بقلم الدكتور الشيخ / محمد سعيد صبحي السلمو ( الأزهرى البابي الحلبي )
من وحي الواقع
قرأت كلاما لأحدهم عن ( تعايش الاشاعرة والسلفية حد زعمه ) وأن الفريقين يمكن ان يتعايشا بسلام ، إلخ هذا الهراء
اولا : هو يساوي الضحية بالجلاد
ثانيا : كيف تساوي الاشاعرة الذين هم الامة بفرقة خارجة عن الجماعة وهي الوهابية ؟
ثالثا: لماذا لا ترتفع اصواتكم إلا حينما نبدأ بالدفاع ، وتدعون اننا نثير الفتنة ، والوهابية سنوات تستقوي بالبترودولار والحكام ، وتنشر فكرها بالحديد والنار والقتل والاختطاف والاغتيال والعمالة للغرب وتزوير الكتب الحقائق ؟
ما تعيشه الأمة الإسلامية في وقتنا الحاضر من انقسام وتشويش في الفكر والعقيدة هو نتيجة لعدة عوامل تاريخية واجتماعية، لا يمكن تجاهلها أو التقليل من تأثيرها. في هذا السياق، يتخذ الجدل حول الوهابية، الأشاعرة، والصوفية شكلًا معقدًا، حيث يجتمع فيه التاريخ والسياسة والدين بشكل مؤلم.
1. الهيمنة الوهابية:
منذ أكثر من مائة عام، انتشرت الوهابية بطرق متعددة، شملت الحديد والنار، الدعم الغربي، والبترودولار. استغلت الوهابية كل هذه الأدوات لتوسيع نفوذها وتحقيق أهدافها. لم يكن انتشارها مجرد عملية دعوية، بل كان أيضًا جزءًا من مخطط سياسي يهدف إلى تغيير الفكر الديني للأمة، واستبدال الموروث الفقهي والعقائدي الذي كانت عليه الأمة الإسلامية عبر قرون من الزمن.
2. التأثير على العقول:
الهيمنة الوهابية لم تقتصر على المساجد والمجالس العلمية فقط، بل استولت على مواقع التواصل الاجتماعي ، وركبت على ظهر الثورات العربية لتدجين العقول، وتوجيهها نحو أيديولوجيا واحدة، متجاهلة الاختلافات الفقهية والعقائدية التي كانت سائدة في الأمة. للأسف، هذا الفكر لم يكن محض دعوة دينية، بل كان أداة سياسية لفرض سلطتهم.
3. تأثير الغرب على الوهابية:
من المعروف أن الدول الغربية كانت تدعم هذا الفكر بشكل غير مباشر، حيث استغل الغرب الوهابية كأداة للسيطرة على المنطقة، وضمان بقاء الأنظمة التي تخدم مصالحه. البترودولار كان أحد الأدوات الرئيسية التي استخدمها النظام السعودي لتوسيع نفوذ الوهابية في العالم الإسلامي، الأمر الذي أدى إلى تقويض الفكر المعتدل.
4. الوهابية وسفك الدماء:
الدماء التي أُريقت في عدة دول عربية وإسلامية كانت نتيجة مباشرة لهذه الفكر الوهابي الذي لا يتوانى عن تكفير المخالفين وقتلهم وتدميرهم. لم يكن الجهاد الذي تبنته الوهابية في سوريا والعراق واليمن وليبيا وغيرها من البلدان إلا حربًا إيديولوجية تحت غطاء ديني، هدفها إعادة تشكيل المجتمعات وفقًا لمفهوم ضيق للإسلام، لا يعترف بالتنوع الفقهي والعقائدي.
5. التاريخ الإسلامي والرد على الوهابية:
الأشاعرة والصوفية الذين يتعرضون للهجوم المستمر من قبل الوهابية، هم أهل السنة والجماعة الذين حافظوا على التوازن العقائدي في الأمة الإسلامية عبر قرون. نور الدين زنكي، صلاح الدين الأيوبي ، ومحمد الفاتح كانوا من أبطال الأمة الذين نجحوا في حماية الهوية الإسلامية، وأعادوا للأمة كرامتها، وكانوا يتبعون الفكر الأشعري الذي كان أساسًا لفهمهم للإسلام.
6. المسألة ليست بين الضحية والجلاد:
يجب أن نكون صريحين بأن الدعوة إلى التصالح بين أهل السنة والفرق الإسلامية يعني المساواة بين الضحية والجلاد.
الوهابية كانت هي الطرف المعتدي الذي سفك الدماء ودمر العقول، بينما الأشاعرة والصوفية كانوا يحاولون الحفاظ على الهوية الإسلامية في ظل هذه الهجمة الشرسة.
محاولة التوفيق بين الطرفين يجب أن تكون واقعية، ولا تعني أن نغض الطرف عن الجرائم التي ارتكبت بحق الأمة الإسلامية.
7. من هو المسؤول؟
في النهاية، المسؤولية لا تقع فقط على عاتق العلماء أو المفكرين الذين قاوموا هذا الفكر، بل على الأمة كلها، التي تحتاج إلى العودة إلى صوابها.
لا يمكن أن نترك الفكر الوهابي يهيمن على الأمة الإسلامية أكثر، ولا بد أن تعود الأمة إلى فكرها المعتدل الذي لا يعترف بالقتل والدماء والتكفير.