دور الطرق الصوفية فى نشر الإسلام

تلك حقيقة لا تحتاج من قارئ التراث الصوفي أكثر من أن يعرف كيف قامت الطرق القادرية (نسبة إلى عبد القادر الجيلاني ) والسنوسية (نسبة إلى محمد بن علي السنوسي ) كيف قامت هذه الطرق بنشر الإسلام فى أماكن عديدة، وعليه أن يعرف أن الإسلام انتشر فى الهند بفضل الصوفية وطرقها مثل (الجشتية والكيروية ، والنقشبندية وغيرها ) ويعلل البعض ذلك بقوله: إن التوافق بين المسلمين والكافرين لا يتم إلا بواسطة أولئك الذين يعطون ولا يطلبون ويقرضون ولا يأملون فى شيء ، وكذلك كان الحال فى أندونيسيا. (1)

وحسبنا أن نذكر أن السنوسية – كمثال – قد اتخذت وسائل عديدة لنشر الإسلام، لعل من أهمها أنها كانت تشتري الأرقاء صغارا من السودان، ثم تربيهم فى زواياها حتى إذا تم تعليمهم وأصبحوا قادرين على التعليم أعتقوهم وسرحوهم إلى بلادهم ليعودوا دعاة وهداة، وقد كانوا يخرجون كل عام مائة من هذا النوع من التلاميذ . (2)

وقد وصف الفرنسيون السنوسيين بأنهم أشد صلابة من الحجر الصلد (3).

ويستدل رشيد رضا على صدق الحركة السنوسية والتزامها بالإسلام الحنيف بما كانت تقوم به فرنسا من عداوة ومحاربة لهذه الحركة الصوفية التي أقضت مضاجعها، ولم تكتم فرنسا رغبتها في القضاء على شيخ السنوسية واستئصال قوته. وقد امتدح هذه الطريقة بقوله : “استطاعت فرنسا إفساد بأس جميع طرائق المتصوفة في افريقيا واستمالة شيوخها بالرشوة إلا الطريقة السنوسية” .

ثم يذكر رشيد رضا كيف أن زوايا السنوسية في برقة وأواسط السودان كانت مدارس علم ومساجد عبادة، ومعاقل أمن وحماية، ومنازل ضيافة ومحطات تجارة، وثكنات مرابطة، عمرت بها البلاد، وأمن العباد، وكثر العباد، وحسب لها الطامعون كل حساب
.
ولولا السنوسية لما ذاقت ايطاليا من جهاد العرب في برقة وطرابلس مما أفقدها مئات الألوف من الرجال ، وألوف الألوف من الأموال”. (4)

إن هذه المجالات التي تبرز الدور التاريخي للتصوف الإسلامي ينبغي أن نقرأ التصوف وهي في وعينا ، والقراءة فى ضوء هذه الحقيقة تبعد الدارس عن الوقوع فى خطأ الظن بأن التصو ف الإسلامي كان على هامش الحياة الإسلامية.

1- انظر : الدعوة إلى الإسلام لأبي زهرة ص115
2- ربانية لا رهبانية ص 146
3- مجلة المنار ، رشيد رضا 1: 428
4- السيد رشيد رضا ، للدكتور درنيقة ص 202-203

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *