سلامتك منهم في سلامتهم منك

للسادة الخطباء ، مبحث بعنوان ( سلامتك منهم في سلامتهم منك )
لفضيلة الشيخ : رضا الصعيدى

 

عناصر الموضوع :
1-الدعوة الى السلام الاجتماعي .
2-التحذير من عاقبة الظلم في الدنيا والأخرة.
3- الواجب علينا .

مقدمه:
روي أن الأمام الذهبي قال في سير أعلام النبلاء في ترجمة الشيرازي: حكي عنه قال كنت نائما ببغداد فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر وعمر فقلت يا رسول الله بلغني عنك أحاديث كثيرة عن ناقلي الأخبار فأريد أن أسمع منك حديثا أتشرف به في الدنيا وأجعله ذخرا للآخرة فقال لي يا شيخ وسماني شيخا وخاطبني به وكان يفرح بهذا قل عني “من أراد السلامة فليطلبها في سلامة غيره”

قال السمعاني سمعت هذا بمرو من أبي القاسم حيدر بن محمود الشيرازي أنه سمع ذلك من أبي إسحاق.. انظر ” تهذيب الاسماء واللغات ” 2/ 173، و ” المجموع ” 1/ 26. (2) انظر ” المنتظم ” 9/ 8، و ” صفة الصفوة ” 4/ 66.

الدعوة الى كف الأذى :

عَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَىُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ قَالَ « الإِيمَانُ بِاللَّهِ وَالْجِهَادُ فِى سَبِيلِهِ ». قَالَ قُلْتُ أَىُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ قَالَ « أَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا وَأَكْثَرُهَا ثَمَنًا ». قَالَ قُلْتُ فَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ قَالَ « تُعِينُ صَانِعًا أَوْ تَصْنَعُ لأَخْرَقَ ». قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ ضَعُفْتُ عَنْ بَعْضِ الْعَمَلِ قَالَ « تَكُفُّ شَرَّكَ عَنِ النَّاسِ فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ مِنْكَ عَلَى نَفْسِكَ »

عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ، عن النَّبيّ – صلى الله عليه وسلم – ، قَالَ : (( المُسْلِمُ منْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ ، وَالمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللهُ عَنْهُ ))

قال يحيى بن معاذ الرازي رحمه الله: ليكن حظ المؤمن منك ثلاثة: إن لم تنفعه فلا تضره وإن لم تفرحه فلا تغمه، وإن لم تمدحه فلا تذمه .

وقال رجلٌ لعمر بن عبد العزيز:
“اجعل كبير المسلمين عندك أبًا، وصغيرهم ابنًا، وأوسطهم أخًا، فأيُّ أولئك تحب أن تُسيء إليه؟!”.

عن أبي سعيدٍ الخدريِّ – رضي الله عنه – عن النبِيِّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – أنه قال: ((إيَّاكم والجلوس على الطُّرقات))، فقالوا: ما لنا بدٌّ، إنَّما هي مجالسنا نتحدَّث فيها قال: ((فإذا أبيتم إلاَّ المجالس فأعطوا الطَّريق حقَّها))، قالوا: وما حقُّ الطَّريق؟ قال: ((غضُّ البصر وكفُّ الأذى وردُّ السَّلام، وأمرٌ بالمعروف، ونهيٌ عن المنكر))

وأن يحب المرء للناس ما يحبه لنفسه :
ويقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: ( لا يؤمِن أحدُكم حتّى يحبّ لأخيه ما يحبّ لنفسه) متفق عليه.
ويقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: (من أحبَّ أن يُزحزَح عن النار ويُدخَل الجنّة فلتأتِه منيّته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر؛ وليأتِ إلى النّاس الذي يحبّ أن يؤتَى إليه) رواه مسلم.

لا ضرر ولا ضرار:
وعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ((لا ضَرَر ولا ضِرَار))..

ولا تعتدوا :
ولقد قرر الله في محكم كتابه المجيد كراهية وتحريم الإعتداء على حقوق الناس وأمنهم ، وحض المؤمنين على عدم الإعتداء بقوله تعالى { ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين 190}البقرة ..

لا تظالموا:
نهى الله عن الظلم ، كما في الحديث القدسي عند مسلم: يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما، فلا تظالموا.

عقوبات إيذاء الناس في الدنيا :
الإثم المبين:
قال تعالى:﴿ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 58]، أيْ: ينسبون إليهم ما هم بُرآء منه لَم يعملوه ولَم يفعلوه، وهذا هو البهتان البيِّن أن يحكي أو ينقل عن المؤمنين والمؤمنات ما لَم يفعلوه على سبيل العيب والتنقُّص لهم…ويَعْظُم الإثم إذا كانت الأذيَّة للصالحين والأخيار، وأشد لو كانت الأذيَّة للعلماء والناصحين.

وهل قرأتُم قولَه – سبحانه -: (مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا) [النساء: 123]؟! فقوله تعالى : { يُجْزَ بِهِ } لم يحدد وقته ، كما توترات الأدلة على أن جزاء الظالم في الدنيا قبل الأخرة ، فعن أبي بكرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “ما من ذنبٍ أجدر أن يعجّل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم”. أبو داود.

والباغي هو الظالم، ودعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب، يعني لا مانع لها، يعني أنها مقبولة ولو كانت من عاصٍ.

ومن ضارَّ الناسَ وآذاهم أضرَّ الله به؛ قال -عليه الصلاة والسلام-: “من ضارَّ أضرَّ الله به”. رواه أبو داود.

قصر العمر ( دولة الظلم ساعة ) :
قال تعالى: (فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [الأنعام: 45]، وكان السلف يقرؤون الآيات عند وقوع الأحداث ، قال بعض السلف: “من ظلم خرب بيته”، ومصداقه في القرآن: (فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ).
وَإِيَّاكَ وَالظُّلْمَ مَهْمَا اسْتَطَعْتَ فَظُلْمُ الْعِبَادِ شَدِيدُ الْوَخَمْ
وَسَافِرْ بِقَلْبِكَ بَيْنَ الْوَرَى لِتَبْصُرَ آثَارَ مَنْ قَدْ ظَلَمْ
فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ بَعْدَهُمْ شُهُودٌ عَلَيْهِمْ وَلَا تَتَّهِمْ

تسليط الظالمين على الظالمين :
ومن عقوبات الظالم تسليط ظالم آخر عليه، قال تعالى: (وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) [الأنعام: 129]، ما معنى نولي بعض الظالمين بعضًا؟! يعني نسلط بعضهم على بعض.

فرح الكائنات بموت العاصي :
عن أبي قتادة بن ربعي أنه كان يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر عليه بجنازة فقال: مستريح ومستراح منه” قالوا يا رسول الله ما المستريح والمستراح منه فقال “العبد المؤمن يستريح من نصب الدنيا والعبد الفاجر يستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب (متفق عليه ..

وقال مجاهد رحمه الله : إن البهائم تلعن عصاة بني آدم إذا اشتدت السنة – أي : القحط – وأمسك المطر , وتقول : هذا بشؤم معصية ابن آدم .”

يُحشرون يوم القيامة سُود الوجوه أو زرقا :
قال عز وجل: ﴿ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا ﴾ [طه: 102].
قال البغوي: والزُّرقة هي الخضرة في سواد العين، فيُحشرون زرق العيون سود الوجوه، وقيل: زُرقا: أي عميا، وقيل: عِطاشا.

ويوم القيامة تسودّ وجوه العُصاة.. قال تبارك وتعالى: ﴿ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ ﴾ آل عمران: 106..

احذرالندم بعد فوات الأوان :
قال تعالى : حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100) ( المؤمنون ) .

كل شيء يتعوض إلا العمر، وكل شيء إذا ذهب ربما تستعيده من طريق أو أخرى إلا العمر، سيقولون بعد فوات الفرصة { رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ (107) قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ (108) } ( المؤمنون ) .
ويقول لهم سبحانه: أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ [فاطر:37].

العذاب في النار يوم القيامة:
عن يزيد بن شجرة قال (إن لجهنم لجبابا في كل جب ساحلا كساحل البحر فيه هوام وحيات كالبخاتي وعقارب كالبغال الدلم فإذا سأل أهل النار التخفيف قيل اخرجوا إلى الساحل فتأخذهم تلك الهوام بشفاههم وجنوبهم وما شاء الله من ذلك فتكشطها فيرجعون فيبادرون إلى معظم النيران ويسلط عليهم الجرب حتى إن أحدهم ليحك جلده حتى يبدو العظم فيقال يا فلان هل يؤذيك هذا فيقول نعم فيقال له ذلك بما كنت تؤذي المؤمنين)

وهكذا إيذاء الناس يشمل كل أذى حسي ومعنوي؛ فيدخل في ذلك الاعتداء على مال الغير وأهله وولده ودمه؛ والاستيلاء على أملاكه بغير وجه حق؛ ويشمل أيضًا الاستهزاء واللمز والسخرية من الآخرين .
إن إيذاء الآخرين لم يقتصر على الناس فحسب؛ بل تعدى إلى عالم الحيوانات والقطط والكلاب؛ فنحن نعلم أن امرأة دخلت النار بسبب إيذاء هرة ؛ ودخل رجل الجنة بسبب عطفه وإحسانه إلى كلب .

مواقف ومواعظ :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إِنَّكُمْ لَنْ تَسَعُوا النَّاسَ بِأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَسَعُهُمْ مِنْكُمْ بَسْطُ الْوَجْهِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ ” (أخرجه البزار).

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَا أَنَا وَالدُّنْيَا إِنَّمَا أَنَا وَالدُّنْيَا كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ، ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا» (ابن ماجه) .

جاء يوم الفتح فوقفوا أذلاء بين يديه صلى الله عليه وسلم، – وهم الذين آذوه وطردوه -فقال: (ما تظنون أني فاعل بكم؟) أي: ماذا سأفعل بكم؟ آلمتمونا وضربتمونا وطردتمونا، وذهب أصحابي إلى الحبشة ورجعوا منها، وبعدها ذهبوا المدينة ذهبتم وراءهم، ورصدتم مائة ناقة مكافأة للذي يأتي بمحمد حياً أو ميتاً: (ما تظنون أني فاعل بكم؟ قالوا: خيراً، أخ كريم وابن أخ كريم، قال: لا أقول لكم إلا ما قاله يوسف لإخوته: لا تثريب عليكم اذهبوا فأنتم الطلقاء) .

قال تعالى: ﴿ وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴾ [فصلت: 34 – 35].

مر رجل برجل قد صلبه الحجاج، فقال: يا رب إن حلمك على الظالمين قد أضر بالمظلومين، فنام تلك الليلة، فرأى في منامه أن القيامة قد قامت، وكأنه قد دخل الجنة، فرأى ذلك المصلوب في أعلى عليين، وإذا منادٍ ينادي، حلمي على الظالمين أحلَّ المظلومين في أعلى عليين.

أنواع الظلم :
أنـواع الظـلم اثنان : ظلم الناس وظلم النفس .

الواجب علينا :
1- استِشعار سُنَّة الجزاء من جنسِ العمل:
فإن استِشعار سُنَّة أن الجزاء من جنسِ العمل، واستِحضارها في كل المواقِف والأحداث، خاصَّةً العمل الصالح .. قال ﷺ: الخير لا يأتي إلا بالخير- رواه البخاري: (2842) ، وقال: أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة، وأهل المنكر في الدنيا هم أهل المنكر في الآخرة.. رواه البخاري في الأدب المفرد..

2-تذكر يوم الحساب :
يا ابنَ آدم! إنما هي أعمالٌ يُحصِيها الله ويكتبُها، وسوف تقرؤُها في صحيفَة أعمالِك يوم تلقَاه؛ فمن وجدَ خيرًا فليحمَد الله، ومن وجدَ غيرَ ذلك فلا يلُومنَّ إلا نفسَه، فالجزاءُ من جنسِ العمل، (وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا).

روى عبد الرزاق في “المصنف” (11/178)، وقال الحافظ ابن حجر في “فتح الباري” (13/466) : ” مرسل ، ورجاله ثقات “، عن معمر عن أيوب عن أبي قلابة رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(البِرُّ لا يَبْلَى، وَالِإثْمُ لَا يُنْسَى، وَالدَّيَّانُ لَا يَمُوتُ، فَكُن كَمَا شِئتَ، كَمَا تَدِينُ تُدَانُ).

وروى الخطيب البغدادي في “اقتضاء العلم العمل” (98)، عن مالك بن دينار قال: مكتوب في التوراة ( كَمَا تَدِينُ تُدَانُ، وَكَمَا تَزرَعُ تَحصُدُ) .

قال ابن قتيبة رحمه الله : (ويقولون: “كما تَدِينُ تُدان”، أي: كما تَفعل يُفعل بك، وكما تُجازِي تُجازَى، وهو من قولهم : “دِنْتُه بما صَنَعَ” أي: جازيته).
وجاء في لسان العرب لان منظور (13/164): (أي: كما تُجازِي تُجازَى، أي: تُجَازَى بفعلك وبحسب ما عملت).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أتدرون من المفلس؟) قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: (إنّ المفلس من أمّتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيُعْطَى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أُخِذَ من خطاياهم فطرحت عليه ثمّ طرح في النّار) رواه مسلم.

3- احذر معصية الخلوة ( التبييت للظلم ) :
إذا ما خلوتَ الدهرَ يومُا فــلا * تقلْ خلوتُ ولكن قلْ علىّ رقيبُ
ولا تحسبنَّ اللهَ يغفلُ ســـاعةً * ولا أنّ ما يخفَى عليـــه يغيبُ
وإِذا خَلَوتَ بِرِيبَةٍ في ظُلمَةٍ ***والنَفسُ داعيَةٌ إلى الطُغيانِ
فاِستَحيِ مِن نَظَرِ الإِلَهِ وقل لها*** إنَّ الَّذي خَلَقَ الظَلامَ يَرانِي

واحذر : ( يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ ) ، قال: عثمانُ رَضِيَ اللهُ عنه: (ما أسَرَّ أحدٌ سريرةً إلَّا أظهَرَها اللهُ عزَّ وجَلَّ على صَفَحاتِ وَجهِه وفَلَتاتِ لِسانِهـ)، ، وقد أخبر الله في التنزيل بأن ذلك قد يظهر في الوجه فقال ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول وظهور ما في الباطن على اللسان أعظم من ظهوره في الوجه ، لكنه يبدو في الوجه بدوا خفيا ، لكنه يظهر لأهل الفراسة والنهى.. عن جندب بن سفيان قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ” ما أسر عبد سريرة إلا ألبسه الله رداءها ، إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر ” . رواه الطبراني في الكبير والأوسط وهو حديث ضعيف ..

4- لا تركنوا الى الذين ظلموا :
ان الركون إلى الظالم سبب في انتشار الظلم، قال الله تعالى: (وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمْ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنصَرُونَ) [هود: 113]، ولأن الركون إلى الظالم سكوت عن ظلمه وتأييد له.

5- عدم الاغترار بالامهال :
وان ما تراه الان من كثرة الرزق للعاصين ما هو الا استدراج لهم من الله حتى إذا اخذهم اخذ عزيز مقتدر، فعن عقبة بن عامر  أنه  قال: ” إذا رأيت الله يعطي العبد ما يحب وهو مقيم على معاصيه فأعلم بأنه إستدراج له من الله عز وجل إقرأوا إن شئتم قوله تعالى ” فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ * فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ”الأنعام:445″..كلمة “مبلسون” تعني آيسون ويائسون ومنقطعو الرجاء في رحمة الله..

6- اتّق دعوةَ المظلوم، وتحلل من المظالم :
قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: (واتّق دعوةَ المظلوم، فإنّه ليس بينها وبين الله حجاب) وفي الحديث القدسي: (وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين )،
وعن أبي هريرة – صلى الله عليه وسلم – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (مَن كانت له مَظْلَمَةٌ لأحد من عِرْضِه أو شيء فليتحلّله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أُخِذ منه بقدر مَظْلَمَته، وإن لم تكن له حسنات أُخِذ من سيئات صاحبه فحُمِل عليه) أخرجه البخاري.
وَقَالَ بَعضُ الشُّعَرَاءِ
لا تَلْتَمِسْ مِنْ مَسَاوِي النَّاسِ مَا سَتَرُوا فَيَكْشِفَ اللَّهُ سِتْرًا مِنْ مَسَاوِيكَا
وَاذْكُرْ مَحَاسِنَ مَا فِيهِمْ إذَا ذُكِرُوا وَلَا تَعِبْ أَحَدًا مِنْهُمْ بِمَا فِيكَا
وَاسْتَغْنِ بِاَللَّهِ عَنْ كُلٍّ فَإِنَّ بِهِ غِنًى لِكُلٍّ وَثِقْ بِاَللَّهِ يَكْفِيكَا

7- الدعاء :
كان مِن دعاءِ نبيِّنَا صلَّى اللهُ عليه وسلم: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ، وَتَرْكَ الْمُنْكَرَاتِ، وَحُبَّ الْمَسَاكِينِ، وَأَنْ تَغْفِرَ لِي، وَتَرْحَمَنِي، وَإِذَا أَرَدْتَ فِتْنَةَ قَوْمٍ فَتَوَفَّنِي غَيْرَ مَفْتُونٍ، وَأَسْأَلُكَ حُبَّكَ، وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ، وَحُبَّ عَمَلٍ يُقَرِّبُنِي إِلَى حُبِّكَ) رواه أحمد.

وأخيرا:
يا ربِّ صلِّ على النبيِّ المصطفى.. أزكى الأنامِ وخيرُ من وَطِئَ الثَرى..
يا ربِّ صلِّ على النبيِّ وآلهِ تِعدادَ حبَّاتِ الرِمـالِ وأَكثَرا..بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ؛ ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم…ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم. ﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 201]، ﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الصافات: 180 – 182].