يحتفل الأزهر الشريف في هذا اليوم بذكرى تأسيسه فقد مر على تأسيس هذا الصرح العظيم الشامخ قرابة ألف ومائة عام حيث أنه أسس عام ( ٣٥٩ هج ـ ٩٧٠ م ) فى عهد المعز لدين الله الفاطمي ولا يخفى على أحد الدور العظيم الذى قام به الأزهر على مر التاريخ فى شتى المجالات سواء كانت دعوية أو دوره فى الجهاد وإثراء العلم والنهضة العلمية فهذا الصرح العظيم كان ولا يزال أمل الأمة الضائع فى إستعادة أمجادها وعودتها إلى مكانتها فى مصاف الأمم المتقدمة ومن أجل ذالك فنأمل أن يقوم الأزهر الشريف بدوره بقيادة الشيخ أحمد الطيب الذى يحمل على عاتقه قضايا إصلاحية واجتماعية كثيرة فيمتلك الأزهر العديد من المقومات الأساسية التي تمكنه من قيادة نهضة الأمة يمكن أن تكون الركيزة الأساسية لإنطلاقة الصحوة الإسلامية :
الإصلاح الدعوى والقضاء على التطرف :
لاشك أن أكثر ما يؤرق الأمة الإسلامية فى وقتنا الحاضر هو تغلغل الأفكار التكفيرية وإنتشار دعاة التطرف ولا يمكن أن يتم التصدى لهذه الأفكار إلا بنشر التوعية ونشر الإسلام الصحيح بدون تحريف جماعات المتطرفين وخير من يقوم بهذا الدور هو الأزهر الشريف حيث أنه يمتلك المقومات التى تمكنه من القيام بهذا الدور :
ــ يعتنق الأزهر الشريف المذهب الأشعري وهو مذهب أهل السنة والجماعة وهو مذهب أغلب أهل العلم في صدر الإسلام وكان ولا يزال هو مذهب الأغلبية من الأمة حتى مع ظهور منهج الخوارج وعقيدة التجسيم وهو أكثر المناهج إعتدالا
ــ يمكن للأزهر أن يقوم بدور محوري للقضاء على الأفكار الملوثة والمذاهب المتشددة من خلال دعاته الأفاضل وكذلك من خلال الجهات التابعة له كهيئة كبار العلماء والمجلس الأعلى للأزهر ومجمع البحوث الإسلامية وكذلك أساتذة الجامعات .
ــ يتمتع الفكر والمنهج الأزهرى بالوسطية والإعتدال والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة وهذا هو أقرب الطرق لإستمالة عموم وجموع المسلمين اللذين يحتاجون إلى الإرشاد والفتاوى الدينية
ــ يرتبط الأزهر الشريف إرتباطا وثيقاً بالتصوف والتصوف هو أقرب المناهج للتراحم والإلتزام بالأخلاق النبوية الحميدة التي تدعوا إلى اللحمة والتكاتف ونبذ الفرقة.
النهضة العلمية والأدبية والفكرية :
لاشك أن الأمة الإسلامية تعانى فى عصرنا الحاضر من الإضمحلال والركود فى الأمور الدنيوية فلا تزال أمتنا قابعة فى براثن التخلف والتأخر عن الأمم التى كنا نسبقها حينما كانت الحضارة فى بلادنا وللتأخر أسباب كثيرة لا تعد ولا تحصى ولا يسعنا حصرها فى هذه المقالة فالأمر يحتاج إلى تكاتف الجهود المبذولة من العلماء والمفكرين والقادة للخروج بالأمة إلى عصر جديد من التقدم والإذدهار ومما لا جدال فيه أن النهضة الإسلامية التى نأمل فيها يستطيع الأزهر الشريف بكل ما بمتلكه من مقومات أن يكون فرس للرهان ورائدا وقائداً لهذه النهضة من خلال الآتى :
ــ يمتلك الأزهر الشريف جامعة عريقة تضم أكثر من مائة كلية ومعهد فى جميع أنحاء جمهورية مصر العربية وهذه الكليات فى مختلف التخصصات العلمية كالعلوم الشرعية والأدبية والفكرية وكذلك كليات القمة كالطب والهندسة والعلوم وكذلك كليات القانون والتجارة ولا يقتصر الوافدين على جامعة الأزهر على مصر فقط بل يفد إليها طلاب ودارسين من شتى بقاع الأمة العربية والإسلامية ويمكن أن يتم إستخدام هذا الزخم فى النهضة الفكرية والعلمية والثقافية والاجتماعية للأمة الإسلامية من خلال تطوير البحث العلمي وتطبيق النظريات الحديثة فى العلوم المختلفة كما يمكن أن يكون المنهج الأزهرى نقطة إنطلاق لنشر الوعي والتسامح بين الأمة من خلال الطلاب الوافدين وتشبعهم بالمنج الأزهرى ونشره في بلادهم بعد عودتهم .
ــ يمكن للأزهر الشريف أن يتبنى حملة للتوعية الثقافية وصياغة الحداثة في سياق دينى من خلال أساتذته ودعاته المنفتحين حيث أن الأزهر الشريف لا يتسم بالجمود والتزمت وإنما لديه انفتاحاً نحو الأفكار والثقافات المختلفة مادامت تتوافق مع منهج الإسلام.
لم الشمل وإيقاف الخلاف والتناحر بين أبناء الأمة الواحدة:
لا يمكن لأحد أن ينكر أن أهم الأسباب التي أدت إلى ضعف الأمة العربية والإسلامية وتكالب الأعداء عليها هو بث أفكار التناحر والفرقة ونشر سياسية التخوين والتشدق بالمذهبيات والإنتماءات والإتهام بالتكفير والخروج عن الإسلام فلم يجد العدو فرصته إلا بعد الفرقة والتقاتل والتصارع الداخلى ولن تقوم للأمة الإسلامية حضارة بل ولن يستتب لها الأمن إلا بعد ترك الصراعات الداخلية والتناحر ويستطيع الأزهر الشريف أن يقوم بهذا الدور فى تبنى فكرة لم الشمل وإيقاف التقاتل والنزيف الداخلى لما له من أهمية في العالم الإسلامي ولما يحظى به من التقدير والإحترام فى جميع بلدان الأمة.
وأخيراً :
إن الأمة الإسلامية ذات تاريخ عريق يمتد أثره منذ قرابة خمسة عشر قرناً من الزمان والأزهر الشريف هو أحد هذه الأثار والقلاع الشامخة كشمم الجبال فلم ينال منه الدهر على مر السنين ففنى كل من أراد به سوء وظل هو باقياً كالحصن الحصين يزود عن الأمة وعن الإسلام فى كل المحن حفظ الله الأزهر الشريف ورجاله