خطبة بعنوان( بسط الوجه وحسن الخلق ) ويليها خطبة محافظات الصعيد لفضيلة الدكتور محمد جاد قحيف

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ الْأَخْلَاقَ مِنَ الدِّينِ، وَأَعْلَى بِهَا شَأْنَ الْمُؤْمِنِينَ، فَرَفَعَ بِمَكَارِمِهَا أَقْوَامًا فَكَانُوا مِنَ الْمُتَّقِينَ ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، أكرمنا بخير كتاب أنزل ، على خير نبي أرسل ،
و على خير أمة أخرجت للناس ، وأشهد أن سيدنا محمد ﷺ سيد الأنبياء والمُرْسَلينَ وخاتَم الرسل والنَّبيين، وقائد الغُر المُحَجَّلينَ، ورحمة الله للعالمين ، وخير الخَلائِقِ أجْمَعينَ .

وبعد :
فالأخلاق في الإسلام ليست سلوكيات مجردة فرضتها الأعراف والتقاليد أو فرضها الواقع لحاجته إليها، بل هي عبادة لله في دين الإسلام يترتب عليها الأجر والمثوبة والجزاء والحساب والجنة والنار…
ويشتمل هذا المقال على العناصر التالية :

حُسْنُ الْخُلُقِ هو كل معنى جميل ، وسوء الْخُلُقِ هو كل معنى قبيح ..

ومن معاني حُسْن الخُلُقِ: التحلي بالْفَضَائِلِ، والتخلي من الرَّذَائِلِ.
وقيل: حُسْنُ الْخُلُقِ : هُوَ بَسطُ الوَجهِ، وَبَذلُ الندى، وَكَفُّ الأَذَى..

وقيل: حَقِيقَةُ حُسْنِ الْخُلُقِ: بَذْلُ الْمَعْرُوفِ، وَكَفُّ الْأَذَى، وَطَلَاقَةُ الْوَجْهِ.
وقيل: بذلُ الجميل، وكفُّ القبيح . (المكتبة الشاملة).

ليس الجمالُ بمئزرٍ
فاعلمْ وإن رُدّيت بُرْدا
إن الجمالَ مآثرٌ
ومناقبٌ أورثْنَ حمدا
وقال الماوردي في تعريف حسن الخلق، ووصف حَسَنِ الخُلق: أن يكون سهل العريكة، ليِّن الجانب، طليق الوجه، قليل النفور، طيب الكلمة(أدب الدنيا والدين).

وفي وصية جامعة مانعة، للحبيب محمدٍ صلى الله عليه وسلم: «اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ».
وقال السعدي: حُسْنُ الْخُلُقِ: احتمال الجنايات، والعفو عن الزلات، ومقابلة السيئات بالحسنات، وقد جمع الله ذلك في آية واحدة وهي قوله: ﴿ خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ ﴾ [الأعراف: 199] .
أَلا إِنَّ أَخْلاقَ الرِّجَالِ وَإِنْ نَمَتْ
فَأَرْبَعَةٌ مِنْهَا تَفُوقُ عَلَى الْكُلِّ
وَقَارٌ بِلا كِبْرٍ وَصَفْحٌ بِلا أَذَى
وَجُودٌ بِلا مَنٍّ وَحِلْمٌ بِلا ذُلِّ
وقد قيل: الدينُ كلُّه خلقٌ، فمن زاد عليك في الخُلُق؛ فقد زاد عليك في الدِّين ..
والمرء بالأخلاق يسمو ذِكرُهُ***وبها يُفضَّل في الورى ويُوقّرُ
لا يسمي الكريم كريمًا حتى تستوي عنده صدقةُ السرِّ وصدقةُ العلانية، ولا العفيف عفيفًا حتى يعفَّ في حالة الأمن كما يعف في حالة الخوف، ولا الصادق صادقًا حتى يصدق في أفعاله صدقه في أقواله، ولا الرحيم رحيمًا حتى يبكي قلبُه قبل أن تبكي عيناه، ولا المتواضعَ متواضعًا حتى يكون رأيُّه في نفسه أقلَّ من رأي الناس فيه.

قال الإمام الشافعي رضي الله عنه:
أحِبُّ مكارِمَ الأخلاقِ جَهدي
وأكرَهُ أن أعيبَ وأن أُعابا
وأصفَحُ عن سِبابِ النَّاسِ حِلمًا
وشرُّ النَّاسِ مَن يهوى السِّبابا ..
ومن هابَ الرِّجال تهيبوهُ · ومنْ حقرَ الرِّجال فلن يهابا.. ديوان الإمام الشافعي..

العنصر الثانى : مكانة صاحب الخلق الحسن ومنزلته عند الله..

يعد حسن الخلق علامة على كمال الإيمان عند المسلم، عن أبى هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “أكملُ المؤمنين إيمانًا أحسنُهم خُلقًا وخيارُكم خيارُكم لأهلِه “.

أخرجه الإمام أحمد وسنده صحيح.
لقد حَثَّ الإسلامُ على التخلُّقِ بالأخلاقِ الحَسنةِ، ورفَع شأنَها، وبيَّن أهميتَها ومكانتَها العُظمى، وأيضًا حثَّ على العِشرةِ الطيِّبةِ للأهلِ ومُعاملتِهم بالمعروفِ .(الدرر السنية).

ويوم القيامة تظهر أهمية الأخلاق، ودرجة صاحبها العالية ومنزلته عند ربه..
فعن السيدة عائشة رضي الله عنها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إن المؤمنَ لَيُدْرِكُ بحُسْنِ خُلُقِه درجةَ الصائمِ القائمِ “. أخرجه أبو داود وسنده صحيح..

وحسن الأخلاق أثقل ما في ميزان المؤمن من أجر وثواب في ذلك اليوم الذي يحتاج فيه الإنسان إلى حسنة واحدة تكون سبباً لنجاته؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: “ما من شيءٍ أثقلُ في ميزانِ المؤمنِ يومَ القيامةِ من خُلقٍ حسنٍ وإنَّ اللهَ يُبغضُ الفاحشَ البذيءَ”. أخرجه الإمام الترمذي وسنده صحيح.

و ضمن النبي ﷺ أعلى منزلة في الجنة لأصحاب الأخلاق الحسنة قال عليه الصلاة والسلام : “أنا زعيمٌ ببيتِ في رَبَضِ الجنةِ لمَن تَرَكَ المِراءَ وإن كان مُحِقًّا ، وببيتِ في وسطِ الجنةِ لمَن تركَ الكذبَ وإن كان مازحًا ، وببيتٍ في أعلى الجنةِ لمَن حَسُنَ خُلُقُه.”. أخرجه أبو داود وسنده صحيح..

وفي الأثر الشهير “إنَّكم لن تَسَعُوا النَّاسَ بأموالِكم ولكنْ يَسَعُهم منكم بسطُ الوجهِ وحُسنُ الخُلُقِ”
أخرجه الإمام البيهقي وفي سنده مقال .
إن معظم بلاد العالم الإسلامي اليوم كان سبب دخولها الإسلام أخلاق القرآن! والسلوك التجاري المؤسس على أخلاق الإسلام..
فَبِذِي الأَخْلاقِ قُدْنَا أُمَمًا
وَتَحَدَّيْنَا بِهَا أَعْدَى الأَعَادِي
عُدْ إِلَيْهَا رَافِعَ الرَّأْسِ وَقُلْ
هَذِهِ قَافِلَتِي وَالزَّادُ زَادِي
إنَّ حياتنا اليوم حربٌ لا ينتصر فيها إلاَّ الأخلاق…
وإذا أُصيب القوم في أخلاقهم
فأقم عليهم مأتمًا وعويلا
وليس بعامرٍ بنيان قومٍ
إذا أخلاقُهم كانت خراب

*الإسلام محجوب بأهله، والمسلمون في جُملتهم اليوم كدابَّةٍ على رأس بئرٍ عذبة، لا هي شَرِبتْ ولا تركت الناس يستسْقون ويشربون.

*وما أدقَّ وصف الشاعر لحالنا! حين قال

بَحَثْتُ عَن الأَدْيَانِ فِي الأَرْضِ كُلِّهَا

وَجُبْتُ بِلادَ اللهِ غَرْبًا وَمَشْرِقَا

فَلَمْ أَرَ كَالإِسْلامِ أَدْعَى لأُلْفَةٍ

ولا مِثْلَ أَهْلِيهِ أَشَدَّ تَفَرُّقَا (الألوكة)..

صَلَاحُ أَمْرِكَ لِلأَخْلاَقِ مَرْجِعُه

فَقَوِّمِ النَّفْسَ بِالأَخْلَاقِ تَسْتَقِمِ

وَالنَّفْسُ مِنْ خَيْرِهَا فِي خَيْرِ عَافِيَةٍ

وَالنَّفْسُ مِنْ شَرِّهَا فِي مَرْتَعٍ وَخِمِ

ويقول: تسألونني ما اﻷخلاق؟ أقول: هي الدمعة التي تترقرق في عين الرحيم كلما رأت منظرًا من مناظر البؤس، أو منظرًا من مناظر الشقاء

العنصر الثالث :الأخلاق في واقعنا المعاصر ..

المتأمل في واقع الحياة يجد انفصاما شخصيا في حياة المسلمين ، فرق بين الاعتقاد والواقع الأخلاقي،

ويجد اختلاف حال بعض الناس في الواقع الافتراضي عن حالهم في الواقع الاجتماعي الحقيقي، فوسائل التواصل الاجتماعي أضحت معنا في جميع حركاتنا وسكناتنا، من يتصفحها ويشاهدها ويتابعها يلمس ذلك تمامًا، فتجد أناسًا همهم في الصباح والمساء إرسال ما يصل إليهم من أدعية وأذكار وآيات وأحاديث لأصدقائهم ومحبيهم، وهذا شيء طيب ،وعمل دعوي فيه نوع من التذكير، ولكن ما إنْ تلقى هذا الرجل في الواقع الحقيقي لوجدت أخلاقه مختلفة تمامًا عما يرسله صباح مساء ، في تعاملاته وأخلاقه ، وربما لا يلقي على أخيه المسلم السلام ، ولا يزوره إذا مرض ، وربما لا يشيع جنازته !! ..

لا ريب أن أخلاق كثير من الشباب على مواقع التواصل في واد ، و الواقع الحقيقي في واد آخر تمامًا!!. وصنف آخر نجدهم في المساجد في الصفوف الأولى ، وفي مواقع التواصل صفحاتهم مليئة بالآيات والأحاديث والمواعظ، وما إنْ تخالف مصلحتهم مصلحة الشرع في قضية أو حكم شرعي حتى يقدموا مصلحتهم وهوى أنفسهم على حكم الشرع

وبعيدًا عن التطبيق للأخلاق في الواقع نجد مسألة أخرى وقع فيها الناس بمواقع التواصل وهي الحوار في مسائل خلافية عقدية أو فقهية أو في مسائل الواقع المعاصر ، فينتقل الحوار من الحوار الهادئ إلى الحوار الغاضب، حتى يصل الأمر بالمتحاورين إلى الشتم والسب ، أو الحظر من الصفحة ، أو التكفير العلني مما يزيد البغضاء والشحناء فيما بين الناس..

إن واقعنا يبعث على الأسى، إننا نعيش أزمة أخلاق في العالم الافتراضي والحقيقي. (الجزيرة نت)

ومما لا شك فيه أن حضارات الأمم تبني بالأخلاق والقيم وأن انهيارها مرتبط بالانحلال والانحراف عن منهج الله الواحد الأحد.

يقول ابن خلدون: “إذا تأذن الله بانقراض الملك من أمة حملهم على ارتكاب المذمومات وانتحال الرذائل وسلوك طريقها، وهذا ما حدث في بلاد الأندلس وأدى فيما أدى إلى ضياعها”.

وأدرك هذه الحقيقة أيضًا أحد كتاب النصارى واسمه “كوندي” حيث قال: “العرب هووا “تخلفوا وتراجعوا” عن ركب الحضارة عندما نسوا فضائلهم التي جاؤوا بها، وأصبحوا على قلب متقلب يميل إلى الخفة والمرح والاسترسال بالشهوات”، وصدق الله العظيم القائل: (وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً)[الإسراء:16].

إن من أهم عوامل سقوط بلاد الأندلس هو العامل الأخلاقي، وسقوط الأندلس بدأت معالمه ومظاهره قبل سقوط غرناطة بوقت مبكر، و ذلك بعد أن قام على أنقاض الدولة الأموية بالأندلس العديد من الدويلات الإسلامية المتناحرة المتنازعة ..

فضلا عن الخلاعة والمجون حيث كان شرب الخمور والاستغراق في الملذات والإكثار من الجواري والنساء كان ذلك قاسمًا مشتركًا بين كثير من ملوك الطوائف، وغرقوا في مستنقع الفواحش والرذيلة، ويبدو هذا جليًّا لكل من طالع أخبارهم ..

فما أشبه الليلة بالبارحة ، فحالنا في هذه الأيام من جهة استعلاء عدونا علينا ، وتمكنه منا إنما هو منا ، ” أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّىٰ هَٰذَا ۖ قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير .” آل عمران/١٦٥. فقد بعدنا وبعدنا جداً عن ديننا ، وانتشرت رذائل الأخلاق بيننا ، وتشبهنا بل ووالينا أعداءنا ، وتفرقنا شذر مذر ، ويوم أن نعود إلى ديننا سيعود لنا عزنا

” إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ” الرعد /١١

العنصر الرابع : رسالة النبي ﷺ رسالة أمن وسلام ..

قال تعالى :﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ﴾الجمعة /٢.ف

من أهداف بعثة النبي محمد ﷺ تزكية النفس البشرية، وتزكية النفس يترك الأثر الطيب في حياة صاحبها ، وفي المجتمع كله ، خاصة في هذا العصر الذي تعرضت النفس البشرية فيه إلى جملة من الأمراض النفسية، التي تهدد استقامة سلوك الفرد في علاقته مع ربه، ومع نفسه، ومع الآخرين، ومن أهم هذه الأمراض : الاكتئاب ، والاضطراب ، والقلق، والحيرة والهستيريا، والوسوسة، والشعور بالضعف، والوهن، والخوف الشديد من الكائنات التي تحيط بالإنسان .

وما أكثر الأمراض النفسية في هذا العصر، وقد استعاذ النبي الكريم عليه الصلاة والسلام كثيرا من هذه الأمراض ومن شر نفوسنا .

عن أنس رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قُلْ إذا أصبَحتَ وإذا أمسَيتَ ؛ اللهم إنى أعوذُ بكَ منَ الهمِّ والحزَنِ، وأعوذُ بكَ منَ العجزِ والكسلِ، وأعوذُ بكَ منَ الجُبنِ والبخلِ ؛ وأعوذُ بكَ مِن غلبةِ الدَّينِ وقهرِ الرجالِ ».لجامع الصغير للسيوطي وسنده صحيح..و

من هنا كان السلام من أهم القيم النبيلة التي حث عليها الإسلام ، ودعا إليها الرسول عليه الصلاة والسلام قيمة السلام ، فقد فقد الناس في عصرنا الأمن النفسي ووالسكينة والهدوء ، و راحة البال ؛ لأسباب كثيرة أهمها البعد عن منهج الله جل في علاه .

ومن يقرأ في السُّنَّة المُطَهَّرة أيضا يجد أن مدار دعوة النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ هي: (السلام)، فلم يكن نَبِيُّنا -صلى الله عليه وسلم- يدعو إلى الحرب، ولا إلى المخاصَمة، والتنازُع، ولا إلى التشاجر، بل يدعو إلى السلام، ويهدي الناس إليه ويدلهم عليه.و

التعايش السلمي مع المسلم وغير المسلم المسالم ..و

هذا كلُّه يدل على السلام والمسالَمة، والمصالَحة بين الناس.و

السلام مشتَقٌّ من الإسلام: والملاحَظ أن اسم الإسلام نفسه مشتقٌّ من صميم هذه المادة مادة السلام. والمؤمنون بهذا الدين لم يجدوا لأنفسهم اسمًا أفضل من أن يكونوا المسلمين: (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاس)[الحج: 78]..و

من أهم أهداف بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، الدعوة إلى مكارم الأخلاق : «إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ» .أخرجه الإمام البيهقي وسنده صحيح..و

ختامًا : يا أمة الإسلام جميعنا يعلم قيمة الأخلاق وأهميتها في هذا الدين ولكن عند التطبيق نجد كثيرًا من الناس يتناسون ذلك..ج

ميعنا يعلم أن الأخلاق في الإسلام تتبوأ أعظم المواقع.. ويكفي أن صاحب الخلق الحسن قدوته النبي ﷺ صاحب الخلق العظيم ..ق

قال تعالى:﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم/٤]..

يا أمة الحبيب محمد عودوا إلى أخلاق الإسلام وأخلاق نبيكم، فهي دين وعبادة، وبها النجاة يوم القيامة، ولا تنفع كثرة العبادات والطاعات من دون أخلاق حسنة وسلوكيات طيبة وحب وتراحم يملأ القلوب.

وهل من عودة يا أمة الإسلام لأخلاق القرآن والسنة والسلف الصالح؟ هل من يقظة يا شباب الإسلام! ترشد إلى المثُل العليا، وتُبعد عن سفاسف الأخلاق ومساوئ الأعمال؟ ..

لتكن مواقع التواصل الاجتماعي مثالًا لأخلاق رفيعة فيما بيننا نحفظ فيها الود وإنْ اختلفنا ولا نُشهِر بالآخرين في مسائل خلافية لا ينتهي جدلها في كل موسم تأتي به. ولتكن أخلاقنا في الواقع حياتنا المعاصرة مثالًا للحب والتسامح والتطبيق العملي للإسلام والخلق الحسن ..

ومن الدعاء المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم : ((اللَّهمَّ اهدِنا لأحسَنِ الأخلاقِ لا يهدي لأحسَنِها إلَّا أنتَ، واصرِفْ عنّا سَيّئها لا يَصرِفُ عنّا سَيّئَها إلَّا أنتَ))

واللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين وأصلح أحوال المُسلمين ، واحقن دماء المسلمين في كل مكان ، واجعل بلدنا مصر آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين ..

ونسأل الله أن يمن علينا بالتوفيق للسير على منهاج وأخلاق ، الإسلام ، وأن يجعلنا من رفقاء النبي في الجنة وعلى الحوض ..

اللهم آمين

من الأخلاق الحسنة لين القول ، وبسط الوجه ، وسائر أعمال الخير والمعروف ..

قال عليه الصلاة والسلام:

” تبسُّمُكَ في وجْهِ أخيكَ لَكَ صدقةٌ وأمرُكَ بالمعروفِ ونَهيُكَ عنِ المنْكرِ صدقةٌ وإرشادُكَ الرَّجلَ في أرضِ الضَّلالِ لَكَ صدقةٌ وبصرُكَ للرَّجلِ الرَّديءِ البصرِ لَكَ صدقةٌ وإماطتُكَ الحجرَ والشَّوْكَ والعظمَ عنِ الطَّريقِ لَكَ صدقةٌ وإفراغُكَ من دلوِكَ في دلوِ أخيكَ لَكَ صدقةٌ “..

أخرجه الترمذي وسنده صحيح.. فصناعةُ المعروفِ، ومساعدةُ النَّاسِ، والإحسانُ إليهم مِن أجَلِّ الأعمالِ الَّتي حَثَّ عليها الشَّرعُ الحنيفُ ورغَّب فيها؛ حيث بيَّن الشَّرعُ الحَنيفُ عِظَمَ جزاءِ ذلك وجَزيلَ ثوابِه… وفي هذا الحَديثِ بيانٌ لبعضِ ذلك، حيثُ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: “تبسُّمُكَ في وجهِ أخيك لك صدَقةٌ”، أي: مَن تبَسَّمَ في وجهِ أخيه المُسلِم وجعَل وجهَه بَشُوشًا في وجهِ إخوانِه، كان له بكلِّ تبسُّمٍ كأجرِ صدَقةٍ، “وأمرُك بالمعروفِ ونهيُك عنِ المُنكَرِ صدقةٌ”، أي: ومَن أمَر بمعروفٍ مِن الطَّاعاتِ والخيراتِ أو نهى عن مُنكَرٍ مِن المعاصي أو الشَّرِّ والأذَى، كان له كأجرِ صدقةٍ، “وإرشادُكَ الرَّجلَ في أرضِ الضَّلالِ لك صدَقةٌ”، أي: ومَن أرشَد أحدًا ضالًّا لا يعرِفُ الطَّريقَ إلى الطَّريقِ الَّذي يُريدُه، كان له كأجرِ صدَقٍة، “وبصَرُكَ للرَّجلِ الرَّديءِ البصَرِ لك صدَقةٌ”، أي: ومَن أعان ضَريرَ البصَرِ أو الأعمى على بُلوغِ أمرِه ووصولِه مطلَبَه، كان له كأجرِ صدَقةٍ، “وإماطتُك الحجَرَ والشَّوكَ والعَظْمَ عن الطَّريقِ لك صدَقةٌ”، أي: ومَن أزاح الأذى عن طريقِ المُسلِمين، كان له كأجرِ صدَقةٍ، أيًّا كان ذلك الأَذى؛ حجَرًا أو عَظْمًا، أو غُصْنَ شَوكٍ، ونحو ذلك من الأذَى، “وإفراغُك مِن دَلوِكَ في دَلْوِ أخيك لك صدَقةٌ”، أي: ومَن أعان أخاه في السَّقْيِ، فأفرَغ مِن إنائِه في إناءِ أخيه، كان له كأجرِ صدَقةٍ، وعلى ذلك كلُّ إعانةٍ تُعِينُ بها المُسلِمين، أو تُساعِدُهم؛ ففي كلِّ مَعروفٍ صدقةٌ، وفي كلِّ إحسانٍ صدَقةٌ، وفي كلِّ مساعدةٍ صدَقةٌ.

(الدرر السنية) ..

الخطبة الثانية..لمحافظات الصعيد..

من صور تنظيم الأسرة حسن رعاية الأولاد.. ورعايتهم أثناء الحمل وقبل الإنجاب عن طريق مجموعة من التدابير اللازمة لتربية الأولاد مبكرا

ومن ذلك ما يلي :

أولا : الحفاظ على حياته وصحته جنينًا ..

فقد حافظ الشرع الحكيم على حياة الطفل وصحته جنينًا، وتَتعهَّدُ السنَّةُ الجنينَ وأمَّه بالرِّعايةِ والعنايةِ في مُدَّة بقاءِ الجنينِ في بطنِ أُمِّه بما يدفعُ عنه كلَّ أذى، ويُجنِّبُه كلَّ مَكروهٍ ..

وتظهر هذه المحافظة في أن منع الإسلام كل أذى يصل لأمه أثناء حملها فيه ؛ فمنع إيقاع العقوبة عليها التي تودي بحياتها أثناء الحمل، فقد أرجأ رسول الله صلى الله عليه وسلم إقامة الحد على الغامدية حتى تلد . وما كان ذلك إلا حفاظًا على حق العناية بالجنين أثناء حمله.

وتظهر أيضًا في إجازة الفقه الإسلامي – رعاية للجنين وأمه – للأم الحامل أن تفطر في رمضان إذا كان الحمل يضعفها ويؤثر على صحتها ويلحق الضرر بها؛ وذلك لحرص الإسلام على سلامة الجنين وتغذيته تغذية جيدة ، وتنظيم فترات الحمل ، وهو أحد الجوانب الصحية للتربية الأسرية ..

ثانيا : العناية بالصحة النفسية للجنين ..

فقد راعى الإسلام العناية بالصحة النفسية للجنين؛ وذلك عن طريق العناية بالصحة النفسية للأم الحامل بابتعادها عن المشكلات والمنغصات والمزعجات والصدمات النفسية؛ وقد أثبت الطب النفسي الحديث أن الحالة النفسية للأم في فترة حملها تؤثر سلبًا أو إيجابًا على الجنين حسب حالتها النفسية!!!.

ثالثاً: الحفاظ على الحق المالي للجنين ..

فكان من مظاهر رعاية الإسلام لحقوق الطفل قبل ولادته الحفاظ على حقوقه المالية وهو ما يزال جنينًا في بطن أمه، فلقد أوقف الإسلام توزيع التركات، وذلك خشية تقسيم التركة بين الورثة الأحياء وضياع نصيبه فيها؛ ولو وزعت نعطيه نصيبه على أنه ذكر؛ فإن جاءت أنثى يرد الفرق على الورثة مرة أخرى .

ثالثا شكر الله تعالى والدعاء لهم بالخير ..

وإذا كتب الله بخروج الذرية فليكن أول ما يكون من الزوج والزوجة شكر الله- عز وجل – بالشكر القولي والعملي ، كالتصدق بزنة شعر المولود ، والإطعام وسنة العقيقة .. فمن أراد أن يبارك الله له في نعمة من نعمه فليشكر الله حق شكره ؛ لأن النعم والبركة تزداد بالشكر ، وإذا نظر الله إلى عبده شاكراً لنعمه بارك له فيما وهب وأحسن له العاقبة فيما أسدى إليه من الخير ..

والدعاء لهم بالتوفيق والهداية .. فالهدى من الله مع الأخذ بالأسباب..

اللهم احفظ أولادنا وبناتنا من كل سوء وشر يارب العالمين..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *