نظرة في هبة الأموال للبنات

بقلم فضيلة الشيخ : صالح علي الفقي – واعظ أول بالأزهر، وسفير الأزهر سابقا إلى دولة الكاميرون، ومشرف لجان فتوى الأزهر بكفر الشيخ سابقا.

 

بداية الميراث هو ما تركه المورث بعد موته.

 

ولعل نقطة محل النزاع: هي ما يتعمده بعض الناس قبيل موته من تسجيل جميع ممتلكاته لبناته قاصدا حرمان إخوته وذوي عصبته من ميراثهم الشرعي، وأظن أن هذا لم يقل به أحد من العلماء المعتمدين.

* أما ما يهبه بعض الناس حال حياته لبعض أبنائه وبناته، أو جميعهم لسبب ما، كجبر عاجز، أو مريض، أو معوز، أو ذا عيال، أو مقابل لمن بقي منهم في خدمته وقضاء حوائجه، أو صغير لم يتزوج -فيخصص له من المال نظير تكاليف زواجه أسوة بإخوته- فهذا جائز، بل أقول أنه واجب، وهو العدل الذي أمرنا الله بإقامته.

*وقد سَأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبا بكر، وعمر -رضي الله عنهما- عندما جاءاه يتصدقان بأموالهما: ماذا أبقيتما لأهليكم؟

في إشارة واضحة إلى أن ترك المال إلى الأبناء والأهل أعظم من إنفاقه في سبيل الله.

يقول عمر -رضي الله عنه-: أمرَنا رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ أن نتصدَّقَ فوافقَ ذلِكَ عندي مالًا فقلتُ اليومَ أسبقُ أبا بَكرٍ إن سبقتُهُ يومًا قالَ فَجِئْتُ بنِصفِ مالي فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ما أبقيتَ لأَهْلِكَ قلتُ مثلَهُ وأتَى أبو بَكرٍ بِكُلِّ ما عندَهُ فقالَ يا أبا بَكرٍ ما أبقَيتَ لأَهْلِكَ فقالَ أبقيتُ لَهُمُ اللَّهَ ورسولَهُ قلتُ لا أسبقُهُ إلى شيءٍ أبدًا. (راواه أبو داود والترمذي).

* وإن كتابة المال للبنات وتركهم أغنياء؛ خير من تركهم فقراء يتكففون الناس، أو يحتاجون إلى عمّ فاجر، أو قريب جاحد.

يقول سعد -رضي الله عنه-: جَاءَنَا رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَعُودُنِي مِن وجَعٍ اشْتَدَّ بي، زَمَنَ حَجَّةِ الوَدَاعِ، فَقُلتُ: بَلَغَ بي ما تَرَى، وأَنَا ذُو مَالٍ، ولَا يَرِثُنِي إلَّا ابْنَةٌ لِي، أفَأَتَصَدَّقُ بثُلُثَيْ مَالِي؟ قَالَ: لا، قُلتُ: بالشَّطْرِ؟ قَالَ: لا، قُلتُ: الثُّلُثُ؟ قَالَ: الثُّلُثُ كَثِيرٌ، أنْ تَدَعَ ورَثَتَكَ أغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِن أنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ، ولَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بهَا وجْهَ اللَّهِ إلَّا أُجِرْتَ عَلَيْهَا، حتَّى ما تَجْعَلُ في فِي امْرَأَتِكَ. (رواه البخاري في صحيحه).

** قلت:
1/ إن هذه الهبات التي يهبها الوالدان أو أحدهما حال حياته لا تدخل شرعا، ولا لغة في أحكام الميراث.
2/ الهبات لا بد أن تكون مسببة للأبناء أو لغيرهم.
3/ ألا يقصد منها (بالأساس) حرمان بعض الورثة.
4/ إن كتابة الأموال للبنات أو لغيرهن؛ هي فتوى خاصة، تختلف الإجابة عليها باختلاف حال السائلين وظروفهم الاجتماعية والاقتصادية والثقافية المختلفة، فما يجوز لأحدهم قد لا يجوز لغيره.

هذا والله أعلم، وصلِّ اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اترك تعليقاً