نعم الله وجحود العبد بها

بقلم الكاتب والداعية الإسلامى
الدكتور : رمضان البيه

في حديث قدسي عن رب العزة وصف عز وجل أحوال العباد وكيف كان جحودهم بنعمه تعالى وأفضاله ، يقول فيه تبارك وتعالى ” أنا وخلقي في شأن عظيم ، خلقت وعبدي غيري ، ورزقت وشكر سواي ، خيري إلى العباد نازل وشرهم إلي صاعد ، أتودد إليهم بالنعم وأنا الغني عنهم ،ويتباغضون إلي بالمعاصي وهم المحتاجون إلي ، الحسنة عندي بعشر أمثالها أو أزيد والسيئة عندي بواحدة أو أن أعفو ، من ناداني من قريب أجبته ، ومن ناداني من بعيد أدنيته ، إن تابوا إلي فأنا حبيبهم فإني أحب التوابين والمتطهرين، وإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم أبتليهم بالمصائب والبلايا حتى أطهرهم من الذنوب والخطايا ، أطعوني أغفر لكم  “

هذا والله سبحانه أنعم على الإنسان بنعمة العقل والعلم والبيان وخصه بما لم يخص به سبحانه أي كائن من الكائنات وهيأ له سبحانه الأرض وأسباب الحياة عليها لإقامة الخلافة في الأرض وهي الإنابة عن الله تعالى لعمارة الأرض وإثراء الحياة عليها ،  ونشر الرحمة بين الخلق ، وإقامة العدل الإلهي في الأرض ” .

وأنزل عليه كتب ورسالات سماوية حوت كل المكارم والفضائل والمحاسن والقيم الإنسانية النبيلة وأسباب المدد والإعانة حتى يتمكن من إقامة الخلافة كما أوجبها سبحانه

وأرسل إليه رسل وأنبياء كرام حتى ينيروا له الطريق في رحلة حياته ويرشدونه إلى الطريق القويم والمسلك السوي الذي يحفظ به في الدنيا ويسلم ويسعد به في الآخرة وأمره سبحانه بطاعتهم وإتباعهم .

وحذره عز وجل من أهواء النفس وميلها وغرورها ، ومن الشيطان العدو اللدود الحسود الحاقد ومن فتن الدنيا وغرورها

وأمره سبحانه بمجاهدة النفس والإجتهاد في التخلص من الأمراض الكامنة فيها والتي منها الكبر والتعالى والصلف والغرور والغطرسة والأنانية والحقد والطمع والجشع والحسد والبخل والحرص والشح وغيرها من الأمراض والعلل .

ولضعف الإنسان فتح له سبحانه وتعالى باب المد والإمداد الإلهي وتجلى ذلك في قوله جل جلاله ” إياك نعبد وإياك نستعين ” ، ثم أنه تبارك في علاه فتح له باب الأمل والرجاء والتوبة والمغفرة ولم يقنطه من رحمته ، ثم أنه تعالى خصه بالفضل والإنعام وميزه عن سائر الكائنات حيث قال تعالى ” ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا ” .

ومع كل هذا الأفضال وذلك الإنعام جحد الإنسان ولم يقابل النعم بالشكر وبدل أن يصلح أفسد وسعى في الأرض عبثا وفسادا ..

نستكمل الحديث بمشيئة الله تعالى في المقالات التالية ..