المحبة الإلهية.. جوهر الوجود وسر السعادة


بقلم الكاتب والداعية الإسلامى

الدكتور : رمضان البيه

 

الحب هو مكمن سر الحياة وروحها فهو الحياة حقيقة وبدونه تصبح الحياة جحيم لا يطاق . والأصل في المحبة ومصدرها ” محبة الله تعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام وأهل بيته الأطهار” .

هذا ومن الملعوم لأي إنسان عاقل أن المستحق للحب الأعظم الأسمى الأجل هو الله عز وجل وهو القائل سبحانه ” عبدي إني لك محبا فبحقي عليك كن لي محبا ” وهو سبحانه المتفضل علينا وعلى جميع الخلق بنعمة الخلق والإيجاد وهو تعالى صاحب الفضل والنعم والإمداد وصدق تعالى إذ قال ” وما بكم من نعمة فمن الله ” .

وهو تبارك في علاه الذي إليه المرجع وبيده الحساب ، وهو جل جلاله الإله الخالق الرحمن الرحيم اللطيف الرؤوف الودود العاطي الوهاب والكريم الجواد صاحب الرحمة التي وسعت كل شئ ، وهو صاحب العفو والتوبة والمغفرة سبحانه وتعالى .

وللحب الصادق معاني كثيرة منها :
الطاعة الكاملة والولاء الكامل للمحبوب وإيثار مراد المحبوب على هوى النفس وتقديمه عن من سواه . ومن معانيها ايضا ” البذل والعطاء والتضحية وتقديم المحبوب على من سواه والشوق إليه والحنين إلى لقاءه ، والغيرة عليه وبذل الروح والنفس فداءه . والغرام فيه والتصبب والهيام ومداومة ذكره .

هذا وقد تعددت أقوال الصالحين في محبة الله تعالى..

يقول سيدنا يحيى بن معاذ رضي الله عنه :

عَلَى قَدْرِ خَوْفِكَ مِنَ اللَّهِ يَهَابُكَ الْخَلْقُ، وَعَلَى قَدْرِ حُبِّكَ لِلَّهِ يُحِبُّكَ الْخَلْقُ، وَعَلَى قَدْرِ شُغْلِكَ بِأَمْرِ اللَّهِ يَشْتَغِلُ الْخَلْقُ بأمرك) ..

ويقول سيدنا الفضيل بن عياض رضي الله عنه :
كفى بالله محبا، وبالقرآن مؤنسا، وبالموت واعظا، اتخذ الله صاحبا، وذر الناس جانبا ..

ويقول سيدنا مالك بن دينار رضي الله عنه :

مساكين أهل الدنيا خرجوا من الدنيا وما ذاقوا أطيب ما فيها قيل: وما أطيبُ ما فيها ؟ . قال: محبةُ الله والأنسُ به والشوقُ إلى لقائه والتنعمُ بذكره وطاعتُه ..

ويقول إبن القيم رضي الله عنه :

أَوَّلُ نَقْدَةٍ مِنْ أَثْمَانِ الْمَحَبَّةِ: بَذْلُ الرُّوحِ فَمَا لِلْمُفْلِسِ الْجَبَانِ الْبَخِيلِ وَسَوْمِهَا ؟ .ولَا يَزَالُ سَعْيُ الْمُحِبِّ صَاعِدًا إِلَى حَبِيبِهِ لَا يَحْجُبُهُ دُونَهُ شَيْءٌ {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} . ويقول أيضا :

وِ إن إجْتَمَعَتْ مَحَبَّةُ الْخَلْقِ كُلِّهُمْ وَكَانَتْ عَلَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْهُمْ كَانَ ذَلِكَ دُونَ مَا يَسْتَحِقُّهُ الرَّبُّ جَلَّ جَلَالُهُ ..

والمحبة رُوحُ كُلِّ مَقَامٍ وَمَنْزِلَةٍ وَعَمَلٍ. فَإِذَا خَلَا مِنْهَا فَهُوَ مَيِّتٌ لَا رُوحَ فِيهِ؛فَمَنْ لَا مَحَبَّةَ لَهُ لَا إِسْلَامَ لَهُ أَلْبَتَّةَ ..

ويقول سيدنا الحسن بن آدم رضي الله عنه :

“أحب الله يحبك الله، واعلم أنك لن تحب الله حتى تحب طاعته ” .وسئل سيدي ذي النون المصري رضي الله عنه.

متى أحب ربي؟
قال : “إذا كان ما يبغضه عندك أمر من الصبر”. ..ويقول سيدنا ابويعقوب النهرجوري رضي الله عنه :

“كل من ادعى محبة الله جل جلاله ولم يوافق الله في أمره، فدعواه باطلة، وكل محب ليس يخاف الله فهو مغرور” .

ويقول سيدنا يحيى بن معاذ :

ليس بصادقٍ من ادَّعى محبةَ اللهِ ولم يحفظْ حدودَه .. ويقول سيدنا رويم رضي الله عنه :
“المحبة الموافقة في جميع الأحوال “
وأنشد: ولو قلت لي مت مت سمعا وطاعة. وقلت لداعي الحق أهلا ومرحبا ..

ويقول سيدنا إبن عطاء رضي الله عنه :

‏”إنَما ابتُليَ الخلق بالفراق، لئلّا يكون لأحدٍ سكونٌ مع غير الله تعالى”. .

ويقول سيدنا إبن عياض رضي الله عنه :

عاملوا الله عز وجل بالصدق في السر، فإن الرفيع من رفعه الله، وإذا أحب الله عبداً أسكن محبته في قلوب العباد ..

ويقول إبن القيم أيضا :

من أعجب الأشياء أن تعرف ربك ثم لا تحبه وأن تسمع داعيه ثم تتأخر عن الاجابة وأن تعرف قدر الربح في معاملته ثم تعمل غيره وان تعرف قدر غضبه ثم تتعرض له وأن تذوق ألم الوحشة في معصيته ثم لا تطلب الأنس بطاعته ..

وقال رجل لطاوس: أوصني قال أوصيك أن تحب الله حبًا حتى لا يكون شيء أحب إليك منه، وخفه خوفًا حتى لا يكون شيء أخوف إليك منه، وارج الله رجاء يحول بينك وبين ذلك الخوف وارض للناس ما ترضى لنفسك .