ١٩٠٤ ، ولكنه تركها منسحباً إلى الرس .
في هذه الأثناء كان ابن رشيد معسكراً في الشنانة ، فتحرك من معسكره هذا إلى جهة غير معلومة ففاجأه عبد العزيز في منطقة و قصر ابن عقيل ، فقتل من رجاله عدداً كبيراً.
ثم خطط عبد العزيز للاستيلاء على القصيم، فتزوج أخت زعيم المنطقة حاكم بريدة صالح بن حسن المهنا آل أبا الخيل . وبعد فترة دعاء مع وجوه المنطقة إلى وليمة ، ولما حضروا ألقى القبض عليه وعلى أولاد أخيه السبعة وتظاهر بإرسالهم إلى حائل وأمر رجاله بقتلهم في الطريق وكان بين الذين قتلوا طفل في الرابعة من عمره. وبعد تحقيق هذا الهدف طلق عبد العزيز أخت صالح المهنا وقتل حوالي خمسمائة من الذين عارضوه في القصيم لتستتب الأمور.
وفي أيار من سنة ۱٩٠٦ فاجأ عبد العزيز آل سعود عبد العزيز آل رشيد وهو عائد من إحدى غزواته ضد بعض القبائل التي دانت لابن سعود . فقتله في أربعمائة من رجاله وذلك في روضة مهناء ، فتراجع من : من رجال ابن الرشيد إلى حائل حيث تولى الإمارة بعد عبد العزيز آل الرشيد ابنه متعب وعمره عندئذ خمس عشرة سنة.
ولكن عبد العزيز اتفق مع أخوال متعب وهم من فرع آخر من القبيلة ، فقتلوا الأمير الجديد وأخويه محمداً وعمره سبع سنوات ومشعلا وعمره خمس سنوات ، وذلك في كانون الأول ( ديسمبر) سنة ١٩٠٦ م / ذي الحجة ١٣٢٤ هـ.
ولكن الحكم عاد إلى أخ آخر لمتعب بن عبد العزيز واسمه سعود بن عبد العزيز المتعب آل الرشيد الذي استأنف التعاون الرشيدي التركي في ظروف كانت فيها الدولة العثمانية تواجه المشاكل في ولايات الرومللي المتبقية لها. أما شريف مكة فلم يكن واقفاً على الحياد ، إذ تحرك بعد احتلال الوهابيين للقصيم ، محاولاً استرجاعها منهم ، فسار إليها ولكن جنوده خذلوه فتراجع .
وفي ١٠ كانون الثاني (يناير) سنة ۱۹۱۰ هاجم عبد العزيز والهزازنة ، في الحريق ، بعد أن تمردوا عليه وأخضعهم ولكنهم عادوا إلى التمرد فهاجمهم في تشرين الثاني من نفس العام.
وفي آذار سنة ۱۹۱۱ هاجم عبد العزيز ( الصفراء ) من فرع السليمان من العجمان في ( المحمرة ) على بعد يومين من الهفوف واستولى على ٢٥٠ بعيراً.
وفي سنة ۱۹۱۱ هـ نشب القتال بين عبد العزيز وعشيرة ابن دبلان وعشيرة ابن محفوظ . وفي ۱۸ آيار (مايو) سار إلى أهل ( الرقيقة ) ، وجرى الصلح بين ابن سعود وهذه القبائل المقيمة في مناطق الإحساء ليصل إلى الساحل الذي تسيطر عليه بريطانيا.
ومن أجل ترسيخ السلطة السعودية الوهابية في الإحساء لجأ عبد العزيز ومستشاروه إلى استخدام رجال الدين للدعوة له. ثم هو تسلل في ٥ جمادى الأولى ۱۲/۱۳۳۱ نیسان ۱۹۱۳ الى جوار الهفوف وأدخل أعداداً من جنوده إلى البساتين المحيطة بها ، ثم فتح لهم عملاؤهم من أهل المدينة ثغرة فدخلوا إليها وهاجموا القلعة التي كان يحميها أربعة وستون جندياً عثمانياً فقتلوهم جميعاً ودخلوا المدينة .
واحتفالاً بالنصر أقام عبد العزيز وليمة دعا إليها عدداً من أهل المنطقة ، فلما حضروا قطع رؤوس بعضهم ووضعها على المائدة وأمر الآخرين أن يأكلوا وإلا ضرب أعناقهم، فأكلوا بعد أن ملأ الرعب قلوبهم وسرى ليملأ قلوب الناس في المنطقة وما حولها . ولكن الثورة ما لبثت أن نشبت في الإحساء، إذ انتقضت العجمان سنة 1915 بعد المعاهدة البريطانية السعودية، ولكن عبد العزيز هاجمهم فالتجأوا إلى الكويت.
وبعد عدة سنوات من التجاذب بين النفوذ الإنكليزي والتركي أثناء الحرب ، أعطي الضوء الأخضر لعبد العزيز لمهاجمة الأراضي الكويتية فوقعت معركة والحمض ، سنة ١٣٣٧ هـ / ١٩١٩م فقتلوا ونهبوا .