جمعها ورتبها الشيخ / أيمن حمدي الحداد الجمعة ١٠ رجب ١٤٤٦ هجرياً الموافق ١٠ يناير ٢٠٢٥ ميلادياً
عناصر الخطبة: ♦أولاً: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ ♦ثانياً: أثر الأخلاق فى فتح القلوب للإيمان. ♦ثالثاً: التعايش السلمى.
نص الخطبة: الحمد لله رب العالمين أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، وكفى بالله شهيداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شىء قدير وأشهد أن سيدنا محمداً عبدالله ورسوله وصفيه من خلقه وخليله اللهم صلّ وسلّم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين أما بعد؛ فيا أيها المسلمون: لقد حثت جميع الشرائع على مكارم الأخلاق، لأن الأخلاق هى عنوان الأمم المتحضرة، والأخلاق مشترك إنساني عام من القيم والفضائل التي جبل الله عز وجل الناس عليها، كالصدق والكرم والوفاء والعدل والصبر والتسامح وغيرها من المعانٍ المحمودة، وهذا يعنى أصالة الأخلاق وعظمتها وقوتها وسيادتها الفعلية على منظومة القيم الإنسانية، حتى إن العرب قبل الإسلام كانوا يمتدحون مكارم الأخلاق، ويعدونها دليلاً على عقل الرجل وسيادته؛ ولقد علل سيدنا رسول ﷺ بعثته بقوله: «إنما بُعِثتُ لأُتَمِّمَ مكارم الأخْلاقِ» رواه أحمد. وَعَنْ أبي هريرة رضي الله عنه: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّكُمْ لَا تَسَعُونَ النَّاسَ بِأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ لِيَسَعْهُمْ منكم بَسْطُ الْوَجْهِ، وَحُسْنُ الْخُلُقِ» أَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.
فالأخلاق تمثل ركيزة أسياسية من ركائز ديننا الحنيف التي لا يلحقها نسخ ولا تبديل وهي العقائد والعبادات والأخلاق والمعاملات؛ وسوف نلقى الضوء على ذلك من خلال العناصر التالية:
♦أولاً: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾، لقد كان سيدنا رسول الله ﷺ يمتاز بسمو الأخلاق التي لا يحيط بوصفها بيان، حتى فاضت القلوب بإجلاله، من ذلك: – سيدنا رسول الله ﷺ أكمل البشر خُلقاً، قال تعالى:﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ﴾(آل عمران: ١٥٩)، وقال تعالى:﴿لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِين رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ﴾(التوبة: ١٢٨)، وقال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾(الأنبياء: ١٠٧)، ولما سئلت أمنا عائشة رضى الله عنها عن خلق سيدنا رسول الله ﷺ قالت: «كان خُلُقُه القُرآنَ» رواه مسلم.
– ولقد استدلت أمنا خديجة رضى الله عنها بمكارم أخلاق سيدنا رسول الله ﷺ على حسن عاقبته فى الأمور كلها فقالت له حين رجع من الغار خائفاً على نفسه: «كَلاَّ وَاللهِ لا يُخزِيكَ اللهُ أَبَدًا؛ إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصدُقُ الحَدِيثَ، وَتَحمِلُ الكَلَّ، وَتَكسِبُ المَعدُومَ، وَتَقرِي الضَّيفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ» رواه البخارى.
– وُصِفَ سيدنا رسول الله ﷺ فى الكتب السابقة بكمال الأخلاق، فعن عطاء بن يسار قال: لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه فقلت: أخبرني عن صفة رسول الله ﷺ في التوراة؟ فقال: «أجل؛ والله إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن: «يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وحرزًا للأميين، أنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكل، ليس بفظ ولا غليظ، ولا صخاب في الأسواق، ولا يدفع السيئة بالسيئة، ولكن يعفو ويصفح، ولن يقبضه الله حتى يُقيم به الملة والعوجاء، بأن يقولوا: لا إله إلا الله، ويفتح به أعينًا عُميًا، وآذانًا صُمًّا، وقلوبًا غُلفًا» رواه البخاري. – ولقد ملك سيدنا رسول الله ﷺ القلوب بمكارم أخلاقه، فعن عمرو ابن العاص قال: «كان رسول الله ﷺ يقبل بوجهه وحديثه علي حتى ظننت أني خير القوم فقلت: يا رسول الله أنا خير أو أبو بكر؟ فقال «أبو بكر»، فقلت يا رسول الله أنا خير أم عمر؟ فقال «عمر»، فقلت: يا رسول الله أنا خير أم عثمان؟ فقال «عثمان»، يقول عمرو: «فلما سألت رسول الله فصدقني فلوددت أني لم أكن سألته» شمائل الترمذي.
لقد ظن عمرو بن العاص رضى الله عنه أنه أحب الناس وأقرب الناس لقلب النبى ﷺ من حسن تعامله معه. يا من يذكرني بعهدِ أحبتي طاب الحديثُ بذكرهم ويطيبُ أعد الحديثَ علي من جنباته إن الحديثَ عن الحبيبِ حبيبُ ملئ الضلوعَ وفاض عن أجنابها قلبُ إذا ذكرَ الحبيبُ يذوبُ ما زال يخفقُ ضارباً بجناحه يا ليت شعري هل تطيرُ قلوبُ
– ولقد كان الحلم من أجل شمائله ﷺ فعندما كسرت رباعيته وشج وجهه يوم أحد شق ذلك على أصحابه كثيراً، وقالوا: لودعوت عليهم ! فقال: «إنى لم أبعث لعاناً، ولكنى بعثت داعياً، ورحمة، اللهم اهد قومى فإنهم لايعلمون» رواه البخارى. فكان ﷺ أجمل الناس صفحاً، ممتثلاً قوله تعالى:﴿فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ﴾(الحجر: ٨٥-٨٦)، وقوله تعالى: ﴿فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾(الزخرف: ٨٩)، فكان يقابل أذاهم بالصفح الجميل، وكان من عظيم حلمه ﷺ أنه عندما اشتد الأذى به جاءه ملك الجبال يقول: يا محمد إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين، فقال ﷺ: «بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً»، وموقفه مع أهل مكة خير شاهد على عفوه عند المقدرة فلما فتح مكة دخل البيت، فصلى بين الساريتين، ثم وضع يديه على عضادتي الباب، فقال: لا إله إلا الله وحده ماذا تقولون، وماذا تظنون؟ قالوا: نقول خيراً، ونظن خيراً: أخ كريم، وابن أخ، وقد قدرت.. قال: فإني أقول لكم كما قال أخي يوسف: ﴿لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِين﴾(يوسف: ٩٢)، اذهبوا أنتم الطلقاء.
♦ أثر الأخلاق فى فتح القلوب للإيمان؛ لقد كان لحسن الأخلاق بالغ الأثر فى فتح القلوب للهداية والإيمان بالله عز وجل من ذلك:
– إسلام الغلام الذى كان يخدم سيدنا رسول الله ﷺ، فعن أنس رضي الله عنه قال: «كان غلام يهودي يخدم النبي ﷺ فمرض فأتاه يعوده، فقعد عند رأسه فقال له: أسلم، فنظر إلى أبيه وهو عنده، فقال: أطع أبا القاسم .. فأسلم، فخرج النبي ﷺ وهو يقول: «الحمد لله الذي أنقذه من النار» رواه البخاري.
– إسلام ملك عمان، لقد ذكر ابن حجر في الإصابة، أن الجُلَنْدى ملك عُمَان قال: لقد دَلَّنِي على هذا النبي الأمي ﷺ أنه لا يأمر بخير إلا كان أول آخذ به، ولا ينهى عن شر إلا كان أول تارك له، وأنه يَغْلِب فلا يَبْطَرُ، ويُغْلب فلا يجبر – لا يتلفظ بقبيح – وأنه يفي بالعهد وينجز الوعد، وأشهد أنه نبي، فأسلم الجُلَنْدى حُباً فى أخلاق سيدنا رسول الله ﷺ.
– إسلام خصم على بن أبي طالب، لقد فقد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه درعه، فوجدها في يد رجل من غير المسلمين كان قد عرضها في السوق يريد بيعها، فلمّا رآها عرفها، فقال له: هذه درعي كانت قد سقطت عن جمل لي في مكان كذا، فأنكر الرجل، ورفع الأمر إلى القاضي الذى طلب من أمير المؤمنين البينة، فأراد أمير المؤمنين علي رضي الله عنه أن يشهد له الحسن، فأجابه القاضي شريحٌ بأن شهادة الولد لا تجوز لأبيه، فقال عليّ: يا سبحان الله! رجل من أهل الجنة لا تجوز شهادته؟! أما سمعت رسول الله ﷺ يقول: «الحسَنُ والحُسَيْنُ سيِّدا شَبابِ أَهْلِ الجنَّةِ»، إلّا أنّ القاضي شريح أصرّ على موقفه بأنّه لا تجوز شهادة الولد لأبيه، فلما رأى الخصم مثل هذا، قال لعليّ: أشهد أنّها درعك يا أمير المؤمنين.. ثم قال مُتعجباً: أميرُ المؤمنين يقاضيني أمام قاضيه، وقاضيه يقضي لي عليه!!، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فأسلم لِما رأى من العدل في القضاء، فكان موقف شريح وقضاؤه بالحقّ وقَبول أمير المؤمنين وخضوعه لحكم القاضي دون اعتراض سبباً في دخول سارق الدرع فى الإسلام.
– إسلام أهل سمرقند؛ ففى عهد عمر بن عبدالعزيز فتح قتيبة بن مسلم سمرقند عنوة فشكى أهلها ذلك إلى عمر بن عبدالعزيز فأحال الأمر إلى القضاء فحكم القاضي المسلم بخروج جيوش المسلمين منها فدخل أهلها فى دين الله أفواجاً، فما أحوج أمتنا إلى إرساء مثل هذا العدل حتى تنعم بالأمن والأمان، والمحبة والإخاء.
– إسلام جار عبدالله بن المبارك لحسن أخلاق بن المبارك؛ لقد كان لعبد الله بن المبارك جار غير مسلم فأراد أن يبيع داره، فقيل له: بكم تبيع؟ قال: بألفين. فقيل له: لا تساوي إلا ألفاً؟ قال: صدقتم ولكن ألف للدار وألف لجوار عبد الله بن المبارك، فأخبر عبد الله بن المبارك بذلك فأعطاه ثمن الدار، وقال له لا تبعها، فأسلم الرجل لحسن أخلاق بن المبارك..
– إسلام كثير من الشعوب متأثرين بمكارم أخلاق التجار المسلمين؛ لقد انتشر الإسلام بين الصينيين عن طريق التجار المسلمين، وكذلك وصل إلى دول جنوب شرق آسيا كأندونيسيا وماليزيا والفلبين وجزر المالديف التي تقع في الجنوب الغربي من سريلانكا، ودخل الإسلام فيتنام، وألبانيا وغيرها من مناطق البلقان عن طريق لغة الأخلاق الراقية التى تمسك بها التجار المسلمين، لقد غزت مكارم الأخلاق القلوب فلم يملك أصحابها إلا أن يشهدوا أنه لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.
فاتقوا الله عباد الله: واستغفروه وتوبوا إليه، وترجموا أخلاق دينكم الحنيف إلى واقع فى حياتكم تفوزوا برضوان ربكم جل وعلا، أقول قولى هذا، واستغفر الله العظيم لى ولكم..
الخطبة الثانية: الحمد لله وكفى وصلاةً وسلاماً على عباده الذين اصطفى أما بعد؛ فيا عباد الله: إن الإسلام دين الرحمة والتسماح والعدل والإخاء جاء لإسعاد الإنسانية؛ فنجده يُرسخ مفهوم التعايش السلمى؛ فالناس على اختلافهم إخوة في الإنسانية تنشأ بينهم علاقات اجتماعية واقتصادية وسياسية قوامها التعاون والتنسيق وتبادل الخبرات والمنافع ♦ثالثاً: التعايش السلمى؛ لقد رسخ الإسلام مفهوم التعايش السلمى بين الناس جميعاً، فلم يفرق بين إنسان وآخر من أجل لونه أو جنسه أو دينه؛ قال تعالى: ﴿أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾(الحجرات: ١٣)، وعن أبى هريرة رضي الله عنه قال رسول الله ﷺ: «النَّاسُ بنو آدمَ، وآدمُ خُلِق من ترابٍ» رواه الترمذي.
ومن الشواهد التاريخية على ترسيخ الإسلام لمبدأ التعايش السلمي بين جميع الناس: – صحيفة المدينة المنورة؛ لقد كانت صحيفة المدينة بمثابة دستور للتعايش السلمى وضح فيه سيدنا رسول الله ﷺ دعائم الإخوة بين الناس جميعاً وأمن اليهود على دينهم وأموالهم وعاهدهم على الحماية والنصرة فكتب ﷺ كتاباً بين المهاجرين والأنصار ووادع اليهود..
قال ابن القيم رحمه الله: وادع رسول الله من بالمدينة من اليهود وكتب بينه وبينهم كتاب وبادر حبرهم عبدالله بن سلام فدخل في الإسلام.. زاد المعاد.
وهذا خير شاهد على أن الإسلام دين التعايش السلمي لقد استوعبت تشريعاته كل الملل والنحل الأخرى فجعل للإنسان حقوقاً فاقت كل ما أنتجه الفكر البشرى في مجال حقوق الإنسان؛ فعن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال رسول الله ﷺ: «يا أيُّها الناسُ إنَّ ربَّكمْ واحِدٌ ألا لا فضلَ لِعربِيٍّ على عجَمِيٍّ ولا لِعجَمِيٍّ على عربيٍّ ولا لأحمرَ على أسْودَ ولا لأسودَ على أحمرَ إلَّا بالتَّقوَى إنَّ أكرَمكمْ عند اللهِ أتْقاكُمْ» أخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء، والبيهقي في شعب الإيمان.
– كتاب سيدنا رسول الله ﷺ لنصارى نجران؛ لقد وفد نصارى نجران على النبي ﷺ بالمدينة المنورة فحانت صلاتهم فقاموا يصلون في مسجده فأراد الناس منعهم فقال: «دعوهم» فاستقبلوا المشرق فصلوا صلاتهم وكتب لهم النبي عهداً وقال فيه: «لنجران وحاشيتها وسائر من ينتحل دين النصارى في أقطار الأرض جوار الله وذمة محمد رسول الله ﷺ على أموالهم وأنفسهم وملتهم وغائبهم وشاهدهم وعشيرتهم وبيعهم وكل ما تحت أيديهم من قليل أو كثير أن احمى جانبهم وأذب عنهم وعن كنائسهم وبٍيعهم وبيوت صلواتهم أن لهم ما على المسلمين وعلى المسلمين ما عليهم حتى يكونوا للمسلمين شركاء فيما لهم وفيما عليهم» زاد المعاد. ولم يكن هذا مجرد ميثاق لا حظ له في أرض الواقع بل طبق النبي ﷺ ذلك عملياً وخلفاؤه فلم يهدموا كنيسة ولا صومعة بل صانوا جميع أماكن العبادة واحترموها؛ فهذا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه وأرضاه لما كان في طريقه إلى الشام رأى معبداً لليهود قد غيبه الرومان بالتراب فأخذ يزيل عنه التراب حتى يتمكن اليهود من معاودة العبادة فيه مرة أخرى.
– موقف عمر بن الخطاب رضى الله عنه عند فتح بيت المقدس عام ١٥ – ١٦ هجرياً؛ لقد كتب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب لأهل إيلياء عهد أمان عرف بالعهدة العمرية فأعطاهم أماناً على أنفسهم وأموالهم وكنائسهم وبرهم وبحرهم وأن لا ينتقص من ذلك شىء؛ وكذلك فقد رفض رضي الله عنه أن يصلى داخل الكنيسة لئلا يتخذها المسلمون مسجداً مبررين ذلك بقولهم هنا صلى عمر وصلى خارجها وبجوارها بنى مسجد عمر بن الخطاب ولا يزال قائم إلى يومنا هذا ليكون خير شاهد على أن الإسلام دين السلام؛ قال تعالى: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾(الممتحنة: ٨)،
– عمرو بن العاص رضى الله عنه وأرضاه لما فتح مصر؛ أحسن إلى القبط ورد الأنبا بنيامين إلى كنيسته وأعطاه أماناً لأهل ملته بعدما كان القبط مضطهدون من إخوتهم في الدين النصارى الرومان؛ فساد السلام أرض مصر وجميع الأراضي التي فتحها المسلمون.
اللهم اجعل مصر آمنا أماناً وسلما سلاماً وسائر بلاد المسلمين، اللهم اجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، واهدنا لأحسن الأخلاق فإنه لا يهدى لأحسنها إلا أنت، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.. وأقم الصلاة