عزيزي الرجل… أين أنت؟
18 يوليو، 2025
بناء الأسرة والمجتمع

بقلم د : إبتسام عمر عبد الرازق
واعظة معتمدة بوزارة الأوقاف المصرية
في زمن تتغيّر فيه المفاهيم وتتداخل الأصوات، يبقى سؤال المرأة الصادق للرجُل صدًى يتردّد في أركان الحياة اليومية… تساؤل لا عن وجوده الجسدي، بل عن حضوره القيمي والروحي.
لا يمر يوم إلا ونسمع عن عنف يمُارس ضد المرأة أو قضية ترفعها المرأة للحصول على حقها سواء حقها فى المعاملة الحسنة أو حقها وحق أطفالها فى النفقة أو حقها فى الميراث وغيرها من القضايا والحقوق الضائعة التى يكون سببها الرجل.
عزيزي الرجل… أين أنت؟
أين أنت من قول الله تعالى:{الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} [النساء: 34]؟
أين أنت من تلك القوامة التي تعني رعايةً لا تسلّط، وعطفًا لا قسوة، ومسؤولية لا هروبًا؟
لقد كان رسول الله ﷺ سيدَ الرجال، وما ضرب يومًا امرأة، وما أهان أحدًا، بل كان إذا دخل بيته، يكون في خدمة أهله، يمازح، ويُطعم، ويحتوي, فأين أنت من خُلق نبيك؟ أين أنت من تلك الرحمة التي جعلت الرجال أمنًا لا عبئًا؟ ما عدنا نبحث عن قوةٍ في الصوت ولا في القبضة، بل عن سكينةٍ تُستمدّ من خشية الله، وعن عقلٍ يرجع إلى كتاب الله قبل أن يرجع إلى الهوى.
أين أنت حين نخشى الحياة، ونرجو كتفًا لا يهتز، وكلمة تُقال فنطمئن؟
عزيزي الرجل…
أنت لست مجرّد كائن يعبر بجسده المكان، بل أنت معنى وقيام وسند.
إن الرجولة في الإسلام موقف، وثبات، وكلمة تُقال فتُحترم.
الرجولة أن تكون عونًا لا خصمًا، وأن تعيش بميزان العدل، وتتكلم بلسان الصدق، وتتحرك بقلبٍ يخاف الله.
فهل تدري أن النبي ﷺ قال:“خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي” [الترمذي]؟
فأين أنت من هذا الخير؟ من هذا الخُلق؟ من هذه القدوة التي خُلقت لتُتبع لا لتُنسى؟
لا نريدك مثاليًّا، ولا نحمّلك فوق طاقتك، لكن نريدك كما أرادك الله:
رجلاً لا تغرّه المظاهر، ولا يُغويه التسلّط، ولا يُهزَم أمام غروره.
نريدك قوامًا بحق، رجلاً في الفتن، كريمًا في العسر، حاضرًا في الغياب، قويًّا في اللين.
فأجبني…
أين أنت ؟