التصوف – إصلاح الدعوة
15 مايو، 2025
منهج الصوفية

بقلم خادم التصوف د. : أحمد شتيه
سطَّر التاريخ سطورا منورة في دعوة إلى الله بالحكمة وحسن الخلق، فقد انتشر الإسلام في دول كثيرة لا يزال الإسلام فيها فتيا إلى يومنا هذا بفعل التجارة بين تلك الشعوب وبين المسلمين الذين تخلقوا بأخلاق الإسلام تخلقا حقيقيا .
فتأمل معي كيف أن سلوك الإنسان هو عنوان صدقه في التمسك بقضية دينه التي هي أهم قضاياه على الإطلاق ؟
وإني موقن أن التصوف هو من أعلى العلوم التي لا يستغني عنها المسلم في سلوكه إلى ربه، وأذكر هنا قول ابن القيم عن التصوف حيث قال في كتابه ( طريق الهجرتين ) : ” هذا العلم – أي :التصوف- هو من أشرف علوم العباد، وليس بعد علم التوحيد أشرف منه، وهو لا يناسب إلا النفوس الشريفة”.
ولكن القرون الأخيرة شهدت تغيرا في نظرة المسلمين إلى التصوف وليس ذلك بزعمي سوى لاختلال مستويات ومظاهر الدعوة إلى التصوف على أيدي كثيرين من الصوفية ضعف علمهم بالعلم الذي ينتسبون إليه، فضعف سلوكهم، وتدنت أخلاقهم وسلوكياتهم ، فضلا عن كونهم لم يقرؤوا مفردات زمانهم، فلم يخاطبوا الناس بما تقبله عقولهم، فكانت طوام متتالية على التصوف وأهله العدول .
لقد حدث شيء كبير من الإفساد في الدعوة إلى التصوف، وليس سبب ذلك سوى تراجع نسب الوعي لدى الطبقة العريضة من الصوفية وهذا حدث بشكل تراكمي عبر عقود متتالية حتى آل الحال إلى ما نحن فيه الآن .
الداعية الناجح الدال على الله إنما يدل على الله بأمرين متلازمين : الحال والقال
أما الحال وهي الأفعال فهي الدالة على صدقه في دعوته
والقال هو الدال على إلمامه بأبعاد منهجه
فإن تطابقا فهو الداعية الحق، وانظر إلى قول أم المؤمنين عائشة عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم : ” كان خلقه القرآن ” أي : طابق فعله منهجه .
وهنا نسأل :
كيف يستسيغ مسلم أن يأخذ دينه من إنسان يدعوه إلى التصوف بينما يراه مفرطا في صلواته ومقصرا في أداء النوافل ومضيعا لورده من القرآن وغير حريص على التنفل أو قيام الليل ؟
كيف يتلقى مسلم دينه من إنسان مدخن أو مجاهر بمعصية أو يطلق بصره في المحرمات أو يعق والديه ؟
وكيف يتلقاه من غير عالم أو مهتم بالعلم أو غير عالم بأساسات التعبد ؟
كيف يقبل مسلم أن ينتسب إلى بيئة فيها اختلاط وحفلات تقوم على ( الإفراط ) في أمر الإنشاد والمعازف حتى صارت كأنها عبادة وليست مجرد مجالس ترويحية .
إن كل ذلك صدر ويصدر وسيصدر من كثيرين من منتسبي الطرق الصوفية ما لم يأخذ على أيديهم من يقوم على الإرشاد وحقوق التربية .
يتبع إن شاء الله