رمضان: مدرسة تهذيب النفوس
15 مارس، 2025
منبر الدعاة

بقلم: الشيخ الطيب محمد عبد العال
شاءت حكمة الله أن يخلق الإنسان من روح وجسد، وعند اتحادهما تتولد النفس التي تعد محل الجهاد والتزكية. وهذه النفس تتأرجح بين الخير والشر، بين الطاعة والمعصية، وبين الهوى والتقوى، ولذا فإن رمضان يأتي ليكون فرصة عظيمة لترويضها وتهذيبها.
مخالفة النفس وترويضها
إن النفس بطبيعتها تميل إلى الراحة وإلى إشباع الشهوات، ولكن رمضان يعلّمنا كيف نخالف رغباتها، فنمتنع عن الطعام والشراب والشهوة طوال النهار، طاعةً لله تعالى. هذا الامتناع ليس مجرد حرمان، بل هو تدريب عملي على التحكم في النفس وكبح جماحها، حتى لا يكون الإنسان عبدًا لرغباته، بل سيدًا عليها.
المراقبة والإخلاص
من أهم ما يتعلمه المسلم في رمضان هو المراقبة والإخلاص، فهو يصوم سرًا بينه وبين الله، لا يراه أحد، ولا يعلم بنيته إلا الله. وهذا يغرس في القلب الإخلاص، فيتعود المسلم على أن يعمل الصالحات ابتغاء مرضاة الله وحده، بعيدًا عن الرياء والعجب.
الصبر ومجاهدة العجلة
الصبر من أعظم الفضائل التي يربيها رمضان في النفس، فالصائم يصبر على الجوع والعطش، وعلى مشقة الصيام، ويتحمل الأذى دون أن يردّه. وهذه التربية تعالج صفة العجلة والتسرع التي قد تكون مغروسة في بعض النفوس، فتجعل الإنسان أكثر حكمة وهدوءًا في مواجهة الحياة.
تزكية النفس والتضرع إلى الله
كان النبي ﷺ يكثر من الدعاء: “اللهم آتِ نفوسنا تقواها، وزكِّها أنت خير من زكَّاها”. وهذا يدل على أن تزكية النفس وتهذيبها أمر يحتاج إلى توفيق من الله ومعونته. فرمضان فرصة ذهبية لتطهير القلوب من الأحقاد، وتنقيتها من الصفات السلبية، والإقبال على الله بصدق.
الخاتمة
إن رمضان ليس مجرد امتناع عن الطعام والشراب، بل هو مدرسة متكاملة تهذب النفس، وتربيها على الصبر والإخلاص، وتساعدها على التخلص من العجب والرياء. فمن أحسن استغلال هذا الشهر الكريم في تزكية نفسه، كان رمضان له بابًا نحو الارتقاء في مدارج الإيمان، ونحو سعادة دائمة في الدنيا والآخرة.
نسأل الله أن يجعلنا من الذين يستفيدون من رمضان في تهذيب نفوسهم، وأن يبلغنا ليلة القدر ونحن في أحسن حال.