بقلم الدكتور : مصطفى عبد الله الباحث في العلوم الإنسانية
وتمضي الأيام بنا كأنها سباق مع الزمن، فننغمس في أحلامنا ونركض وراء أمانينا، حتى يغفل الكثير منا عن أنفسهم، عن تلك النضارة التي تسكن أرواحهم.
ولكن، ماذا لو وجدنا الشباب يشيب قبل الأوان؟ ليس شيب الرأس هو المقصود، بل شيب الروح، حينما تغيب الأحلام، وينطفئ الأمل في القلوب.
عندما يشيب الشباب، تصبح الخطوات ثقيلة كأنها تحمل جبال الخيبات، ويصبح الفرح ضيفا نادرا، يزورنا على استحياء. ترى العيون وقد أرهقها السهر في أحضان الحيرة، وتسمع الأنفاس كأنها تنهيدة حياة مثقلة بالأعباء.
تشيب الروح حينما تتراكم الهموم على صدرها كالغبار، فلا تجد من ينفض عنها هذا العبء الثقيل.
ولكن، هل حقا يشيب الشباب؟ أم أن الشيب هو وهم زرعه الخوف في دواخلنا؟ قد تشيب أرواحنا حين نخشى التغيير، حين نخاف أن نبدأ من جديد، وحين نستسلم للألم كأنه قدر محتوم.
لكن الحقيقة أن الشباب لا ينطفئ ما دمنا نؤمن أن الأمل كالشمس، قد يغيب للحظة لكنه لا يموت.
فلنتوقف للحظة، ولننظر في مرآة أرواحنا لنسأل أنفسنا: أين ذهب ذاك الحلم الذي كنا نحمله في قلوبنا كأجمل الألحان؟ لماذا سمحنا للزمن أن ياخذ منا ضحكاتنا، وأن يغرقنا في دوامة الصمت والانعزال؟
الشباب الحقيقي ليس في عافية الجسد ولا في نضارة الوجه، بل في نبض القلب، وفي شعلة الروح التي لا تنطفئ.
فلنكن كالشمس، نسقط في المساء لنشرق من جديد في صباح جديد ولنتذكر دائمًا أن الروح لا تشيب إلا إذا اخترنا أن ندعها تشيب.
اختر أن تبقى شابا بروحك، مهما كثرت الخيبات ومهما اشتدت الصعوبات انفض عن قلبك غبار الأحزان، واملأ أيامك بالأمل.
فالحياة قصيرة، ولا تستحق أن نعيشها بشيب من اليأس والخذلان عندما يشيب الشباب، تذكر أنك أنت من يملك القرار.