بقلم : الداعية الأزهري ومعلم القرآن الكريم الشيخ أحمد صقر
الحمد لله الذي جعلنا من اتباع نبيه وخصنا باستكمال رسالته للعالمين والصلاة والسلام على اشرف النبين والمرسلين الذي كانت حياته نموذجا لسالكين وبعد .
فنبينا الكريم صلى الله عليه وسلم قدَّم جميع براهين المحبة لأمته ولم يترك مجالا للشك في هذا ابدا ، فقد ادى الامانة وبلغ الرسالة على الوجه الكامل لا نقص فيه وبكل تجويد ودقة ، واظهر عميق محبته لامته وحب الخير لهم والخوف عليهم من مصائب الدنيا والاخرة ، وعمل دائما على اصلاح دنيانا واخرتنا معا دون اهمال او طغيان احداهما على الاخرى ، فعلمنا كيف نعيش حياتنا ونعمل لاخرتنا معا قال تعالى في سورة البقرة {وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ}151
مما اثار ذلك في نفوس غير المسلمين ، حتى قيل لسلمان رضي الله عنه قد علمكم نبيكم صلى الله عليه وسلم كل شيء حتى الخراءة قال فقال ،،أجل لقد نهانا أن نستقبل القبلة لغائط أو بول أو أن نستنجي باليمين أو أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار أو أن نستنجي برجيع أو بعظم،، من صحيح مسلم
وكما جاء في الأثر ، اعمل لدنياك كانك تعيش ابدا واعمل لاخرتك كانك تموت غدا ، ومن هنا تعلمنا كيف نحول العادات الى عبادات ، فصارت حياة المسلم منهج مرسوم ، ان اتبعه اثيب به واجير عليه ، وصار عمله او [روتين] يومه العادي سنة يؤجر عليها وينال شرف اتباع النبي صلى الله عليه وسلم ، وخطا بهذا خطوة نحو الجنة
ومن هذه العادات عند ذهابه إلى الفراش للنوم فكل المخلوقات تنام لكن المسلم أن هو نام حسب مراد النبي صلى الله عليه وسلم ووفق سنته ، توضا ونفض فراشه ثلاثا وذكر باذكار النوم ، ونام بجنبه الايمن وان تقلب في نومه او استيقظ ، واراد استكمال نومه فذكر لهذا ذكره الخاص به ، او استيقظ ليومه الجديد فذكر الذكر الخاصه به ثم باشر يومه بالذكر والطهارة والعبادة ، نال على هذا الاجر وكان نومه عبادة وفي جسده صحة وفي يومه بركة وعلى راسه ملائكة حفظة ، ولم ينام على فراشه شيطان ، وان مات مات على الفطرة هذا مع عادة واحدة من عادات يومه
فلو نتخيل هذا الاتباع في باقي عادات اليوم من مأكل ومشرب وقضاء حاجة ، وفي مطهره ومظهره وملبسه ومعاشرة اهله ، والبيع والشراء وجميع اعمال اليوم وغيره ، فكل الدنيا والجميع ينام ويستيقظ وياكل ويشرب ويعمل ويلبس ويقضي حاجته ويقضي شهوته لكن الفارق عظيم ، ان كان الفعل على مراد النبوة ووفق السنة ، فان هذا العبد يتحصل على الحسنات والدرجات والبركات وشرف التشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم وهذا ما كان يميز الصحابة الكرام رضي الله تعالى عنهم
ومن هنا ، تتحول العادة الى عبادة مع الحفاظ على صحة البدن والقلب ، وفاز في الاخرة بالجنة وفي الصحيح عن النبي ﷺ أنه قال: (كل أمتي يدخلون الجنة ، إلا من أبى قيل: يا رسول الله من يأبى؟ قال: من أطاعني دخل الجنة ، ومن عصاني؛ فقد أبى) البخاري
واتباع النبي صلى الله عليه فيه اهم أمرين :
الأمر الأول : تميز هذه الامة بمنهج واحد فتجد حياة المسلمين في المشرق والمغرب على صورة واحدة وحياة واحدة ، عربيهم كعجميهم وغنيهم كفقيرهم ، وتحقق بهذا قوله الناس كاسنان المشط ، فتتيسر حياتنا وتزول كثيرا من المنغصات الحياتية وتصح الابدان وتقل الامراض ويختفي الحسد والطمع ، وربما تغلق المحاكم او يقل عملها ، ويصبح هيئة المسلم وحياته دعوة دون دعوة ، ودون جهد وجهاد ، وقد تقل الحروب الداخلية ، جميع هذا فقط في تطويع العادات اليومية حسب مراد النبي صلى الله عليه وسلم .
الأمر الثانى : اتباع النبي صلى الله عليه وسلم وتطويع العادات حسب مراده لا يعكر الفرحة ولا يتنافى مع طلب اللهو المباح بالمرة ، فتستطيع ان تعيش الحياة بكل افراحها واحزانها ، الفارق الوحيد انها ان كانت بالاتباع فتنال الاجر والبركة فلا يمنع هذا طلب العيش والترف والمتعة الحياة والسياحة وخلافه ، والامثلة على هذا من عصر وحياة النبي صلى الله عليه وسلم لا حصر لها ، واعجب ان ارى انه يشق على المسلم الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في فعل ما
ولكنه يتفانى في تقليد ما يسمى بالموضة واتباع الاجنبي في هذا العمل ، وترك سنة النبي صلى الله عليه وسلم ، وعندما كانت السنة في تقصير الثياب مثلا بمقدار الكعب سموها رجعية وتخلف ، وعندما خرجت علينا الموضة بانيابها لبسنا [البرمودا] بكل حب حتى وصل التقصير حد الركبة والفخذين ، وكادت ان تظهر العورة ، والاكثر عجبا الصنفين من البشر قلدوه ، ولا فرق في هذا بين الرجل والفتاة ، وهكذا ، وقس على هذا جميع عاداتنا وحياتنا ، ثم نتنطع وندعي محبة النبي صلى الله عليه وسلم ونحن ابعد الناس عنه ﴿ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ آل عمران: 31
عن أَبي سعيد الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ، شِبْرًا بِشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا فِي جُحْرِ ضَبٍّ لَاتَّبَعْتُمُوهُمْ ، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ آلْيَهُودَ وَالنَّصَارَى؟ قَالَ: «فَمَنْ؟؟! ) متفق عليه