لما يبقى الجهل لابس عِمّة وطاقية!

بقلم المحب لدينه ووطنه: د. مختار البغدادى

 

ردٌّ على من ادّعى أن الطرق الصوفية ضلالٌ لا علاقة لها بالإسلام، فقال لى: “مافيش حاجة اسمها طريقة، ولا شاذلية، ولا رفاعية…”

فنقول له:
كذبتَ، بل في الإسلام ما هو أعظم من ذلك: فيه السلوك، والتزكية، وتهذيب النفس، وكلها جوهر التصوف. وهل جاء الإسلام إلا ليُزكِّي النفوس؟

قال الله تعالى: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا ﴾

فمن أعانك على تزكية نفسك، ودلّك على طريق الطاعة ، وأخذ بيدك إلى الله، فهو شيخك وإن لم تُسمّه بذلك، شئت أم أبيت.

أما قوله “الطرق كلها ضلالات مخترعة”…

فهذا هو الكذب المبين.

أئمة الإسلام الكبار الذين ملأ علمهم الآفاق كانوا على تلك الطرق:

الإمام النووي
الإمام السيوطي
الإمام الغزالي
الإمام ابن حجر
الشيخ عبد القادر الجيلاني
الشيخ أحمد الرفاعي
الإمام أبو الحسن الشاذلي

فهل تتجرأ أن تقول: “هؤلاء ضالون مضلون”؟
أم أن العلم بدأ بولادتكم وانتهى بشيوخكم؟
أما حديث الفرق الثلاث والسبعين الذي ذكره، فهو حجة عليكم لا لكم.
فالفرقة الناجية هي: “من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي”،
وهل كان النبي ﷺ يطعن في أهل القبلة؟

هل قال للذي أخطأ: “أنت مشرك وكافر”؟

بل قال: “أصبتَ بعضًا وأخطأتَ بعضًا”،

وكان من هديه أن يدعو الناس بالحكمة والموعظة الحسنة، لا بالتكفير والتجريح.
أما قولك: “الميت لا ينفع”.

أقول : ولا الحي ينفع، النافع والضار بذاته هو الله ولا يشاركه في ذلك أحد.

و الميت لا ينفع بنفسه ، نعم. لكن هل الله عاجز أن يُكرم عبده بعد موته؟

هل الدعاء عند قبر نبي أو ولي شرك؟!
فمن أين أتيت بهذا؟

وهل قال أحد من الصحابة لمن زار قبر النبي ﷺ: “أنت مشرك”؟

بل كانوا يدعون عند قبره ويقولون:

“السلام عليك يا رسول الله، يا خير خلق الله”
فهل هذا عندكم شرك أيضًا؟!
أما الاستغاثة والمدد.
فمن جهل من ظن أن الناس إذا قالوا: “مدد يا بدوي” أنهم يعبدونه.
أليس الطفل إذا صرخ “بابا إلحقني” يستغيث بأبيه؟

هل صار مشركًا؟

الفرق بين الاستغاثة المحرّمة، والاستغاثة المباحة، يعلمه أهل العلم لا المتشددون المتطرفون.

لما يبقى الجهل لابس عِمّة وطاقية! 
فمن أشدّ منكم غلوًا في أئمتكم؟
ترفضون نقدهم،
وتجعلون كلامهم وحيًا،
وتطعنون في كل من خالفهم!
أي غلوٍ أشد من هذا؟!

وختامًا، قال لى “اللهم بلغت اللهم فاشهد هذا حرام وستحمل إثم من تضلهم “

 

فنقول: بل نحن من نشهد عليك يوم القيامة أنك تكلمت في دين الله بغير علم، وكفّرت الموحدين، وطعنت في أولياء الله الصالحين،
وزعمت أن الإسلام لا يعرف التصوف، وأن الأمة لم تعرف التوحيد إلا من نجد،فيا بؤس هذا الفهم.
كلمة لوجه الله

دع عنك التكفير والتبديع، وخُذ من كل علم بأدب، فإن الله ما أمرنا أن نكون فِرَقًا، بل أمة واحدة.

والله بيننا وبين من يكذب على دينه ورسوله، وهو خير الحاكمين.

اترك تعليقاً