خطبة الوداع: ميثاق النبي ﷺ للأمة ودروسها الخالدة
4 يونيو، 2025
منبر الدعاة

بقلم فضيلة الشيخ : إبراهيم رضوان
مسؤل المركز الإعلامي باوقاف القاهرة
مقدمة:
في يوم عظيم من أيام الله، وعلى صعيد عرفات الطاهر، ارتقى النبي محمد ﷺ أعظم منبر عرفته البشرية، يخطب في أكثر من مئة ألف مسلم، يودّعهم ويودّع الدنيا معهم.
خطبة الوداع لم تكن كلمات عابرة، بل وصايا خالدة، ودستورًا أخلاقيًا وإنسانيًا، يصلح لكل زمان ومكان. فيها رسم ﷺ للأمة خارطة الطريق، وبيّن أهم القيم التي تحفظ كيان الأمة، وتُقيم العدل، وتزرع الرحمة بين الناس.
الدروس المستفادة من خطبة عرفات مع الأدلة:
1. حرمة الدماء والأموال والأعراض
الدليل:
قال النبي ﷺ: “إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا.”
متفق عليه
الدرس: تأكيد عظيم على حرمة النفس والمال والعِرض، وبأن كرامة الإنسان في الإسلام محفوظة لا يجوز انتهاكها تحت أي ذريعة.
2. المساواة بين البشر
الدليل:
قال النبي ﷺ: “يا أيها الناس، إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لأعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا لأسود على أحمر، إلا بالتقوى.” رواه أحمد
الدرس: إلغاء كل مظاهر التمييز العنصري أو الطبقي، وتأكيد أن معيار التفاضل الحقيقي هو التقوى والعمل الصالح فقط.
3. التوصية بالنساء
الدليل:
قال النبي ﷺ: “استوصوا بالنساء خيرًا، فإنكم أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله.” رواه مسلم
الدرس: تكريم المرأة في الإسلام، ووجوب معاملتها بالحسنى، وصيانة حقوقها، والاعتراف بمكانتها في الأسرة والمجتمع.
4. إلغاء مظالم الجاهلية: الربا والثأر
الدليل:
قال النبي ﷺ: “ألا وإن كل ربا موضوع، ولكن لكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تُظلمون. ألا وإن كل دم كان في الجاهلية موضوع، وأول دم أضعه من دمائنا، دم ربيعة بن الحارث.”
رواه مسلم
الدرس: قطع دابر الظلم المالي (كالربا) والاجتماعي (كالثأر)، وبداية عهد جديد من العدل والرحمة والتسامح.
5. التمسك بالوحي والقرآن
الدليل:
قال النبي ﷺ: “تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي: كتاب الله.” رواه الحاكم
الدرس: القرآن الكريم هو النور الهادي والمنهج المستقيم، والتمسك به هو الضمان الوحيد للثبات والهداية وعدم الانحراف.
6. أداء الأمانات وتحقيق العدالة
الدليل:
قال النبي ﷺ: “فردوا الأمانات إلى أهلها…”
ضمن خطبة الوداع
الدرس:الأمانة والعدل ركيزتان في بناء المجتمع الإسلامي، وبهما تُصان الحقوق وتُؤدّى الواجبات.
7. وحدة الأمة ونبذ الفرقة
الدليل:
قال ﷺ:“إن الشيطان قد يئس أن يُعبد في أرضكم هذه، ولكنه رضي أن يُطاع فيما سوى ذلك، مما تحقرون من أعمالكم، فاحذروه على دينكم.”
رواه مسلم
الدرس: تحذير من التفرقة، ودعوة لوحدة الصف، وأن أعظم مكائد الشيطان هي زعزعة وحدة الأمة من داخلها.
خاتمة:
خطبة الوداع تمثل آخر وصايا النبي ﷺ للأمة، وهي مجمع للحقوق، ومنارة للهداية، وعنوان للرحمة والعدل.
ومن تمسّك بها نجى، ومن أعرض عنها ضلّ وهلك.
فما أحوجنا في هذا العصر إلى الرجوع إلى هذه المعاني الخالدة، لنبني بها مجتمعاتنا، ونرسم بها مستقبل أمتنا على نهج النبوة