بقلم الأستاذ : مازن أبو الفضل
لا يمكن اعتبار أي حدث عالمي هو حدث فردي، ليس له ارهاصات وعلل ونتائج وتأثيرات، سواء كان على محل الحدث أو على ما يحيط به من دوائر.
نذكر كيف أن حرب أوكرانيا أثرت على اقتصاد مصر حيث كانت مصدرا للقمح، وكيف أن حرب غزة والسودان غيرت من شكل الشارع المصري
وكيف أن تأرجح النظام السوري في 2011 أثر أيضاً في تعداد مصر السكاني وتغير ديموغرافيتها
صعود ترامب في 2017 وسياسات ابن سلمان والعديد والعديد من الأحداث السياسية غيرت في مسار التاريخ وأثرت على بقع مختلفة، وإن لم يكن في العالم كله.
الآن وقد مني محور المقاومة بفقدان قادته ومصاب حماس وحزب الله وتخاذل الدول العربية يظهر جبهة تريد “تحرير” الشام وإسقاط نظام الأسد، ذلك الحدث الذي يسعى إليه “الإسلاميين” منذ 2011 وخلق ثأر بين حزب الله وايران من جهة والإخوان والسلفيين من جهة أخرى، وبعد سقوط نظام الإخوان في مصر بعد مؤتمر دعم سوريا انحسرت الموجة التي تجمعت من كل مكان في بقاع الأرض لإسقاط ذلك الممر الذي يدعم محور المقاومة بالسلاح.
لا شك في أن نظام الأسد نظام ديكتاتوري، نظام الرجل الواحد الذي يدجن الشعوب ولا يخلق مستقبلا، بل حاضر قائم عليه هو فقط ويدعم سلطته، ولا شك أن نظاما كهذا سيخلق مع الوقت أجيال تكرهه وتسعى لإسقاطه، لكن كيف؟كيف نسقط مثل هذا نظام؟
بالتأكيد ليس بالشكل الذي حدث ولا في نفس التوقيت لا يمكن دعم ثورة مسلحة، حتى لو قام بها جيش على نفسه فما بالك بجماعات ظهرت فجأه غيرت أسماءها وطول لحاها لتوهم العالم أنها حركة “ثورية” تريد “تحرير” سوريا؟ كيف يضمن شعب مستقبله -الذي لم يكن مضمونا- في ظل من انتزع السلطة بالسلاح بدون غطاء شعبي داعم؟
كيف سيؤثر هذا على القضية الفلسطينية؟
إن الظهير الداعم لحرية سوريا المزعومة الآن هو بلا شك ظهير طائفي تكفيري أحادي، لا يقبل “آخر” لا من باب المشاركة أو التعايش، والقوات التي دخلت دمشق في الأمس لا شك أنها تحمل نفس الأفكار، الأفكار التي جعلت حزب الله يدخل سوريا لإنه شخص هذا الخطر بأنه خطر وجودي، وجود سيسعى لإزالة كل من لا يدين بالوهابية والإخوانية.
الإخوانية التي دعمت معارضة سوريا بالسلاح، ووافقت على الاحتجاجات أمام الكنائس والتضييق على المسيحيين، وبعث برسائل طمأنة لإسرائيل، واستغاثت بأمريكا أوباما بعد 30 يونيو.
الثورة هي تغيير فعل غاضب بطبيعته، لكنه لا يجب أن يكون لجامه غاضب أيضاً بل يجب على العقلانية أن تقوده، مثل الفعل الإنساني لا يجب أن يغضب الإنسان ويحرق ويدمر بل يدفع الضرر بقدر مناسب، مستعدا لأثر أفعاله بدون إحداث ضرر لآخر، الثورة أيضاً يجب أن تهدم بمقدار لتبني بمقدار، فلديها مخطط هدم ومخطط بناء، وأهم هدف لمخططها هو خدمة الناس وإنقاذهم فأي مخطط يحمله “ثوار” سوريا؟
إذن هل نوافق على الأسد؟
لا يمكن أيضاً اعتبار نظام الأسد هو النظام الأصلح لسوريا، وطننا العربي كله مفتقد للديمقراطية، ولكنه أيضاً “مستهدف” لتأمين الوجود الصهيوني، لذلك أي حراك ثوري لابد أن يكون حراكا شعبيا لخدمة الناس وله قيادة حكيمة منبثقة من الشعب ويضع فلسطين على أولوياته بسبب موقع سوريا الجغرافي.