الأشاعرة بين الحقيقة والادعاء

بقلم الشيخ: عبد الله قدرى سعد

كثُر في زماننا من يروّجون لفكرة خاطئة، مفادها أن الأشاعرة ينفون صفات الله تعالى، وأنهم يفرغون النصوص من معانيها، ويقعون في التعطيل. وهذه الدعوى – في حقيقتها – لا تقوم على علم ولا تحقيق، وإنما على ظنون وشبهات. والحق أن الأشاعرة هم من أهل السنة والجماعة، يثبتون لله ما أثبته لنفسه من صفات الكمال، وينزّهونه عما لا يليق بجلاله من صفات النقص.

أولاً: الصفات التي يثبتها الأشاعرة
الأشاعرة يثبتون لله تعالى الصفات الواجبة التي دلَّ عليها العقل والنقل معًا، مثل:

صفة العلم: فهو سبحانه بكل شيء عليم.

صفة القدرة: لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.

صفة الإرادة: فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.

صفة الحياة: حياة كاملة أزلية لا يعتريها فناء.

صفة السمع والبصر: يسمع ويرى بلا آلة ولا جارحة.

صفة الكلام: كلام يليق بجلاله، قديم غير مخلوق.

فهم بهذا يثبتون الصفات الإلهية إثباتًا جازمًا، وينفون عنها كل نقص وحدوث.

ثانياً: موقفهم من الصفات الخبرية :
أما الصفات التي ظاهرها في لغة العرب تشبيهٌ بالمخلوقات، مثل: اليد، الوجه، الاستواء، النزول، فإن الأشاعرة على طريقتين:

1. منهم من يفوِّض المعنى إلى الله تعالى، فيقول: نؤمن باللفظ كما ورد، مع تنزيه الله عن مشابهة المخلوقين.

2. ومنهم من يؤولها تأويلاً سائغًا، فيقول: اليد بمعنى القدرة، والاستواء بمعنى العلوّ والقهر.

والمقصود عند الجميع: نفي التشبيه والتجسيم، وإثبات كمال الله وتنزهه عن الحوادث.

ثالثاً: ما ينفونه حقاً :
الأشاعرة ينفون عن الله صفات النقص التي لا تليق بالإله الكامل، مثل: العجز، الجهل، التغيّر، الانفعال، الجسمية، الحلول، والحدود. وهذا عين ما دلت عليه نصوص القرآن والسنة، قال تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ.

الخاتمة :
الحقيقة أن الأشاعرة لا ينفون صفات الله، بل يثبتونها على ما يليق بجلال الله وكماله، مع تنزيهه عن مشابهة المخلوقين. وما يُتداول من اتهامات بالتعطيل أو نفي الصفات ليس إلا ادعاءً فارغًا. فالأشاعرة كانوا – وما زالوا – مدرسةً أصيلة من مدارس أهل السنة، مدافعين عن العقيدة الإسلامية، حريصين على الجمع بين النقل الصحيح والعقل الصريح.

وصدق الإمام أبو الحسن الأشعري رحمه الله حين قال: “ندين الله بأن له صفاتٍ أزليّةً قائمةً بذاته، لا يشبهه فيها أحدٌ من خلقه”.