المراتب الإيمانية وأسس التوحيد في ضوء الكتاب والسنة

بقلم الكاتب والداعية الإسلامى
الدكتور : رمضان البيه

الإيمان هو ما وقر بالقلب ،أي : سكن وإستقر وصدقه العمل .. والأصل فيه الإيمان بالله تعالى والإقرار بوجوده ووحدانيه سبحانه .. وجوهر الإيمان بالله تعالى وكماله في أن يؤمن العبد بوجود الله عز وجل وإنه تبارك في علاه واحد أحد فرد صمد . وأنه لا شريك له سبحانه . ولا ند له سبحانه . ولا نظير له سبحانه . ولا شبيه له سبحانه . ولا كيف ولاوصف ونعت له إلا بما نعت به جل جلاله نفسه وبما أخبر به الرسول الكريم صلى الله عليه وعلى آله وسلم عنه سبحانه . وأنه تبارك في علاه لا يشار إليه بإين . لا بفوقية ولا بتحتية فهو تعالى فوق كل فوق . وهو سبحانه مهيمن ومحيط بتحتية التحتيه وان له سبحانه التفريد والتنزيه المطلق اللائق بكماله وجماله وجلاله وهو تبارك في علاه الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفوا أحد . وهو قيوم السموات والأراضين ورب العرش العظيم. متقدس الأسماء متنزه في الصفات وهو جل جلاله الذي تعالت ذاته عن المعرفة والكيف والإدراك فلا تحيط به سبحانه العقول والفهوم ولا تدركه الأبصار هذا وتوحيد الألوهية هو أصل الدين، وأساس شرائع الإسلام، وهو أحد الأقسام الثلاثة التي يُقسم إليها التوحيد في الإسلام حسب تقسيم أهل العلم وهي: “الألوهية والربوبية والأسماء والصفات ” ؛ فناسب بيان مفهومه وفضائله، مع بيان أقسام التوحيد الثلاثة للتفريق بينهما .

وأن الإيمان بالله يشمل الإيمان : ” بربوبيَّته عز وجل ، وألوهيَّته سبحانه وتعالى، وأسمائه الحسنى وصفاته العليا تبارك في علاه ” . فيوجبون توحيده بهذه الأمور والأقسام الثلاثة. ويقصدون بتوحيده الربوبيَّه : الإقرار بأنه واحد في أفعاله ، لا شريك له فيها ، كالخلق والرَّزق والإحياء والإماتة ، وتدبير الأمور والتصرف في الكون والهيمنة والإحاطة والقيمومية ، وغير ذلك مِمَّا يتعلق بربوبيته .. ويقصدون بتوحيد الألوهيَّة : أي توحيده بأفعال العباد أي ان كل عبادات واعمال الطاعات للعباد له وحده سبحانه، كالدعاء والخوف والرَّجاء والتوكل والاستعانة والاستعاذة والاستغاثة والذَّبح والنَّذر، وغيرها من أنواع العبادة التي يجب إفراده بها، فلا يُصرف منها شيء لغيره . هذا

ويقصدون بتوحيد الأسماء والصفات : أي إثبات كل ما أثبته لنفسه وأثبته له رسوله (ﷺ) من الأسماء والصفات على وجه يليق بكماله وجلاله ، دون تكييف أو تمثيل ، ودون تحريف أو تأويل أو تعطيل ، وتنزيهه عن كلِّ ما لا يليق به . ” يقول تعالى ” سبحان ربك رب العزة عما يصفون ” .

ومن الآيات التي جمعت أقسام التوحيد الثلاثة قول الله تبارك وتعالى في سورة مريم: ﴿رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ٦٥﴾ فلقد إشتملت هذه الآية على أصول عظيمة على توحيد الربوبية وأنَّه تعالى ربُّ كلِّ شيء وخالقُهُ ورازقُه ومدبِّرُه، وعلى توحيد الألوهية والعبادة وأنَّه تعالى الإله المعبود وعلى أنَّ ربوبيته موجبة لعبادته وتوحيده ولهذا أتى فيه بالفاء في قوله: {فَاعْبُدْهُ} الدالة على السبب أي فكما أنَّه ربُّ كلِّ شيء فليكن هو المعبود حقّاً فاعبده ، واشتملت على أنَّ الله تعالى كامل الأسماء والصفات عظيم النعوت جليل القدر وأن ليس له في ذلك شبيه ولا نظير ولا سمي ، بل قد تفرَّد بالكمال المطلق من جميع الوجوه والإعتبارات” .