شهر رجب بركات وأنوار

بقلم الشيخ : كريم الأشعرى ( إمام وخطيب بوزارة الأوقاف المصرية )

شهر الله رجب من الأشهر الحرم التي ذكرها مولانا جل جلاله في محكم آياته , فقال سبحانه وتعالى :
” إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والارض منها أربعة حرم……. “ [سورة التوبة، الآية (٣٦)]

هذه الأشهر الحرم التي بينها سيدنارسول اللَّه ﷺ :
” ثلاث متواليات، ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان “ [متفق عليه]

هذا الشهر المعظم له أسماء كثيرة

قبل أن نقف مع أسماء هذا الشهر المعظم علينا أن نعرف بأن كثرة الأسماء دليل على شرف المسمى، وعظم شأنه، وبيان منزلته , والعرب إذا أحبوا شيئا، أو عظموه، أو خافوا شيئا، أكثروا أسماءه، ومن ذلك تسميتهم الأسد بأسماء كثرة منها :
(أسامة، وحيدرة، والليث، وغضنفر)

ولما كان شهر الله رجب معظمًا سمي بأسماء كثيرة ، منها :

الأصم :لأنه لم يسمع فيه صوت سلاح.
الأصب : فيه يصب الخير على العباد صبا.
رجب مضر : نسبة إلى قبيلة مضر، لأنها أكثر القبائل تعظيما له.
الفرد : لأنه منفرد عن بقية الأشهر الحرم التي جاءت متتالية.
المقيم : لأنه ثابت فهو من الأشهر الحرم.

 فضائل هذا الشهر المعظم

أنه من الأشهر الحرم، التي جعلها الله تبارك وتعالى حراما، فلا يظلم الإنسان فيها نفسه، ولا يعتدي على غيره.

قال الله تبارك وتعالى : ” فلا تظلموا فيهن أنفسكم “

والتحريم بالظلم في كل وقت، ولكن تأكد هنا في هذه الأشهر، لحرمتها، وعظمتها.”
ولما كان التحريم بالظلم فيها آكد، دل على أن الأعمال الصالحة فيها مستحبة .

وقد ذكر سيدنا رسول اللَّه ﷺ نوعا من الأعمال في هذه الأشهر،
فقال ﷺ :” صم من الحرم واترك، صم من الحرم واترك، صم من الحرم واترك” [رواه الإمام النسائي وغيره]

(يستحب في رجب)

الإقبال على الطاعات ، والقربات من الذكر الصلاة الصيام ، كثرة الدعاء فيه ، وبالإخص في أول ليلة منه.

وقد ورد في ذلك عن السلف الصالح رضي الله عنهم 

فقال سيدنا عبدالله بن عمر رضي الله عنهما : ” خمس ليال لا يُرد فيهن الدعاء :ليلة الجمعة، وأول ليلة من رجب، وليلة النصف من شعبان، وليلة الفطر، وليلة النحر “ [رواه الإمام عبدالرزاق في مصنفه، والبيهقي في سننه]

وعن سيدنا الإمام الشافعي مثله بقوله رضي الله عنه : (بلغنا أن كان يقال :إن الدعاء يستجاب في خمس ليال : ليلة الجمعة، وأول ليلة من رجب، وليلة النصف من شعبان، وليلة الفطر، وليلة الأضحى)

ومما يلفت أنظارنا إلى استحباب إلاعمال في هذا الشهر المعظم
ما رواه الإمام النسائي في سننه: عن سيدنا أسامة بن زيد رضي الله عنهما أنه قال: يا رسول الله لما أراك تكثر من الصيام في شهر شعبان؟
فقال حضرة النبي ﷺ :” ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان وهو شهر ترتفع فيه الأعمال الى الله، واحب ان يرتفع عملي وانا صائم“
فبين ﷺبأن شهر شعبان يغفل الناس عنه؛

لانه قد وقع بين شهرين عظيمين جاء بعده شهر رمضان
وهو شهر النفحات والبركات والانوار والقرآن، وجاء قبله شهر رجب وهو شهر معظم كان يعظم في الجاهليه، بل نسبه رسول اللَّه ﷺ إلى أكثر قبيلة كانت تعظمه، وسماه باسمها {رجب مضر}

وكذلك هو معظم في الإسلام، بأن جعله الله تعالى شهرا حراما.

ومن أجل ذلك وجب علينا ان ننظر الى هذا الشهر والى انواره ونتخذ منه سلمًا نرتقي به الى حضرة الله جل جلاله، لنكون من اهل العناية، والرعاية، والانس به سبحانه وتعالى

وإن من أجل فضائل هذا الشهر المعظم :
أن الله تبارك وتعالى قد اختاره بداية لحمل سيدتنا آمنة عليها السلام بالنور سيدنا ومولانا محمد ﷺ.

فاللهم بارك لنا في رجب، وبارك لنا في شعبان، وبلغنا رمضان.

اللهم آمين بجاه سيدنا محمد ﷺ سيد الأولين والآخرين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *