من أحكام الطلاق قبل الدخول


بقلم الدكتور : محمد فهمي رشاد

مدرس التفسير وأصول الفقه بجامعة القصر الدولية بدولة ليبيا

الطلاق قبل الدخول هو: الطلاق الذي يقع بعد عقد الزواج (كتب الكتاب)، وقبل أن يدخل بها الزوج، أو يخلو بها خلوة شرعية.

ويترتب على الطلاق قبل الدخول والخلوة الشرعية ما يأتي:

1- يقع الطلاق بائناً باتفاق الفقهاء، ولا يملك الزوج حق الرجعة فيه إلا بعقد جديد بولي وشاهدين، ولها مهر جديد بحسب ما يتفقان عليه.

2- لا تجب على المرأة عدة طلاق؛ فقد بانت منه، ولا يلزمها الانتظار لفترة معينة قبل الزواج مرة أخرى.

3- تستحق نصف المهر أو المتعة بحسب الأحوال:

فتستحق المرأة نصف المهر إذا كان المهر مسمّىً (أي محدداً في عقد الزواج).

وتستحق نصف المتعة إذا لم يُسمَّ المهر في العقد، بقدر ما يسَّر الله من كسوة أو نقود، وتُقدَّر بنصف مهر المثل أو بما يراه القاضي مناسباً.

وقد دلّ على ذلك قول الله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً} [الأحزاب: 49].

وقوله تعالى:
{وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} [البقرة: 241].

فمن مكارم الأخلاق، ومن تمام الإحسان والمعروف، إعطاؤها نصف المهر أو كامل المهر جبراً لخاطرها.

فإن عاشا معاً بعد الطلاق دون عقد جديد، كانت حياتهما محرمة وعلاقتهما غير شرعية. وفي حال الجهل بالحكم يُنسب الولد للأب، أما إن استمرا بعد العلم بالحكم فهو من الزنا المحرَّم.

قال ابن قدامة – رحمه الله –:
“أجمع أهل العلم على أن غير المدخول بها تبين بطلقةٍ واحدةٍ، ولا يستحق مطلِّقها رجعتها”.

تنبيه: إذا تم عقد الزواج وحدثت خلوة صحيحة (أي خلوة شرعية كاملة) بين الزوجين قبل الطلاق، فإن الطلاق يكون رجعياً لا بائناً في بعض الآراء الفقهية، بينما رأى آخرون أنه بائن، وتستحق الزوجة كامل المهر.

الحكم إذا حصلت زيادة في الصداق (المهر) في حالة الطلاق قبل الدخول:

اختلف الفقهاء في هذه المسألة على قولين:

الأول: يرى الحنفية والمالكية أن الزوج إذا طلق زوجته قبل الدخول يُشطر الصداق، سواء بقي على حاله، أو حدثت فيه زيادة متصلة أو منفصلة؛ إذ تُلحَق الزيادة بالأصل، فيرجع الزوج على الزوجة بنصف ما دفعه لها بزيادته المتصلة أو المنفصلة؛ لأن تلك الزيادة في حكم جزء من العين، والحادث منها بعد العقد قبل القبض كالموجود وقت العقد.

الثاني: يرى الشافعية والحنابلة أن زيادة الصداق المنفصلة تكون للمرأة، ويرجع الزوج بنصف الأصل فقط؛ لأن تلك الزيادة نماء ملكها، والرجوع بنصف الأصل لا يلحق الضرر بأحدهما. أما إن كانت الزيادة متصلة، فإن الزوج لا يستقل بالرجوع إلى النصف ذاته، بل تُخيَّر الزوجة بين رد نصفه مع زيادته، أو إعطاء نصف قيمته يوم العقد.

غير أنّ للمرأة أن تعفو عن ذلك في الحالتين أو إحداهما، أو يتراضيا على شيء من العوض المباح.