ذم المظاهر الجوفاء
26 فبراير، 2025
منبر الدعاة
بقلم الدكتور : مصطفى سعفان ( إمام وخطيب بوزارة الأوقاف )
الحمد لله حمدا كثيرا كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، واشهد إن لا اله الا الله وحده لا شريك له جعلنا بالإسلام خير امة اخرجت للناس نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر ، والصلاة والسلام على معلم الناس الخير ، وهادي البشرية الى الرشد وقائد الخلق للحق ، ومخرج الناس من الظلمات الى النور باذن ربهم الى صراط العزيز الحميد ، سيدنا محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعهم بإحسان الى يوم الدين وبعد
فان الإسلام رغب في التواضع وحرم التكبر فذم المظاهر الجوفاء ، وحتى لا يستطيع اي إنسان ان يتعالى على أخيه المسلم فلا يشعر أي فرد بفرق بينه وبين غيره .
فقد جاء في الحديث المتفق عليه من حديث سعد الساعدي رضي الله عنه مر رجل على النبي ﷺ فقال لرجل عنده جالس: مر رجل على النبي ﷺ فقال لرجل عنده جالس: ما رأيك في هذا؟، فقال: رجل من أشراف الناس، هذا والله حري إن خطب أن ينكح، وإن شفع أن يشفع. فسكت رسول الله ﷺ ثم مر رجل آخر، فقال له رسول الله ﷺ: ما رأيك في هذا؟ فقال: يا رسول الله، هذا رجل من فقراء المسلمين، هذا حري إن خطب أن لا ينكح، وإن شفع أن لا يشفع، وإن قال أن لا يسمع لقوله، فقال رسول الله ﷺ: هذا خير من ملء الأرض مثل هذا. متفق عليه.
صلى الله عليه وسلم يلفت نظرنا إلى جوهر الأشياء دون ظواهرها ، ويزن الأشياء بميزان وهو الإحسان كما جاء في حديث صحيح أخر ( رب كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة )
فهذان رجلان احدهما شريف في قومه منعم في الدنيا له كلمه ومكانة عند الناس والآخر عكسه فهو وضيع في قومه فقير الحال رث الهيئة لا يؤبه له والميزان عند الناس ان قيمة المرء تكون في حسبه وفي نسبه وفي منصبه وفي حاله وفي جماله ورأس ماله أما الميزان عند الله فان قيمة المرء تكون في تقواه وإيمانه (ان أكرمكم عند الله اتقاكم ) .
بل ان النبي صلى الله عليه وسلم قال في يوم فتح مكه كما روى ابن حميد و فى تفسير ابن كثير (يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللهَ قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَتَعَاظُمَهَا بِآبَائِهَا، فَالنَّاسُ رَجُلَانِ: بَرٌّ تَقِيٌّ كَرِيمٌ عَلَى اللهِ، وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ هَيِّنٌ عَلَى اللهِ، وَالنَّاسُ بَنُو آدَمَ، وَخَلَقَ اللهُ آدَمَ مِنْ تُرَابٍ، )
وفي الحديث الذي رواه الإمام احمد من حديث أبي هريره ان النبي صلى الله عليه وسلم قال بينما امرأة فيمن كان قبلكم ترضع ابنا لها إذ مر بها فارس متكبر عليه شارة حسنة فقالت المرأة اللهم لا تمت ابني هذا حتى أراه مثل هذا الفارس على مثل هذا الفرس قال فترك الصبي الثدي ثم قال اللهم لا تجعلني مثل هذا الفارس قال ثم عاد إلى الثدي يرضع ثم مروا بجيفة حبشية أو زنجية تجر فقالت أعيذ ابني بالله أن يموت ميتة هذه الحبشية أو الزنجية فترك الثدي وقال اللهم أمتني ميتة هذه الحبشية أو الزنجية فقالت أمه يا بني سألت ربك أن يجعلك مثل ذلك الفارس فقلت اللهم لا تجعلني مثله وسألت ربك ألا يميتك ميتة هذه الحبشية أو الزنجية فسألت ربك أن يميتك ميتتها قال فقال الصبي إنك دعوت ربك أن يجعلني مثل رجل من أهل النار وإن الحبشية أو الزنجية كان أهلها يسبونها ويضربونها ويظلمونها فتقول حسبي الله حسبي الله )
فلقد أصبحنا في الزمان الذي قال عنه وكشف حقيقة أهله صلى الله عليه وسلم فيما روى الديلمى فى مسند الفردوس ( يأتى على الناس زمان لا يتبع فيه عالم ولا يستحيى فيه من الحليم ولا يوقر فيه الكبير ولا يرحم فيه الصغير يقتل بعضهم بعضا على الدنيا قلوبهم قلوب الأعاجم وألسنتهم ألسنه العرب لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا يمشي الصالح فيهم مستخفيا أولئك شرار خلق الله ولا ينظر الله اليهم يوم القيامة ) .
جاء الزمان الذي قال عنه صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه ابو يعلى و ابن خزيمة ( ياتي على أمتي زمان يتباهون بالمساجد ثم لا يعمرونها الا قليلا )
هذا هو الزمان الذي قال عنه صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه احمد وابن ماجة ( سيأتي على الناس سنوات خداعات يصدق فيها الكاذب ويكذب فيها الصادق ويؤتمن فيها الخائن ويخون فيها الأمين وينطق فيها الرويبضة قيل يا رسول الله وما الرويبضة قال الرجل التافه يتكلم في أمر العامة )
جاء الزمان الذي قال عنه معاذ بن جبل رضي الله عنه ( خمس اظلتكم من أدرك منهن شيئا ثم استطاع ان يموت فليمت اولا ان يظهر التلاعن على المنابر ثانيا ويعطى مال الله على الكذب والبهتان ثالثا وسفك الدماء بغير حق رابعا وتقطع الأرحام خامسا ويصبح العبد لا يدري أضال هو أم مهتد) رواه الحاكم ووافقه الذهبي …
وهيا بنا نقف سريعا مع عمر بن الخطاب رضى الله عنه إلى الذي ساروا في ركاب المدنية الزائفة الى الذين يحبون المظاهر الكاذبة الذين يعظمون الجهل عند الناس الى الذين يراؤون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا الى الذين اتبعوا بغير هدى إسلامهم واعرضوا عن سنة نبيهم هيا بنا للعظمة الحقيقية تعالى ايها الموحد الى ملوك الدنيا والآخرة تعالى الى أئمة الهدى لنرى كيف يفكرون وفيما يتحدثون وماذا يريدون
فلقد اخرج الحاكم من طريق ابن شهاب قال خرج عمر بن الخطاب الى الشام ومعنا ابوعبيدة بن الجراح فاتوا على مخاضة ماء وطين على وكان الخادم على ناقته فغاص بها الى المخاضة رضي الله عنه وقد خلع نعليه وجعلهما على عاتقه فقال ابو عبيده يا أمير المؤمنين اانت تفعل هذا وتخلع نعليك وتضعهما على عاتقك وتاخذ بزمام ناقتك وتخوض بها المخاضة ما يسرني ان أهل البلد استشرفوك (رأوك) على هذا الحال فقال عمر رضي الله عنه ايه يا أبا عبيدة لو قالها غيرك لجعلته نكالا لأمة محمد صلى الله عليه وسلم وفي روايه اخرى أوجعته ضربا انا كنا اذل قوم فأعزنا الله بالإسلام فمهما نطلب العزة بغير ما أعزنا الله به أذلنا الله فاذا ابتغينا العزة في الشرق أذلنا الله واذا ابتغينا العزة في الغرب اذلنا الله واذا ابتغينا العزة في المنصب أذلنا الله واذا ابتغينا العزة في الطين أذلنا الله وإذا ابتغينا العزة في المال والأحساب والأنساب أذلنا الله
قال صلى الله عليه وسلم (تعس عبد الدرهم تعس عبد الدينار تعس عبد القطيفة تعس عبد الخميصة تعس وانتكس واذا شيك فلا انتقش )
وصدق صلى الله عليه وسلم اذ يقول في الحديث الذي رواه ابن حبان لا تقوم الساعة حتى يؤتمن الخائن ويخون الأمين وتهلك الوعول وتظهر التحوت قالوا يا رسول الله ما الوعول وما التحوت قال الوعول وجوه الناس وأشرافهم والتحوت الذين كانوا تحت اقدام الناس لا يعلم بهم .
فى الحديث الذى رواه ابن حبان لا تقوم الساعة حتى يؤتمن الخائن ويخون الأمين وتهلك الوعول وتظهر التحوت قالوا يا رسول الله ما الوعول وما التحوت قال صلى الله عليه وسلم الوعول وجوه الناس وأشرافهم والتحوت الذين كانوا تحت أقدام الناس لا يعلم بهم