مقارنة لطيفة بين قصتي موسى ويوسف عليهما السلام

بقلم الصحفى والاعلامى : عامر كمال

تشابهت قصة سيدنا موسى بن عمران بقصة سيدنا يوسف بن يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم عليهم السلام، والتى ورد سردهما فى سورتى يوسف وسورة القصص من القرآن الكريم، فقد كانا عليهم صلوات الله وسلامه من بيوت انبياء من بنى اسرائيل، وهى بيوت صالحة منيرة بنور الله تعالى ومباركة ببركات الله تعالى، ذلك ان سيدنا موسى بن عمران ينتهى نسبه الى سبط لاوى بن يعقوب عليه السلام

وقد ابتلى كلا منهما عليهم صلوات الله وسلامه بلاءً قد تشابه فى كثير من جزئياته، ولم يطولهما الابتلاء فقط بل طال اصولهما  والديهما فقد ابتلى سيدنا يعقوب عليه السلام بالفقد حتى اصابه الحزن وابيضت عيناه بمعنى أصابهما العمى، وابتلي ام سيدنا موسى عليه السلام بالفقد الا ان الله تعالى رده عليها سريعاً عقب ان ربط على قلبها بالايمان والثبات
قال الله تعالى “وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ” سورة القصص الاية 10 ،
ونورد فيما يلى اوجه التشابه بين القصتين العظيمتين التى وصفهما الله تعالى بقوله ” طسم * تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ * نَتْلُو عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ” سورة القصص الايات من 1 حتى 3 ،

وقوله تعالى ” نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ” سورة يوسف الاية 3،

نورد فيما يلى اوجه التشابه بين القصتين:

فكلاهما عليهم صلوات الله وسلامه بدأت قصتهما بمصر.
وكلاهما عليهم صلوات الله وسلامه كانا مفقودين وهما صغيرين فى السن كان سيدنا موسى عليه السلام رضيعاً وسيدنا يوسف صبياً.

 وكلاهما تم إلقائهما:

أحدهما في الجب، واﻵخر في اليم، فسيدنا يوسف عليه السلام أُلقي في الجب ـ وهو البئر ـ بيدٍ مبغضة على الرغم من ان من القاه هم اخوته من ابيه يعقوب عليه السلام قال تعالى ﴿وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ﴾

أما سيدنا موسى عليه السلام أُلقي في اليم *بيدٍ محبة! وهى يد امه عليها السلام حيث تفذت ما أمر به الوحى الامين بالقائه فى اليم وهو النهر قال ﴿فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي﴾
ونلاحظ انه يوجد فرق عظيم ومباينة بين كلمتي ﴿وَأَلْقُوهُ﴾ و﴿فَأَلْقِيهِ﴾

فاﻷولى: تحمل كمية كبيرة من الحقد والكره.
والثانية: تحمل كمية كبيرة من الحنان والرعاية. وذلك ﻷن اﻷولى ؛ من تدبير البشر ، والثانية ؛ من تدبير رب البشر..

وكلاهما عاشا في قصر ذو شأن :

فسيدنا موسى عليه السلام عاش فى قصر الفرعون وسيدنا يوسف عليه السلام عاش فى قصر عزيز مصر.
وبالقصر الذي سكن به موسى عليه السلام زوجة صاحب القصر ـ السيدة اسيا عليها السلام ـ هي من طلبت أن يتربى موسى لديها، اما بالقصر الذي عاش فيه يوسف فان الزوج عزيز مصر هو من طلب أن يتربى يوسف لديه.

وقد كانت زوجة صاحب القصر الذي عاش به موسى هى مصدر الأمان للرضيع سيدنا موسى عليه السلام، أما زوجة صاحب القصر الذي عاش به يوسف كانت مصدر ابتلاءه.

وكلاهما تحدث القرآن عند بلوغهما سن الرشد بصيغتين متشابهتين:

1_الصيغة الخاصة بيوسف عليه السلام ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾
2_الصيغة الخاصة بموسى عليه السلام ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَىٰ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا ۚوَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾.
وقد حكى القرآن عن حزن أم موسى: ﴿وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا﴾

اما سيدنا يعقوب عليه السلام فقد حكى عن حزنه القرآن: ﴿يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ﴾.
وعن اخواتهما تجد فرقاً عضيماً فان إخوان يوسف عليه السلام هم من ألقوا أخاهم وآذوه. اما أخت موسى عليه السلام هي من بحثت عنه وساعدته.

وعند البحث عن موسى عليه السلام كانت أم موسى هي من طلبت البحث عنه وأرسلت أخته ﴿وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ﴾. اما عند البحث عن يوسف عليه السلام فان أبوه هو من طلب البحث عنه وأرسل إخوة يوسف ﴿يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِن يُوسُفَ﴾.

وكان بداية الفرج ﻷم موسى بلقاء ولدها قوله تعالى ﴿وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ﴾، اما بداية الفرج لسيدنا يعقوب عليه السلام بلقاء ابنه ﴿إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ﴾.
وبشر الله تعالى ام موسى برد صغيرها اليها فأوحى أنه سيرد لها ابنها فقال ﴿إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾ ، كما ان الله تعالى أوحى لسيدنا يعقوب أنه سيرد له ابنه: ﴿وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾.
اما أصحاب القصر الذي عاش به موسى عليه السلام عندما كَبُرَ تصادم معهم وطاردوه ﴿قَالَ أَصْحَابُ مُوسَىٰ إِنَّا لَمُدْرَكُون﴾، اما أصحاب القصر الذي عاش به يوسف: عندما كَبُرَ تصالحوا معه وقرّبوه ﴿إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مكين أمين﴾.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *