شذوذ الوهابية عن أهل السنة وتكفيرهم للمسلمين
6 أغسطس، 2025
الوهابية ومنهجهم الهدام
اعداد الاستاذ / سيد حسن

المقال الثالث من سلسلة ( الوهابية فكراً وممارسة )
كتاب للدكتور محمد عوض الخطيب
اعداد الاستاذ / سيد حسن
ينتمي الوهابيون أساساً إلى المذهب الحنبلي ، ولكنهم يختلفون عن سائر الحنابلة وسائر المسلمين في أمور خاصة بهم، سمحوا لأنفسهم على أساسها أن يكفروا المسلمين ويشركوهم ويستحلوا دماءهم وأموالهم وذراريهم .
ولعل ما يلفت النظر مبدئياً ، تلك النظرة الجزئية الإنتقائية لآيات القرآن وللسنة النبوية ، التي تضرب عرض الحائط بكل ما يخالفها ، فهي تختار الآيات وتعطيها معاني خاصة لا يلبث أن يظهر اضطرابها عندما تصطدم بمعاني الآيات الأخرى ، كما أنهم يختارون بعض الأحاديث ويفسرونها بمعزل عن القرآن الكريم أو عن غيرها من الأحاديث . ومن أجل قطع الطريق على إمكانية مناقشتهم في هذا المجال فهم يلجأون إلى أسلوب التهويل فيستخدمون تعبير اجمع العلماء وينفون مخالفة أحد لما ذهبوا إليه ، وعند الاضطرار الشديد يرمون رواة الأحاديث التي تخالف ما يدلون به بالوضع والضعف والكذب.
كما أنهم يعلنون عدم اعتدادهم بما ساد ودرج بعد المئة الثالثة من التاريخ الإسلامي معتبرين أن هذا الذي درج وساد بِدَعْ مذمومة يجب القضاء عليها .
ولكن هذا الذي يعتبرونه بدعاً ويكفرون بموجبه ويشركون المسلمين ، لا يلبث أن ينكشف أنه كان استمراراً لسنن كانت قائمة إبان القرون الثلاثة التي لا يعترفون إلا بما كان يجري فيها .
ومن هنا تبين أن مؤسسي الحركة ، كأنهم وضعوا لأنفسهم غايات محددة يعملون على تحقيقها بكل الوسائل ، فيسخرون آيات القرآن والأحاديث وسائر مصادر التشريع لخدمة مفاهيم مكونة سلفاً ، بأسلوب من يضع العقيدة ثم يبحث عن وسائل إثباتها.
وهكذا فهم يفهمون القرآن والسنة وسيرة السلف الصالح على ضوء ما وضعوه من أفكار وخطط بدلاً من أن يستمدوا أفكارهم وخططهم من مصادر الإسلام الأساسية وهذا ما يعطي مصداقية إلى مذكرات المستر همفر التي تقول إن ابن عبد الوهاب كان يستخف بالخلفاء والأئمة ، وأنه تولى مهمة تكفير المسلمين ومن ثم تحليل قتلهم واسترقاقهم وبيعهم في أسواق النخاسة .
كل هذا سيظهر جلياً من خلال عرضنا للأمور التي يأخذها الوهابيون على المسلمين دون أن نرانا بحاجة إلى تناول ما يتفقون معهم عليه .
وفيما يلي وبناءً على ما قدمنا سوف نتناول موقف الوهابية من تنزيه الله عز وجل ، ثم نتناول موقفهم من المسلمين ، مرجئين مواقفهم من الكفار إلى الفصول اللاحقة .
الموقف الوهابي تجاه الألوهية : التجسيم والتحييز :
يعلن الوهابيون أن حركتهم قامت أصلاً لإثبات التوحيد الله عز وجل ومقاومة الشرك والكفر وتخصيص الألوهية والعبادة بالله تعالى ، فقضت على كل ما اعتبرته إشراكاً لغير الله في الألوهية والمعبودية ولكن الوهابيين ينظرون إلى الله تعالى نظرة تتعارض جذرياً مع إعلانهم هذا فيجسمون الله ويحيزونه وينسبون إليه التحرك من مكان إلى مكان ويثبتون له تغير الأحوال النفسية ، كما يؤمنون بأنه يمكن للناس رؤيته بالعين يوم القيامة ، وكل هذا يتعارض مع تنزيهه ونفي شبهه بمخلوقاته .
لقد أثبتوا له تعالى الاستواء والجهة والجسمية والمجيء والرحمة والغضب بمعانيها الحقيقية لا المجازية ، وأوضح ذلك الشيخ محمد بن عبد اللطيف الحفيد الثالث لابن عبد الوهاب في الرسالة الخامسة الواردة في كتاب الهدية السنية بقوله : (ونؤمن بأسماء الله تعالى وصفاته ونثبت ذلك على ما يليق بجلاله وعظمته إثباتاً بلا تمثيل وننزه الله عما لا يليق بجلاله تنزيهاً بلا تعطيل ، ونعتقد أن الله سبحانه وتعالى مستو على عرشه عال على خلقه ، وعرشه فوق السماوات وهو بائن عن مخلوقاته ولا يخلو مكان من علمه فنؤمن باللفظ ونثبت حقيقة الاستواء ولا نكيف ولا نمثل لأنه لا يعلم كيف هو إلا هو …. وكذلك اعتقادنا في جميع أسماء الرب وصفاته من الإيمان باللفظ وإثبات الحقيقة ، ونفي علم الكيفية”.
وهكذا فهم يؤمنون بحقيقة اللفظ أي بمعناه الحقيقي ويقرون بجهل الكيف ، ومن هنا وبسبب تمسكهم بظاهر اللفظ فهم مجسمة بشكل ما وإن نفوا هذه الصفة عنهم ، لأن الألفاظ المشار إليها لا تخلو من التشبيه بالحركات والصفات الإنسانية إلا إذا أخذت معانيها المجازية. أما إذا أخذت معانيها اللفظية فهي تحتمل بالضرورة شبهاً بالحركات الإنسانية اللهم إلا إذا أمكن تصور أن تتخذ معاني غير المعاني المعروفة لغوياً ، فيكون خطاب الباري عز وجل غير مفهوم ، وهذا ما يتناقض مع التأكيد الإلهي القائل : ( إنا أنزلناه قرآنا عربياً لعلكم تعقلون ) .
على أن الاعتراف بجهل الكيفية ليس موقفاً ثابتاً على ما يبدو فعبد العزيز بن محمد آل سعود ، عندما يشير إلى عقائد أهل السنة التي توافق عليها الوهابية يؤكد أنهم “يقولون أن الله تعالى يرى بالأبصار يوم القيامة كما يرى القمر ليلة البدر ، ويراه المؤمنون ولا يراه الكافرون ” .
أما مؤسس المذهب محمد بن عبد الوهاب فكان متجاوزاً لكل التحفظات، فهو يثبت في كتابه «التوحيد» كل ما ذكر، ويمعن في إثبات الجسمية الله سبحانه وتعالى حيث يروي في باب وما قدروا الله حق قدره (أن حبراً من أحبار اليهود أتى الرسول صلى الله عليه وسلم فقال له : إنا نجد أن الله يجعل السماء في إصبع والأرضين في إصبع والشجر على إصبع والماء على إصبع والثرى على إصبع وسائر الخلق على إصبع فيقول : أنا الملك . ثم ينسب الموافقة إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم على هذا الحديث بقوله : “فضحك الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حتى بدت نواجذه تصديقاً لقول الحبر ثم قرأ : وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة).
وهكذا فإن الوهابية تنسب إلى الله ما لا يليق به وهي تقتفي في هذا أثر ابن تيمية الذي خالف آراء عامة علماء المسلمين في عصره ، الأمر الذي أدى إلى سجنه حيث تاب ثم تراجع عن التوبة وبقي مسجوناً حتى توفي وإذا كان هذا الموقف يستند في ما يستند إليه إلى حديث حبر من أحبار اليهود لم يوافق عليه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كما يدعي ابن الوهاب بـل دحضه مستشهداً بالآية الكريمة : ( وما قدروا الله حق قدره) فإنه يتفق مع موقف اليهود الذين ينسبون إلى يهوه الصفات الإنسانية ويشبهونه بمخلوقاته سواء في الشكل والحركة أو في الانفعالات النفسية ، وهذا يتناقض تناقضاً مطلقاً.
وهكذا فإن الوهابية تحارب تأويل الآيات المطلوب تأويلها لتأتي منسجمة مع آيات التنزيه وأحاديث التنزيه في مجال صفات الله، وتعتبر تنزيه الله هذا تعطيلاً، متناسية اشارات الله تعالى إلى التأويل كقوله تعالى: (وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم﴾ آل عمران ۷ ، وقوله تعالى: (يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق(الأعراف ٥٣ ، ومتناسين كذلك اشارات الأحاديث النبوية الشريفة إلى هذا الموضوع كقوله صلى الله عليه وسلم في دعائه لابن عباس : اللهم علمه الحكمة والتأويل.
على أن الوهابية في هذا الأمر يتنكرون حتى لإمام الحنبلية التي ينتسبون إليها، أحمد بن حنبل الذي أخذ بالتأويل كغيره من أئمة المذاهب ومفسري المسلمين وذلك في تفسيره لآية: (وجاء ربك … بقوله أي جاءت قدرته كما رواه البيهقي أي أثر من آثار قدرته .
وإذا أردنا استنفاد كل ما حمله أئمة المسلمين من تأويل لآيات القرآن لضاقت هذه الصفحات عن ذلك، وكل هذا لتأتي الآيات المتشابهات منسجمة مع الآيات المحكمات النافية للجسمية كقوله تعالى (ليس كمثله شيء ) . وقوله ( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ). وهكذا فقد اجتهدوا في تأويل الاستواء على العرش والعلو والكون في السماء فاعتبروا الاستواء بمعنى الاستيلاء. والعلو بمعنى علو القدر.