المقامرة .. خطر يطرق كل باب


بقلم الشيخ : مصطفى عبدالكريم الأَزْهريّ المالكيِّ
‏امام وخطيب ومدرس بوزارة الاوقاف المصريه‏

 

أكتبُ هذه الكلمات وقلبي يعتصر ألمًا وحزنًا على ما نراه اليوم

في زمنٍ تتبدّل فيه القيم وتكثر المغريات، أصبحت المقامرة بأشكالها القديمة والحديثة خطرًا صامتًا يزحف إلى البيوت دون استئذان.

لم تعد تقتصر على صالات القمار أو النوادي، بل تسلّلت إلى الهواتف والشاشات والتطبيقات، حتى صار الشاب الصغير والعامل البسيط والموظف الكبير جميعهم في مرمى هذا البلاء.

المقامرة ليست مجرد “لعبة حظ” كما يروّج البعض، بل مرض يلتهم القلوب والعقول. تبدأ بدافع الفضول، وتنتهي بانهيار المال، وضياع الأسر، وخراب البيوت.

بالله عليكم ياسادة: كم من إنسان باع أثاثه أو دياره، وكم من امرأة بكت أبناءها بعد أن أضاع الزوج ماله في “رهان” أو “موقع مراهنات”!

قال الله تعالى:
> “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ”

فالله جل وعلا سمّى الميسر رجسًا، وجعله من عمل الشيطان؛ لأنه يزرع البغضاء بين الناس، ويصدّ عن ذكر الله وعن الصلاة، ويُدخل الإنسان في دوّامة من الطمع والندم.

والمقامر حين يجلس أمام الشاشة أو الطاولة، يظن أنه يُلاحق الربح، وهو في الحقيقة يُلاحق وهمًا، وكلما خسر أكثر تعلّق أكثر، حتى يُصبح أسيرًا لهواه، يبيع كرامته ووقته وماله، وربما دينه.

إن خطر المقامرة اليوم لا يهدد الأفراد فحسب، بل يمسّ كل بيت، لأن الخاسر لا يخسر وحده: أسرته تخسر معه، ووالداه يبكيان عليه، ومجتمعه يدفع ثمن انهياره.

فلنحذر جميعًا هذا الداء قبل أن يستفحل، ولنعلم أن الرزق لا يُنال بالمقامرة، وإنما يُنال بالتوكل والسعي الحلال.

 اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، واغنِنا بفضلك عمّن سواك