الدنيا وحقيقتها عند العارفين بالله
6 مارس، 2025
منهج الصوفية

إعداد الشيخ : محمد الألفى
من أَدرك حقيقة الدنيا ، ورآها بحجمها الحقيقي الذي لا يساوي عند الله جناح بعوضة، هان عليه الكثير، تخفَّف من متاعها وزينتها الفانية، واستقبل أَقدار اللَّه فيها بِرضًا وتسليم.. مُوقِنًا أن لا حُزن فيها يدوم ولا سرور “والآخِرةُ خَيرٌ وأَبقىٰ”
هى دنيا بِكُلِّ ما فيها من نعيم وإِملاق.
هى دنيا بِكُلِّ ما فيها من نجاح وإِخفاق.
هى دنيا كُتِبَ علينا فِيها التَّلاقِي والفِراق.
لا يكون فيها إِلَّا ما كان باللّه، ولا ينفع فيها إِلَّا ما كان لِلَّه.
هذه الدُّنيا دَارُ سعي واختِبارٍ وابتِلاء، خُلِقت لِلزَّوالِ والفناء، والآخِرةُ دارُ الجَزاء.”فلا تغُرَّنَّكُمُ الحياةُ الدُّنيا، ولا يغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الغرُور”
الرِّحلة قصِيرة وإِن طالتْ!
حقيقة الدنيا عنـد العارفيــن بالله :
يقول الإمام محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه وأرضاه عن الدنيا في بيتين جميلين من الشعر
ان لله عبادا فطنا***طلقوا الدنيا وخافوا الفتنا
نظروا فيها فلما علموا بها ***انها ليست لحي سكنا
جعلوها لجه واتخذوا***صالح الأعمال فيها سفنا
وكان الإمام الشبلي رحمه الله تعالى يطالب الناس دومـــا بان يبحثوا عما ياخذهم بعيدا عن الدنيا ومفاتنها فكان يقول لهم، ما أحوج الناس الي سكره فقيل له اي سكره فقال لهم سكره تغنيهم عن ملاحظه أنفسهم وافعالهم واحوالهم والاكوان وما فيها ثم فسر هذا المعنى في عبارة بليغه قائلا : ليس يخطر الكون ببالي وكيف يخطر ببال من عرف المكون
كان الشبلي رضي الله عنه يقول: من ذاق عرف ومن عرف التزم وأمسك،
قال الإمام الحسن البصري رضي الله عنه : من عرف ربه احبه ومن عرف الدنيا زهد فيها،
وقال الإمام النووي رحمه الله : الدنيا دار التواء لا دار استواء ودار ترح لا دار فرح من عرفها لم يفرح برخاء ولم يحزن علي شقاء
كان بن عباس رضي الله عنهما يقول في صفه الدنيا: اولها عناء وآخرها فناء حلالها حساب وحرامها عقاب من استغني بها فتن ومن افتقر إليها حزن ومن سعي لها فاتته ومن نأي عنها أتته ومن نظر اليها اعمته ومن بصر بها ابصرته
وقال عون بن عبدالله رضي الله عنه: الدنيا دار خراب واخرب منها قلب من يعمرها والجنه دار عمران واعمر منها قلب من يطلبها
قال الحسن البصري رضي الله عنه : يا من يطلب من الدنيا مالا يلحقه اترجوا ان تلحق من الآخرة مالا تطلبه , وقال أيضاً : وايم الله مارزق رجل يوما بيوم فلم يعلم انه خير له إلا غبي الرأي أو عاجز .
و قال بن السماك رحمه الله : من جربته الدنيا حلاوتها بميله اليها جرعته الآخرة مرارتها لتجافيه عنها
وقال الإمام الشافعي : من ادعي انه جمع بين حب الدنيا وحب خالقها في قلبه فقد كذب
وقال بعض العارفين : كل ما اصبت من الدنيا تريد به الآخرة فهو مذموم وكل ما أصبت منها تريد به الآخرة فليس من الدنيا .