المرأة نصف المجتمع
10 مارس، 2025
قضايا شرعية

بقلم المستشار الدكتور : محمد فهمي رشاد منصور
مدرس التفسير وأصول الفقه بجامعة القصر الدولية بدولة ليبيا بقسم القانون وعضو هيئة التدريس
خلق الله الكون وجعل الإنسان مستخلفاً في الأرض وخلق الكائنات من كُلٍ كائنٍ زوجين اثنين من ذكرٍ وأنثى وكرَّمَ الله الإنسان ورفع شأنه عن باقي المخلوقات وأسكن أبا البشر آدم وزوجه حواء عليهما السلام الجنة وأمر الملائكة أن يسجدوا لهما وذلك تكريماً لهما ، وهكذا البشرية بدأت بآدم وحواء وكل منهما يكمل الآخر ، وقد خلق الله حواء عليها السلام من أحد أضلاع أبينا آدم ، وقد خلقها من ضلعه وهو نائم حتى لا يشعر بأي ألم ويكرهها ، وحتى تكون قريبة من قلبه وتكون تحت جناحه ليحنو عليها ويحبها وتحبه ، وأراد أن يكون خلقها على آدم هيناً حتى تكون له سكناً وروحاً وقال الله تعالى في سورة الروم – الآية 21 : { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }
في الثامن من آذار من كُلِّ عام يحتفل العالم بيوم المرأة العالمي لما لها من دورٍ هام في المجتمعات عامة ولا تقِلُّ شأناً عن الرجل ، فالمرأه مكملة للرجل وهذه سُنة الحياة ، والمرأة هي أمي وأختي وإبنتي وزوجتي وهي نصف المجتمع ، ولهذا فقد رفع الاسلام من شأن المرأة وأعلى قدرها وقال رسولنا الكريم: (إنما النساء شقائق الرجال)
فالمرأه في مجتمعنا الإسلامي كان لها دوراً ريادياً كبيراً ولا يزال بمشاركة الرجل في كل أمور حياته فشاركته في الحروب وفي التمريض وفي العلم وفي كل المجالات المتاحة وخير مثال على ذلك سيدتنا خديجة أُم المؤمنين رضي الله عنها عندما كانت تسير قوافلها التجارية وتوفر لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم مؤونته اثناء خلوته وتعبده في غار حراء ، ومثال آخر رفيدة الأسلمية التي كانت تقوم على تمريض ومداواة الجرحى أثناء الغزوات
فللمرأة دوراً عظيمٌ منذ بداية الخليقة وهي مصنع الرجال فهي التي تربي وتسهر وتتعب في تربية الأبناء ، وقد كرَّمها الله بأن جعل الجنة تحت أقدامها ، وهذا عكس المجتمعات الغربية التي تمتهن المرأة وتعتبرها سلعة تباع وتشترى ، ويُنظرون علينا ببرامج ظاهرها خير وباطنها شر ويدسون سمومهم من أجل تنفيذ مآربهم الخبيثة لكي يضربوا مجتمعاتنا ويحطوا من قدر المرأة المسلمة ، ولكن الله كاشفهم ،ولا يحيق المكر السيئ الا بأهله .
ومن الواجب علينا في هذا اليوم أن نقف وقفة إكبارٍ وإجلال لسيدة نساء العالم في هذا الزمان ولأيقونة النضال التي تقف جنباً إلى جنب مع إخوتها في النضال تواصل طريق الواجب والثبات ، وهي رمز العزيمة والإرادة – إنها المناضلة والشهيدة والأسيرة والجريحة ، وهي الأُم والأخت والإبنة والزوجة ، فهي بوصلة الإنتصار- إنها المرأة الفلسطينية حارسة الوجود الفلسطيني وهي القُنبلة البيولوجية كما وصفها الشهيد القائد الرمز أبو عمار فهي صانعة الرجال التي تواصل النضال من أجل الوصول الى حقوقها الوطنية بالحرية والعودة وكنس الإحتلال عن كامل التراب الفلسطيني ، فما أعظم الأيادي التي تُحارب وتُعلِّم وتنصر وتداوي وتُربي وتزرع ، وخير مثال نساء غزة حرائر فلسطين الماجدات التي يودعن أبناءهن صابرات مُحتسبات ذلك عند الله في حملة الإبادة والمجازر التي يرتكبها العدو الصهيوني ، وما أعظم هذه المرأة التي تحفظُ عرضها فوق الأرض وتدفن وليدها شهيداً تحت الأرض مودعة له بالزغاريد ، فكل التحية لحرائر فلسطين المرابطات في الأقصى الشريف ، وتحية للأسيرات الفلسطينيات القابضات على جمر الوطن والمقدسات والثوابت ، والرحمة للشهيدات الفلسطينيات هذه الأقمار اللاتي تنير سماء فلسطين
وختاماً أُزجي التحية لكلِّ أم وأخت وإبنة وزوجة حافظة لعرضها وشرفها ومحافظة على دينها وعلى مسؤوليتها في تنشئة أجيال المستقبل ، فالمرأة المسلمة الواعية تشعر بهذه المسؤولية وكما قال رسولنا الكريم (كلكم راعٍ ومسؤولٌ عن رعيته : الإمام راعٍ ومسؤولٌ عن رعيته والرجل راعٍ ومسؤولٌ عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيته فكلكم راعٍ ومسؤولٌ عن رعيته )