سلسلة : مقالات في الفقه الإسلامي المعاصر بقلم الأستاذ : مهدى صالحى
إن المذهب أو المذهبية هي ذلك الاتجاه الفكري الإسلامي الذي تبنى منظومة من الرؤى الفقهية أو الأطروحات الكلامية التي نشأت في ظل ظرفية زمانية ومكانية قصد الدفاع عن المبادئ العقدية والتشريعية بالبراهين النقلية والعقلية أو للاستجابة للمشاغل الإنسانية وفقا للسياق الحضاري
غير أن التنوع بين المذاهب الإسلامية بعد انقطاع الوحي كانت له تداعياته في احتدام الصدام الإيديولوجي الطائفي المذموم وهو مافسح المجال للفكر الغربي والسياسة الخارجية اليوم في إعادة إحياء ذلك الخلاف الفكري القديم لتأجيج الصراع بين الاتجاهات الإسلامية وتحويله من صدام سياسي إلى خلاف مذهبي عقائدي لايستجيب للمقاصد الأصلية الحقيقية للنص التأسيسي.
ولذلك فإنه في الكشف عن مقاصد العقيدة والشريعة معا لهو سبيل كفيل برأب الصدع وتحرير العقل الإسلامي المعاصر من صنم الطائفية ذلك لأن البعد المقاصدي من التوحيد هو إرساء الوحدة الإنسانية الإسلامية بالقطيعة مع تلك النزعة المذهبية الضيقة التي أساءت إدارة مبدأ الاختلاف الفكري وكرّست للافتراق.قال تعالى:إن الذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء”
أي أن ظاهرة الافتراق من المفاسد الكبرى التي تضرّ كيان المسلمين بصرف النظر عن انتماءاتهم حيث يتحتّم درءها بتفعيل المقصد من العقيدة الدينية كتوحيد جهود الأمة وجمعهم على كلمة سواءوتحقيق المصلحة العامة من خلال تشريع صلاة الجماعة حيث قال عليه الصلاة والسلام:دعوها فإنّها منتنة فمن أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة فإن الشيطان مع الواحد وهو من الإثنين أبعد” وفي ذلك حث على تجاوز النعرات الطائفية
وإن القراءة المقاصدية للنص لهي عمل عقلاني يؤكد أن ذلك الصراع الفكري اللامشروع يعود إلى عدم الوعي بالمصلحة من التوحيد وأبعاده الحضارية الإنسانية وهي تحقيق الاجتماع الإنساني والتصدّي لكل أشكال الصراعات ضمانا للصحوة الحضارية وحفظا لمعالم الدين الإسلامي
وماتلك الخلافات بين الاتجاهات السنّية والشيعية إلاجهل بحقيقة النبوة والوحي ولأنها صناعة سياسية غايتها المصلحة الموهومة التي تخالف روح النص ومقاصده