زكاة الفطر تساؤلات وأحكام 3
15 مارس، 2025
قضايا شرعية

بقلم فضيلة الشيخ : أحمد عزت حسن
الباحث فى الشريعة الإسلامية
س١٤: ما يُستحب حين إخراجها؟
ج: يستحب حين إخراج زكاة الفطر أن تُراعَى مصلحةُ الفقير على حسب حال المُزكِّي يسارًا وإعسارًا، وباعتبار ما يَطعمه وعيالُه. فمن كان رقيق الحال أخرج زكاته بالحد الأني، ومن كان متوسط الحال، أخرجها وسطًا، ومن كان من ذوي اليسار والغنى أخرجها بالحد الأعلى والقيمة الأعلى.
س١٥: ما هي الحكمة من زكاة الفطر؟ وما فضلها؟
ج: زكاة الفطر، هي شرعة مباركة من شرعة الإسلام العظيم، شرعها الله الحكيم سبحانه، وكل شرائع الله فيها الحِكْمة، عرفها من عرفها وجهلها من جهلها.
وقد حثّ الإسلام على الرفق بالفقراء بإغنائهم عن السؤال في يوم العيد وإدخال السرور عليهم في يوم يسر المسلمون بقدوم العيد عليهم، فينبغي على المسلم الذي أغناه الله من فضله ألا ينسى أخاه الفقير، وأن يسعى على تهدئة نفسه، وراحة باله من سؤال الناس في ذلك اليوم؛ حتى يفرح في العيد هو ومن يعول مثلما يفرح أخوه الغني، وقد قال النبي -ﷺ-: (أغنوهم في هذا اليوم عن السؤال) [البيهقي في الكبرى، والدراقطني في سننه] فهذا هو التكافل الاجتماعي وروح الإخاء الإنساني بين أفراد المجتمع المسلم في أعمق صوره.
وزكاة الفطر فيها حِكَمٌ ظاهرة جلية نص عليها الشارع، كما في الحديث الصحيح عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما مرفوعًا “فرض رسول الله ﷺ زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات” [رواه أبو داود وسكت عنه هو والمنذري ورواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي ورواه ابن ماجه والدارقطني والبيهقي ]
فقوله ﷺ: “طعمة للمساكين” دليل واضح بأن المراد من إيجاب زكاة الفطر هو مساعدة الفقراء وإعالتهم وإغناؤهم عن ذل السؤال وحجزهم عن التطواف بين الناس من أجل الاستعفاف وطلب العون في هذا اليوم البهيج. وفي الأثر “أغنوهم” يعني المساكين عن الطواف في هذا اليوم. [أخرجه البيهقي والدارقطني وفي سنده مقال]
وفي هذا النص حِكْمتان عظيمتان.
الحِكْمة الأولى: ويعود خيرها على الصائم نفسه؛ فهي تطهير لصيام المؤمن، مما يكون قد اعتراه من خلل ونقص وتقصير، فتجبر الخلل الواقع في الصوم، كما يجبر سجود السهو الخلل الواقع في الصلاة، قد يقع الصائم في شهر رمضان ببعض المخالفات التي تخدش كمال الصوم من لغو ورفث وصخب وسباب ونظر محرم.
والحِكْمة الثانية: يعود خيرها على غير الصائم، على الفقراء والمساكين من عباد الله المؤمنين، تعميم الفرحة في يوم العيد لكل المسلمين والناس حتى لايبقى أحد يوم العيد محتاجًا إلى القوت والطعام؛ ومشاركة الناس عيدهم، وتغنيهم عن السؤال والشعور بالمذلة في يوم جعله الله فرحة للمسلمين.
ولها فضل عظيم بينه لنا النبي ﷺ فقد روي عن النبي ﷺ أنه (سئل: أي الصوم أفضل؟ فقال شعبان؛ لتعظيم رمضان قيل: فأي الصدقة أفضل؟ قال صدقة في رمضان) [رواه الترمذي].
س١٦: ما هو وقت إخراج الزكاة الفطر؟
ج: اختلف أهل العلم في أول وقت إخراج زكاة الفطر ويقسم وقت أدائها إلى: وقت الجواز وهو
القول الأول: قبل الفطر بيومين أو ثلاثة. وهو مذهب المالكية والحنابلة،
القول الثاني: يجوز من أول شهر رمضان، وهو المفتى به عند الحنفية والصحيح عند الشافعية.
قالوا: لأن سبب الصدقة الصوم والفطر عنه، فإذا وجد أحد السببين جاز تعجيلها، كما يجوز تعجيل زكاة المال بعد ملك النصاب قبل تمام الحول. ويقول الشيخ عطية صقر -رحمه الله رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر-: “يجوز إخراج زكاة الفِطر من أول يوم من رمضان على ما رآه الشافعيّة، ويجوز أن تؤدَّى قبل يوم العيد بيوم أو يومين عند بعض الأئمة، بل يجوز ذلك قبل رمضان، ولا يجوز تأخيرها عن يوم العيد، والأفضل إخراجُها قبل صلاة العيد؛ لما روى البخاري ومسلم أن رسول اللهﷺـ أمر بزكاة الفِطر أن تؤدَّى قبل خروج الناس إلى الصلاة، قال ابن عباس ـرضي الله عنهما-: “فمن أدّاها قبل الصلاة فهي زَكاة مقبولة، ومَن أدّاها بعد الصّلاة فهي صدقة من الصّدقات”. ووقت مسنون: وهو
القول الثالث: بعد غروب شمس آخر يوم من رمضان، وذلك بدخول ليلة عيد الفطر؛ لأنه الوقت الذي يتحقق به الفطر من رمضان، والأفضل أن تؤدى قبل صلاة العيد لكف المحتاجين عن السؤال يوم العيد.
ويندب إخراجها بعد فجر يوم العيد وقبل الذهاب لصلاة العيد،
وعلى هذا فمن مات قبل غروب شمس ليلة العيد، فلا تجب عليه زكاة الفطر. وعلى القول الثاني تجب.
أما من مات بعد الغروب، وكان ممن تجب عليه تلك الزكاة، فيجب إخراجها عنه عند جمهور أهل العلم.
جاء في التاج والإكليل للمواق المالكي: روى أشهب عن مالك أنها تجب بغروب الشمس من ليلة الفطر، وتسقط عمن توالد، أو أسلم في ذلك الوقت. انتهى.
ويقول ابن قدامة الحنبلي: “الشرط الثاني: دخول وقت الوجوب، وهو غروب الشمس من ليلة الفطر؛ لقول ابن عمر: «فرض رسول الله -ﷺ- زكاة الفطر من رمضان». وذلك يكون بغروب الشمس، فمن أسلم، أو تزوج، أو ولد له ولد، أو ملك عبدًا، أو أيسر بعد الغروب، لم تلزمه فطرتهم، وإن غربت وهم عنده، ثم ماتوا، فعليه فطرتهم؛ لأنها تجب في الذمة، فلم تسقط بالموت ككفارة الظهار.” انتهى.
وفي المنهاج القويم لابن حجر الهيتمي الشافعي: “وتجب زكاة الفطر بشروط” منها: “إدراك وقت وجوبها” بأن يكون حيًّا بالصفات الآتية عند “غروب الشمس ليلة العيد” بأن يدرك آخر جزء من رمضان، وأول جزء من شوال؛ لإضافتها إلى الفطر في الخبر، وأيضًا فالوجوب نشأ من الصوم، والفطر منه، فكان لكل منهما دخل فيه، فأسند إليهما دون أحدهما لئلا يلزم التحكم، فلا تجب بما يحدث بعد الغروب من ولد، ونكاح، وإسلام، وغنى، وملك قنّ، ولا تسقط بما يحدث بعده من نحو موت، ومزيل ملك كعتق، وطلاق ولو بائنًا، أو ارتداد وغنى قريب، ولو قبل التمكن من الأداء؛ لتقررها وقت الوجوب.” انتهى. والله أعلم.
وقالت دار الإفتاء المصرية: “ولا تَجِبُ زكاة الفطر عن الميت الذي مات قبل غروب شمس آخر يومٍ من رمضان؛ لأن الميت ليس من أهل الوجوب، ولا يجب إخراج زكاة الفطر عن الجنين إذا لم يولد قبل مغرب ليلة العيد كما ذهب إلى ذلك جماهير أهل العلم، فالجنين لا يثبت له أحكام الدنيا إلا في الإرث والوصية بشرط خروجه حيًّا، لكن من أخرجها عنه فحسن؛ لأن بعض العلماء-كالإمام أحمد- استحب ذلك؛ لما روي من أن عثمان بن عفان-رضي الله عنه- كان يعطي صدقة الفطر عن الصغير والكبير حتى عن الحمل في بطن أمه؛ ولأنها صدقة عمن لا تجب عليه، فكانت مستحبة كسائر صدقات التطوع.