اصناف الإنسان فيما يتعلق بالعقيدة
14 يوليو، 2025
العقيدة والصفات

بقلم الكاتب والباحث الكردى الدكتور : عبدالكريم فتاح أمين
وحسبما يقتضي الاستقراء العلمي من ضوء القرآن الكريم فالإنسان قد جبل من حيث الإيمان والاعتقاد بالله وما أنزل علي ثلاث تصورات، وقبل سرد تلك النقاط الثلاث أقول: فالانبياء والرسل – عليهم الصلاة والسلام – خارجون عن تلك الأصناف لأنهم اختيروا من الله تعالى ومعصمون عن الشرك بالله والصفات الرذيلة والذميمة، وها أنتم تلك الأصناف :
الأول: التصديق والاذعان من باديء الأمر من غير رؤية إنكار منه البتة.
فسيدنا ابوبكر – رضي الله عنه – قد آمن بالنبي – صلى الله عليه وآله وسلم – من غير أن يناقشه أو يبحث عنه أو يطلب إظهار معجزة لتثبت له نبوته: (( قال: نعم إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك، أصدقه بخبر السماء في غدوة أو روحة))
وذلك الموقف أصبح سببا لتسمية أبي بكر – رضي الله عنه بهذا الإسم.
وبالبداهة قبل أن يسمع أبو بكر نبأ نبوة سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم – قد عرف شخصيته وصداقته وأمانته ونسبه وأن صفاته وسماته الشريفة في موضع تعجبه، ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حول أبي بكر رضي الله عنه:
وكتاب دلائل النبوة للبيهقي- رحمة الله عليه- يذكرنا وصف أبي بكر- رضي الله عنه- من جانب حضرة الرسول – صلى الله عليه وآله وسلم : (( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما دعوت أحدا إلى الإسلام إلا كانت منه كبوة وتردد ونظر، إلا أبا بكر ما تردد فيه ))
الثاني: يؤمن ولكن بعد البحث واعمال الفكر أو يطلب من الداعي إلى الله تعالى المعجزة إن كان نبيا أو كرامة إن كان وليا من اولياء الله سبحانه، فهذه الحالة موجودة في كل الملل والأمم ، ولقد أشار القرآن إلى ذلك في عدة مواضع، فمنها أمة سيدنا عيسى – عليه السلام – ﴿ إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ ۖ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (112) المائدة.
فعلا قد قام سيدنا عيسى عليه السلام بطلبهم ودعى الله تعالى ذلك بدون توقف أو تريد ، وأن الله تعالى قد حقق امنيتهم وما حرمهم : ﴿ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ ۖ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (114) المائدة
الثالث: الانكار الكلي ورفض المدعاة بالكلية، حتى وإن أظهرت له الخوارق من العادة من المعجزة والكرامة.
وللتنويه فالقرآن الكريم مملوء من ذلك النوع ولا يسعني سرد كل ما يتعلق ، بل سأذكر لكم آية واحدة فقط في هذا الجانب:
﴿ وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم مُّعْرِضُونَ (48) وَإِن يَكُن لَّهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ (49) أَفِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ ۚ بَلْ أُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (50) سورة النور.
فهذا الصنف لا يخضع لأحكام الاسلام البتة وقد كتب على وجوههم الجحود وعدم الخضوع والانقياد قاطبة.
(أسباب الإعراض لهذا الصنف) والذي دفع ذلك الإنسان إلى الجحود وعدم الانقياد إلى تطبيق أوامر الله تعالى ونواهيه الأمور ثلاثة:
١- مرض الكفر والجحود أعاذنا الله منه.
٢- الريب والشكوك . الإيمان عبارة عن التصديق والاذعان، وبالمقابل فالارتياب والتشكك والتشكيك عبارة عن التذبذب والميل إلى الباطل، لا تقلل من شأن هذه النقطة الخطيرة لأنها يدفع الإنسان لأن يكون معرضا للتفكيك العقدي والفكري أعاذنا الله منها ، فقد وصف الله تعالى المؤمنين الذين محفوظين من ذلك المرض القاصم :
﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ﴾
٣- الخوف من زوال المال والثروة والسلطة