ممن نأخذ هذا الدين ؟
15 سبتمبر، 2025
منبر الدعاة

بقلم الشيخ : عبدالله قدري سعد
في زمن السرعة والبحث السريع، صار “جوجل” شيخًا افتراضيًّا لكثير من الشباب، يفتحون المتصفح فيسألون عن الحلال والحرام، وعن دقائق المسائل، ثم يخرجون وكأنهم صاروا فقهاء العصر.
ومثلهم من جعل “الكتاب” وحده شيخًا له، يقرأ بلا مُصحِّح، ويحكم بلا ميزان، فيقع في خلطٍ واضطراب.
العلم في تراثنا لم يكن كلمات محفوظة، ولا نصوصًا مجمَّدة، بل كان حياةً تُتلقَّى عن رجالٍ ربّاهم رجال، يحملون السندَ المتصل، ويُنزِّلون الأحكام في مواقعها. قالوا قديمًا: “من كان شيخه كتابه كان خطؤه أكثر من صوابه”، واليوم يمكن أن نقول أيضًا: “ومن كان شيخه جوجل… ضاع بين آلاف الروابط”!.
الخطر الحقيقي أن يتصور المرء أن فتوى سريعة أو نصًا منقولًا يكفي لبناء دينٍ أو إصلاح قلب، بينما العلم أمانةٌ تحتاج إلى تربية وتدرج وصحبة صالحة. فالشيخ يفتح لك أبواب الفهم، يعلّمك مواضع الرحمة قبل مواضع الشدة، ويعطيك الحال مع المقال.
لقد نشأ أعلام الإسلام على هذه القاعدة: القرآن في الصدر، والعلم على يد شيخ، ثم القراءة والبحث بعد ذلك. أما أن نعكس المعادلة، فنبدأ بجوجل أو بكتابٍ بلا مُعلِّم، فهذه أقصر الطرق إلى التيه الفكري والاضطراب النفسي.
فليكن الإنترنت وسيلةَ بحثٍ واستزادة، وليكن الكتاب خزانةً للعلوم، لكن لا يغني شيء من ذلك عن صحبة شيخٍ مربٍّ، يُعلِّمك بعلمه، ويربيك بحاله، ويربط قلبك بالله ورسوله ﷺ.