كان الصحابة يرون بعض الأمور بدعة، ومع ذلك يفعلونها أو يتركونها ويمدحونها!
27 أغسطس، 2025
شبهات حول قضايا التصوف

بقلم الشيخ : الحسين بن أحمد المالكى الأزهرى
كان الصحابة يرون بعض الأمور إنها بدعة، ومع ذلك يفعلونها أو يتركونها ويمدحونها!
ورغم علمهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفعلها، ولا الخلفاء الراشدين، إلا أنهم كانوا يرون فعلها أو مدحها مع الترك
مثال على ذلك صلاة الضحى:
فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يصلي الضحى، ولا أبوبكر ولا عمر رضي الله عنهما.
والصحابيان ابن عمر وابن مسعود رضي الله عنهما، كانا يقولان أن صلاة الضحى بدعة!
والسيدة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها كانت تقول إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يصلي الضحى، ومع ذلك كانت تصليها وتعلمها الناس!
انظر كيف أن الصحابي الجليل الزاهد عبد الله بن عمر رضى الله عنه، يقول أن صلاة الضحى بدعة!
جاء فى صحيح البخاري، ( بَاب صَلاةِ الضُّحَى فِي السَّفَرِ) :
عَنْ مُوَرِّقٍ قَالَ : قُلْتُ لابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَتُصَلِّي الضُّحَى؟
قَالَ: لا
قُلْتُ فَعُمَرُ؟
قَالَ: لا
قُلْتُ :فَأَبُو بَكْرٍ؟
قَالَ : لا
قُلْتُ: فَالنَّبِيُّ؟
قَالَ: لا إِخَالُهُ. اهـ
إذا سيدنا عبد الله بن عُمر كان لا يُصّلى الضُحى، ولا يظن أن النبى صلى الله عليه وسلم وسيدنا أبوبكر وسيدنا عمر يُصّلون الضُحى، وفوق ذلك كان يقول عنها بدعة!
فقد جاء فى صحيح مسلم ( باب بيان عدد عُمَر النبيَ صلى الله عليه وسلم وزمانهن) :
عن مجاهد قال :دخلت أنا وعروة بن الزبير المسجد فإذا عبدالله بن عمر جالس إلى حجرة عائشة، والناس يُصلّون الضُحَى في المسجد فسألناه عن صلاتهم ؟
فقال بدعة.اهـ
وجاء فى مصنف إبن أبى شيبه
( مَنْ كَانَ لاَ يُصَلِّي الضُّحَى) :
حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حدَّثَنِي أَبي وَإِســرَائِيلُ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنِ التَّمِيمِيِّ ، قَالَ : ســــأَلْتُ إبنَ عُمَرَ عَنْ صَلاَةِ الضُّحَى فَقَالَ : وَلِلضُّحَى صَلاَة؟!. اهـ
ومع ذلك سيدنا ابن عمر يعتقد أنه ليس كُلّ مالم يفعله النبى صلى الله عليه وسلم وخلفائه مذموم مردود بدلالة أنّه يقول أنّ صلاة الضُحى بدعه، ويُنكر أن تكون هُنالك صلاة اسمها صلاة الضُحى!
ورغم ذلك يرى المُسلمين يُصلّونها ولايُنكر عليهم صلاتهم بل مدحهم!
فقال كما جاء في مصنف إبن أبى شيبه، نفس الباب السابق :
حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنِ الْجُرَيرِيِّ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ الأَعْرَجِ قَالَ : سَأَلْتُ ابْن عُمَرَ عَنْ صَلاَةِ الضُّحَى وَهُوَ مُسْتَنِدٌ ظَهْرَهُ إلَى حُجْرَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ :
بِدْعَةٌ وَنِعْمَتِ الْبِدْعَةُ.اهـ
وجاء فيه فى باب مَنْ كَانَ يصلّيها ( يعنى الضُّحَى ) : حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُسْلِمٍ الْهَمْدَانِيُّ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَمْرٍو الْقُرَشِيِّ ، قَالَ :
أَتْبَعَنِي أبي عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ لأَتَعَلَّمَ مِنْهُ فَمَا رَأَيْتُهُ يُصَلِّي السُّبْحَةَ ، وَكَانَ إذَا رَآهُمْ يُصَلُّونَهَا قَالَ : مِنْ أَحْسَنِ مَا أَحْدَثُوا سُبْحَتُهُمْ هَذِهِ.اهـ
ابن عمر رضى الله عنهما كما ترى يعتقد أن من البدع بدع حسنه، وأن ليس كُل مأأُحدث بدعه ضلاله، بدليل مدحه لمن يصلى الضُحى وقوله فيها (مِنْ أَحْسَنِ مَا أَحْدَثُوا سُبْحَتُهُمْ هَذِهِ ) وقوله : (وَنِعْمَتِ الْبِدْعَةُ ) ولو كان يعتقد أن كل مُحدث بدعه ضلاله لما مدح مايعتقده بدعه لم يفعله النبىّ ولا خليفتيه .
وانظر إلى الصحابي الجليل الفقيه عبد الله بن مسعود رضى الله عنه :
جاء فى مصنف إبن أبى شيبه باب من كان لايصلى الضحى:
حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ : حدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ : لَمْ يُخْبِرْنِي أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ أَنَّهُ رَأَى ابْنَ مَسْعُودٍ يُصَلِّي الضُّحَى.
حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حدَّثَنَا الأَعْمَشُ ، عَنْ أَبِي الضُّحَى ، عَنْ مَسْرُوقٍ ، قَالَ : كُنَّا نَقْرَأُ فِي الْمَسْجِدِ فَيَثْبُتُ النَّاسُ فِي الْقِرَاءَةِ بَعْدَ قِيَامِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، ثُمَّ نَقُومُ فَنُصَلِّي الضُّحَى ، فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ مَسْعُودٍ ، فَقَالَ : عِبَادَ اللهِ لِمَ تُحَمِّلُوا عِبَادَ اللهِ مَا لَمْ يُحَمِّلْهُمَ اللَّهُ إِنْ كُنْتُمْ لاَ بُدَّ فَاعِلِينَ فَفِي بُيُوتِكُمْ.اهـ
وانظر إلى السيده عائشه رضي الله عنها :
فقد جاء فى صحيح البخاري، (بَاب مَنْ لَمْ يُصَلِّ الضُّحَى وَرَآهُ وَاسِعًا) :
عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَبَّحَ سُبْحَةَ الضُّحَى وَإِنِّي لأُسَبِّحُهَا .اهـ
فهي رضى الله عنها تقول أنها لم ترى رسول الله صلى الله عليه وسلم يُصلى الضُحى، وهي مع ذَلك تُصليها كما جاء فى المصنف نفس الباب السابق : حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ مِسْعَرٍ ، عَنْ سَعدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ : أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تُصَلِّي الضُّحَى صَلاَةً طَوِيلَةً.اهـ
وفيه في نفس الباب حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَائِشَةَ ، أَنَّهَا كَانَتْ تُغْلِقُ عَلَيْهَا بَابَهَا ، ثُمَّ تُصَلِّي الضُّحَى. اهـ
ماذا يعني هذا؟
يعني هذا أنه ليس كل فعل لم يفعله النبى صلى الله عليه وسلم يكون بدعه مردوده فقط لكون النبى صلى الله عليه وسلم لم يفعله بل يجب أن يُضاف لذَلك دليل يُفيد المنع فقد كانت أُمنا السيده عائشه تُصلى الضُحى وتُطيل مع قولها أن النبى الكريم لم يُصلها إلا أن يكون عائداً من غيبه.
ملاحظة هامة :
صلاة الضحى سُنّة مؤكدة عند جمهور الفقهاء، ولها أدلة قوية في الصحاح.
ومع أن صلاة الضحى سنة مؤكدة عندنا، لكن كما تري تضاربت الآراء حولها من قبل الصحابة.. ومنهم من كام يراها بدعة!
الشاهد في الموضوع..
ان الذين كانوا يرونها بدعة ولم يصلونها، لم يكن يتهمون الذين يصلونها بانهم مبتدعة ولم يعيبوا عليهم، ولو كانوا اليوم في عصرنا لهاجمهم الوهابية ولربما كفروهم.
والشاهد الآخر..
أن الصحابة الكرام كانوا يرون ان البدعة منها الحسنة ومنها السيئة، وليس كما يقول الوهابية ان كل بدعة ضلالة في النار!