لماذا رفض الدكتور اسامة الازهري الاستشهاد بقول ابن عثيمين
26 ديسمبر، 2024
الأزهـــــر

بقلم الدكتور الشيخ / محمد سعيد صبحي السلمو ( الأزهرى البابي الحلبي )
بغض النظر عن مخالفة ابن عثيمين للأزهر والاشاعرة
ليس هذا هو السبب الرئيسي في عدم الاعتداد بالاستشهاد في اقواله في الرسائل العلمية
الاستشهاد الأكاديمي في الرسائل العلمية: بين القواعد والمنهجية العلمية
تُعتبر الاستشهادات الأكاديمية جزءًا أساسيًا من بناء الرسائل العلمية والأبحاث الأكاديمية في جميع المجالات.
وهي تمثل الوسيلة التي يعتمد عليها الباحث لإثبات صحة أفكاره وآرائه من خلال الرجوع إلى مصادر موثوقة ومعترف بها.
ولكن، كما هو الحال في جميع مجالات البحث العلمي، يوجد قواعد محددة للاعتماد على المصادر وتقييم مدى صلاحية استخدامها في الاستشهادات.
في هذا السياق، نشهد أحيانًا جدلًا حول المصادر التي يمكن الاستشهاد بها في الأبحاث الأكاديمية، خاصة عندما يتعلق الأمر بالآراء الفقهية أو الدينية.
ومن أبرز هذه القضايا هو ما يتعلّق بالاستشهاد بأقوال بعض العلماء، مثل ابن عثيمين، في أبحاث أكاديمية تُعد ضمن الرسائل العلمية في الجامعات.
المعايير الأكاديمية للاستشهاد
في البداية ، يجب أن نُدرك أن هناك فرقًا بين الاستشهاد و الاستناد إلى الأقوال في الدراسات الأكاديمية.
الاستشهاد الأكاديمي يتطلب أن يكون المصدر الذي يتم الاستشهاد به موثوقًا، وله صفة الاعتماد الأكاديمي. وفيما يتعلق بالفقه والعقيدة، فإن الاستشهاد بأقوال العلماء يتطلب أن يكون هؤلاء العلماء قد اجتازوا معايير معينة، مثل:
1. الصفة الأكاديمية: يجب أن يكون العالم أو الباحث معروفًا بتخصصه في المجال المعني ، وأن تكون له مؤهلات أكاديمية معترف بها، مثل الدكتوراه أو عضوية في هيئات علمية معروفة.
2. التوثيق العلمي: يجب أن تكون أقوال العلماء مبنية على دراسات علمية أو بحوث أكاديمية ذات منهجية واضحة. بمعنى آخر، يجب أن تكون الآراء الفقهية أو العقائدية التي يتم الاستشهاد بها جزءًا من دراسة أكاديمية تم نشرها في دوريات علمية أو كتب معترف بها.
3. التحقق من المصدر: ينبغي أن يكون الاستشهاد موثقًا في مصادر موثوقة، مثل كتب بحثية أكاديمية أو دوريات علمية، وليس من محاضرات أو فتاوى شخصية قد لا تحمل طابعًا أكاديميًا.
موقف ابن عثيمين في السياق الأكاديمي
فيما يتعلق بالشيخ ابن عثيمين ، رغم أنه يُعتبر من مشاهير العلماء في العصر الحديث وله إسهامات كبيرة في مجال الفقه والعقيدة ، إلا أن موقفه من الناحية الأكاديمية يختلف عن العلماء الذين يتم استشهاد بأقوالهم في الأبحاث الأكاديمية وفقًا للمعايير المتبعة في الجامعات.
السبب الرئيسي في عدم الاستشهاد بأقوال ابن عثيمين في الرسائل العلمية ليس متعلقًا فقط بمخالفته للأزهر أو المدرسة الأشعرية، وإنما بسبب منهجية طرحه، وطبيعة المصادر التي يستند إليها. ابن عثيمين كان عالِمًا فقيهًا معروفًا بآرائه الشرعية التي تركزت غالبًا على الفتاوى الشخصية أو الشرح المبسط للمسائل الفقهية، دون أن يكون له أبحاث أكاديمية منشورة تحمل منهجًا علميًا أكاديميًا متكاملًا.
فحتى لو كانت فتاواه محط احترام وتقدير في المجتمع الديني، إلا أنها لا تُعتبر مصدرًا أكاديميًا في سياق الرسائل العلمية التي تتطلب دقة منهجية و (توثيقًا علميًا صارمًا).
التفريق بين الاستشهاد الأكاديمي والمصدر الديني
الفرق بين المصادر الأكاديمية و المصادر الدينية في مجال الاستشهاد يعود إلى طبيعة البحث نفسه. في الجامعات الأكاديمية، يتم التركيز على المنهجية العلمية و المصادر الموثوقة التي تتبع أسسًا علمية معترفًا بها، وهذا يشمل:
– المراجع البحثية التي تتم مراجعتها من قبل مجلس أكاديمي أو لجنة محكمين.
– المؤلفات التي تخضع لمراجعة علمية في دوريات محكمة.
– الأبحاث التي تتم في إطار أكاديمي يعكس المنهجية العلمية ولا يقتصر على الرأي الشخصي.
بينما المصادر الدينية، مثل الفتاوى أو الكتب التي يتم تأليفها لأغراض دعوية أو فقهية شخصية، قد تكون مهمة في فهم النصوص الشرعية، ولكنها لا تُعتبر مراجع أكاديمية بالمعنى الذي يعتمده الباحثون في الجامعات.
مثال استشهاد غير مقبول في رسالة أكاديمية
الواقعة التي تم ذكرها في السؤال، وهي رفض الاستشهاد بقول محدث الديار الشامية الاستاذ الدكتور نور الدين عتر رحمه الله في رسالة أكاديمية في الأزهر ، قد تبدو غريبة للبعض.
ولكن من الناحية الأكاديمية، فإن استشهاد الباحث بقول الدكتور عتر كان مقبولًا لأنه أستاذ جامعي وله مكانة علمية معترف بها في المجال الأكاديمي.
لكن إذا أتى الاستشهاد في غير موضعه أو كان مقابل مراجع قديمة او مصادر او استنادا وليس استشهادا فإنه ربما يرد كلام الاستاذ الدكتور نور الدين عتر هنا
الاستشهاد الأكاديمي في العلوم الدينية: ضرورة التوثيق
باختصار، إن الاستشهاد الأكاديمي في الرسائل العلمية يختلف عن الاستشهاد في الكتب الدينية أو الفتاوى.
الاستشهاد يجب أن يعتمد على مراجع أكاديمية متخصصة ومقبولة وفقًا للمعايير العلمية المتبعة، سواء كانت في الفقه أو في العقيدة.
ابن عثيمين، رغم مكانته الكبيرة عند الكثيرين، لم يقدم أعمالًا أكاديمية تُعتمد كمرجع في الأبحاث الجامعية ، مما يضع أقواله خارج إطار الاستشهاد الأكاديمي في هذا السياق.
إن المعرفة في العلوم الشرعية يجب أن تكون منهجية وواضحة، والجامعات تضع قواعد صارمة لضمان أن البحث العلمي يبقى موضوعيًا ويعتمد على المصادر الأكاديمية الموثوقة، بعيدًا عن الأراء الشخصية أو الطروحات الفقهية التي لا تدعمها دراسات أكاديمية موثوقة.
لم أرد ردا علميا معتبرا من المعترضين على الدكتور اسامة الازهري في رفضه كلام الشيخ ابن عثيمين
فكانت الردود بين التطاول وبين الشخصنة والتنمر والاستعلاء ، لأن اصحاب الردود انفسهم غير أكاديميين ولا يعرفون معنى هذه الجزئية.