سلسلة أولياء المحروسة العارف بالله تعالى الشيخ محمد ابو الذهب بن يوسف بك ابو رمضان
12 أغسطس، 2024
أولياء أمة محمد, منوعات
حرصاً من مجلة روح الإسلام على تتبع سير أولياء مصر فهم أصل الشعب المصرى نستكمل سير الصالحين وسيرتنا فى هذا المقال مع سيدى العارف بالله تعالى الشيخ محمد ابو الذهب بن يوسف بك ابو رمضان
اسمه ونسبه :
هو سيدى محمد ابو الذهب بن يوسف بك ابو رمضان وكان والده من المقربين الى الخديوى ويصاحبه فى بعض الاحيان فى سفرياته الى الاستانة عاصمة الدولة العثمانية وكان والده يمتلك آلاف الأفدنة وكذلك مزارع الخيول التى يخدم فيها عشرات الفلاحين من أهالى القرية ومركز كفر الزيات كله
فقد كان رضى الله عنه من ابناء الرؤساء، وتنتمى اسرته الطبقة الأرستقراطية، وكان يلقب بالبكاوية فكان ينادى بقولهم “محمد بك أبو رمضان”، وحينما ينزل البندر “مدينة طنطا” بجواده ،كان يسبقه خفر مترجل وحارس يسير خلفه بحصان، وقد عرف بين المارة من أبناء طنطا بمحمد بك أبو الذهب، وقد أرجعوا سبب التسمية إلى سرج الحصان المؤطر بالذهب الذى كان يركبه.
حياته :
كانت حياته كحياة غيره من ابناء الطبقة الارستقراطية، إقامة الحفلات والولائم وغيرها، وفى أحد المرات أصاب سيدى محمد ابو رمضان قبض، فترك حفل السرايا وقصد الدور العلوى، وجلس وحيداً فى غرفته فسمع هاتفاً يقول له “أولتك العناية الإلهية أن تصير مسئولاً عن مديرية الغربية يا محمد يابو رمضان!!!”.
انتفض شيخنا لذلك الصوت، والتفت للفراغ يبحث عن مصدر الصوت، لكنه عاد وتكرر بنفس النبرة ونفس الكلمات، ومرت الليلة ومحمد بك أبورمضان يبحث عن مصدر الصوت الذى أجج فكره.
الجذبة الأولى:
ومرت بضعة أيام، كانت للأسرة مجموعة من المراكب النيلية تسير أعمالها، فرافق محمد بك أبورمضان بسيارته حارسه متوجهاً إلى قرية «سديمة»، المجاورة لقريته التابعة لمركز كفر الزيات غربية، وبسبب تكدس أجولة القمح فى طرق القرية يختار له سائقه طريقاً مختصراً آخر، فيمر بسيارته من أمام ضريح سيدى “ابى اليزيد البسطامى” رضى الله عنه، فتتوقف السيارة عنوة عن سائقها فينهره محمد بك، فيخبره السائق أنه لا حيلة له بالأمر، ولأن العطل سيطول، فالأفضل أن ينزل بساحة المسجد ربما ينعم ببعض الماء يبرد على بشرته من حرارة الجو،
ويدخل محمد بك أبورمضان ساحة المسجد، لكنه ينتبه إلى نفس نبرة الصوت تتأجج من داخل المقام لكنها هذه المرة تحمل كلمات جديدة: «هل خلقت لهذا يا محمد؟».. فينتبه واقفاً للصوت الذى لا يعرف مصدره، طالت الوقفة، لدرجة أن سائقه نادى عليه بصوت أفزع كل من بالمسجد، “يا سيدى محمد بك أصلحنا السيارة هيا نكمل مسيرنا”. لكن بأمر من محمد بك يوسف أبورمضان يطلب من السائق معاودة الرحلة والذهاب إلى السرايا،
ثمة انتفاضة تملكت جسده، وما ان وصلت السيارة رواق السرايا، حتى كانت ثياب محمد بك أبورمضان مبتلة من كثرة العرق، عرف والده بعودة ابنه ما ان نظر اليه حتى عرف الذعر الذى يعانى منه ابنه الذى تسمر بكرسى العربة لا يستطيع النزول، فرفع والده يده ليصفع السائق الذى أهمل فى مرافقة سيده، فيغمض السائق عينه دون أى اعتراض، فلما رفع يوسف باشا أبورمضان يده صرخ السائق “السيارة عطلت أمام سيدى أبو اليزيد البسطامى” فلما نزلت يد الباشا فوجئ السائق أن “محمد بك أبورمضان” يتلقى الصفعة على وجهه بدلاً منه، وكأن قوة خفية أخرجته من السيارة، وأوقفته أمام يد الباشا ليتلقى الصفعة على وجهه فيسقط مغشياً عليه.
جن الليل، فخرج سيدى محمد يوسف أبورمضان، يطلب من حارسه تجهيز حصانه، ولا أحد يعلم وجهته.
الجذبة الثانية:
كان شيخنا يسمع هاتفاً يقول “اذهب يا محمد إلى صاحب اللثام، ومر من أمام باب السر الأحمدى”، فيصل ابن الأكابر باب السر، متوقفاً بحصانه فيصهل الحصان جامحاً رافعاً قدمه للأمام ليلفظ البيك من فوقه فيقع وحيداً، فينهض واقفاً وقد تغبرت ثيابه بتراب ساحة المسجد الأحمدى، يقف، تجتمع حوله مجموعة من الدراويش الذين يجدون فى شيخ العرب مأوى، يصرخ درويش يرتدى سترة حمراء، “وصل الطرد يا ست يا رئيسة الديوان”.
يقف ابن الباشا مشدوهاً إلى باب السر لا يتحرك لا ينطق، لا تلتفت عيناه، تطلق درويشة زغرودة تخترق فضاء ليل مدينة طنطا، يتحدث درويش آخر ويضرب بعصاه الأرض: “بالراحة على الجدع يا أهل الحنان والمدد”. ينطلق محمد بك يوسف أبورمضان، يجرى مهرولاً خالعاً نعليه، يقف أسفل كوبرى “ستوتة” بمدينة طنطا وحيداً حافياً “أشهد أن لا إله إلا الله.. وأن محمد ابورمضان ولى الله”. حدث هذا عام 1898م.
وللحديث بقية إن شاء الله
بقلم حفيده : جلال مصطفى رمضان.