الرحمةلغة القلوب ودواء البيوت [سلسلة بيوت على نور]

بقلم الدكتورة : إبتسام عمر عبد الرازق الواعظة بوزارة الاوقاف المصرية 

سلسلة بيوت على نور المقال السابع :

الرحمة ليست خُلقًا عابرًا، بل هي روح تسري في جنبات البيت، فتحوّل جدرانه إلى دفء، وأهله إلى سند. الرحمة لا تُختزل في شفقة أو عاطفة لحظية، بل هي أساس بقاء المودة، وعماد كل علاقة إنسانية سليمة.

القرآن الكريم جعل الرحمة من أوصاف الله تعالى العظمى، قال سبحانه:
﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴾ [الأعراف: 156] فإذا كانت رحمة الله وسعت كل شيء، فكيف لا يكون لبيوتنا منها نصيب؟

ومن أرقّ الصور القرآنية: قوله تعالى عن العلاقة الزوجية:
﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ [الروم: 21] والمودة قد تهتز تحت ضغط الأيام، لكن الرحمة هي التي تُبقي البيت قائمًا على السكينة، وتمنح العلاقة معنى التضحية والرفق.
النبي ﷺ كان قدوة في الرحمة، فقد قال:”الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا مَن في الأرْضِ يَرْحَمْكُم مَن في السَّمَاءِ” [رواه الترمذي] بل إنه ﷺ جعل معيار الإيمان الحقيقي في وجود الرحمة: لا يَرحمُ اللَّهُ مَن لا يَرحمُ النَّاسَ)” رواه البخاري(وكان ﷺ مع أهله مثالًا للرفق، فقد سُئل عن خُلقه في بيته، فكان يساعد أهله ويبتسم لهم، ويعاملهم برحمة لا بغلظة ولا تسلّط.

والرحمة في واقع بيوتنا :
• حين يغضب الأب، الرحمة هي التي تمنعه من الكلمة الجارحة.
• حين تُخطئ الزوجة أو الزوج، الرحمة هي التي تدعو للعفو لا للانتقام.
• حين يرهق الأولاد أو يعاندون، الرحمة هي التي تذكّرنا أن قلوبهم لا تُصلحها إلا الكلمة الطيبة قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه:”الناس صنفان: إما أخ لك في الدين، أو نظير لك في الخلق.”فكيف لا يكون أهل بيتك أَولى الناس برحمتك وهم الأقربون إليك؟البيت الذي تُزينه الرحمة، بيت على نور. نور من القرآن الذي يدعو إلى الرحمة، ومن السنة التي تُجسدها في حياة النبي ﷺ، ومن القلوب التي تعيشها في تفاصيلها اليومية.

فلنُحيِ خُلُق الرحمة في بيوتنا ليعمّ دفؤه قلوبنا، وينتقل أثره إلى المجتمع بأسره.