صفات المهدى الأخلاقية وشدته فى الحق
22 سبتمبر، 2025
علوم آخر الزمان

المقال التاسع والعشرون من سلسلة (علوم آخر الزمان)
بقلم فضيلة الشيخ الاستاذ الدكتور / محمد عبد الله الأسوانى
نصت الاحاديث على ان الامام المهدى يشبه النبى صلى الله عليه وسلم فى الخُلُق ولا يشبهه فى الخلقة اى الشكل.
واعظم شئ مُدح فى النبى صلى الله عليه وسلم هى اخلاقه قال تعالى قال الله تعالى واصفاً الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: ” ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ * مَا أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ * وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ * وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ” القلم : 1ـ4 ، حتى ان كفار قريش وصفوه فى الجاهلية بالصادق الامين، وكانوا يرونه مثالاً للخلق الكريم ، فاخلاق النبى صلى الله عليه وسلم واضحة ، حتى انه فى الكتب السماوية كانت عندما تصف النبى صلى الله عليه وسلم كانت تتضمن اخلاقه.
فهو صلى الله عليه وسلم حليم كثير العفو، لا تزيده شدة الجهل عليه الا حلما، رؤوف رحيم لاسيما على الفقراء والمساكين والايتام وهكذ ، فكانت اخلاقه كاملة صلى الله عليه وسلم فهو رحمة شاملة.
فالامام المهدى تكاد تكون صفاته هى صفات النبى صلى الله عليه وسلم، الا ان المهدى عليه السلام سيأتى محارباً بالسيف وقوى الشر والظلم والطغيان قد بلغت منتهاها، فلابد ان يكون لدى المهدى شئ من الشدة والقوة ، حتى ان بعض الناس سيظنون به الظنون من فرط قوته وشدته.
وأخرج أبو نعيم عن طاوس قال : علامة المهدي أنه يكون شديدا على العمال جوادا بالمال رحيما بالمساكين . كتاب لوامع الانوار البهية وسواطع الاسرار الاثرية الجزء الثانى باب حلية المهدى وصفته
قال أهل العلم : ان الامام المهدى يعمل بسنة النبي صلى الله عليه وسلم لا يوقظ نائما ، ويقاتل على السنة لا يترك سنة إلا أقامها ولا بدعة إلا رفعها ، يقوم بالدين آخر الزمان كما قام به النبي صلى الله عليه وسلم أوله ، يملك الدنيا كلها كما ملك ذو القرنين وسليمان بن داود عليهما السلام ، يكسر الصليب ويقتل الخنزير ويرد إلى المسلمين ألفتهم ونعمتهم ، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ، يحثو المال حثوا ولا يعده عدا ، يقسم المال صحاحا بالسوية ، يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض والطير في الجو والوحش في القفر والحيتان في البحر ، يملأ قلوب أمة محمد صلى الله عليه وسلم غنى حتى إنه يأمر مناديا ينادي : ألا من له حاجة في المال ؟ فلا يأتيه إلا رجل واحد فيقول أنا فيقول ائت السادن – أي الخازن – فقل له المهدي يأمرك أن تعطيني مالا فيقول له احث حتى إذا جعله في حجره وأبرزه ندم فيقول كنت أجشع – أي أحرص – أمة محمد صلى الله عليه وسلم أعجز عني ما وسعهم ؟ قال فيرده فلا يقبل منه فقال له إنا لا نأخذ شيئا أعطيناه الأمة . كتاب لوامع الانوار البهية وسواطع الاسرار الاثرية الجزء الثانى باب حلية المهدى وصفته
ولعل هذا الفارق بين النبى صلى الله عليه وسلم والامام المهدى، فهناك فرق بين هذا الزمان والازمان السابقة حتى زمن الجاهلية ، لان العرب كانوا فى الجاهلية اهل اخلاق وكانوا لا يؤثر علي احدهم كذبة فالكذب عندهم محرم رغم انهم فى الجاهلية والشاهمة واجارة الجار ومحاربة الظالمين ، فهناك اشياء فى الجاهلية كانت جيدة كثيراً فقال صلى الله عليه وسلم “انما بعثت لاتمم مكارم الاخلاق” فهذا يدل على ان العرب فى جاهليتهم كانت لديهم بعض الصفات الحسنة.
فالامام المهدى عليه السلام يتصف بصفات النبى صلى الله عليه خاصة فى اخلاقه الشريفة صلى الله عليه وسلم الا ان ظروف زمن الامام المهدى مختلفة عن زمن النبى صلى الله عليه وسلم، لانه سيحتاج الى شدة من الامام المهدى فى محاربة اعدائه وهذا سيأثر على شخصية الامام المهدى لانه رجل محارب يفتح الدنيا وتدخل فى عهده كثر من الامم فى الاسلام وسيحارب كثير من الامم ويهدم الظلم والطغيان حتى ان الروم وغيرهم يهفون الى عدله.
روى عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أبشركم بالمهدي يبعث على اختلاف من الناس وزلازل فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض يقسم المال صحاحا، قال له رجل: ما صحاحا؟ قال:” بالسوية بين الناس ويملأ الله قلوب أمة محمد صلى الله عليه وسلم غناء ويسعهم عدله حتى يأمر مناديا فينادي فيقول: من له في مال حاجة؟ فما يقوم من الناس إلا رجل واحد فيقول: أنا فيقول: ائت السدان – يعني الخازن – فقل له: إن المهدي يأمرك أن تعطيني مالا فيقول له: احث حتى إذا جعله في حجره وائتزره ندم فيقول: كنت أجشع أمة محمد صلى الله عليه وسلم أو عجز عني ما وسعهم ” قال: “فيرده فلا يقبل منه فيقال له: إنا لا نأخذ شيئا أعطيناه فيكون كذلك سبع سنين أو ثمان سنين أو تسع سنين ثم لا خير في العيش بعده”. أو قال: “ثم لا خير في الحياة بعده” رواه الترمذي وغيره باختصار كثير رواه أحمد بأسانيد وأبو يعلى باختصار كثير ورجالهما ثقات ( كتاب مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ) ولعل هذا الفارق بين النبى صلى الله عليه وسلم والامام المهدى لان العرب كانوا فى الجاهلية اهل اخلاق وكانوا لا يؤثر علي احدهم كذبة فقال صلى الله عليه وسلم “انما بعثت لاتمم مكارم الاخلاق”
وروى عن الامام على كرم الله وجهه فى الجفر (…. ولا يفلت من يدى المهدى بلاد بحر العرب ولا كل من يعطى وجهه البحر المحيط، يأتيه المهدى من البحر ومن السماء فى مثل الفضة، مراكب تسبح فى السماء، وتمر مر السحاب، يعلم الله الانسان ما لم يعلم، فمنهم من يؤمن قلبه ومنهم من يجحد، ومهما تعلم لا يفهم، يعيش فى غضب الله، ويموت دائماً الى عذاب الله، والمهدى يملك ولا يقسو فكل ما ترونه مثل بلال بن رباح الى عدله يهفو)
وقال بعض أهل العلم : ان الامام المهدى محبوب – يعني المهدي – في الخلائق يطفئ الله به الفتنة العمياء وتأمن الأرض حتى إن المرأة تحج في خمس نسوة ما معهن رجل ولا يخفن شيئا إلا الله ، مكتوب في شعائر الأنبياء ما في حكمه ظلم ولا عيب كتاب لوامع الانوار البهية وسواطع الاسرار الاثرية الجزء الثانى باب حلية المهدى وصفته
وروى ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “تأوي إليه أمته كما تأوي النحلة إلى يعسوبها، يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، حتى يكون الناس على مثل أمرهم الأول. لا يوقظ نائماً و لا يهريق دماً”
فالزمن يفرض على الامام المهدى عليه السلام ان يكون عنده بعض الشدة التى يحتاجها فى محاربة اعدائه وتقويم الاعوجاج الخلقى الذى حدث عند المسلمين وعند غير المسلمين.
وان نظرنا بصورة فاحصة الى حال العرب والمسلمين وغيرهم سنجد كثير من التفسخ الاخلاقى والظلم والفحشاء والصفات السيئة قد استشرت والفساد والرشوة اصبحت مستباحة فى معظم البلاد العربية والاسلامية ، واكيد كل هذه مفاسد اذا جاء الامام لابد ان يقومها ولن يقوما الا بشدة وقوة ولابد ان يقوِّم الامام المهدى هذه المفاسد بشئ من القوة حتى يتحقق قول الله تعالى “الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ” الحج : 41
وقوله تعالى ” يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ ” مريم : 12 فالمهدى سيأخذ الكتاب بقوة يحيى به شرائع الاسلام التى اندثرت ويرفع الظلم وينصر الله تعالى به الضعفاء والمساكين بعد ان طحنتهم الدنيا وبعد ان استشرى الفساد والظلم.
وأخرج أبو داود , ونعيم بن حماد في الفتن عن علي – رضي الله عنه ” أنه نظر إلى ابنه الحسن – رضي الله عنه – , فقال : إن ابني هذا سيد كما سماه النبي – صلى الله عليه وسلم – , وسيخرج من صلبه رجل يسمى باسم نبيكم – صلى الله عليه وسلم – , يشبهه في الخُلُق, ولا يشبهه في الخَلق,- ثم ذكر قصة وزاد- يملأ الأرض عدلاً “
وروى عن الحسن بن يزيد السعدي أحد بني بهدلة، عن أبى سعيد الخدرى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” يخرج رجل من أهل بيتي ، و يعمل بسنتي، وينزل الله البركة من السماء، وتخرج له الأرض بركتها، و تملأ به الأرض عدلا، كما ملئت ظلما وجورا، ويعمل على هذه الأمة سبع سنين، وينزل بيت المقدس “
و قال كعب الأحبار : إني لأجد المهدي مكتوبا في أسفار الأنبياء ما في حكمه ظلم ولا عيب . أخرجه أبو عمرو المقري في سننه ونعيم بن حماد . كتاب لوامع الانوار البهية وسواطع الاسرار الاثرية الجزء الثانى باب حلية المهدى وصفته
وقال أهل العلم : ان الامام المهدى تنعم أمة محمد برها وفاجرها في زمانه نعمة لم يسمعوا بمثلها قط وترسل السماء عليهم مدرارا لا تدخر شيئا من قطرها ، وتؤتي الأرض أكلها لا تدخر عنهم شيئا من بذرها ، تجري على يديه الملاحم ، يستخرج الكنوز ويفتح المدائن ما بين الخافقين ، يؤتى إليه بملوك الهند مغللين وتجعل خزائنهم لبيت المقدس حليا ، يأوي إليه الناس كما يأوي النحل إلى يعسوبه حتى يكون الناس على مثل أمرهم الأول ، يمده الله بثلاثة آلاف من الملائكة يضربون وجوه مخالفيه وأدبارهم جبريل على مقدمته وميكائيل على ساقته ، ترعى الشاة والذئب في زمانه في مكان واحد ، وتلعب الصبيان بالحيات والعقارب لا تضرهم شيئا ، ويزرع الإنسان مدا فيخرج له سبعمائة مد ، ويرفع الربا والزنا وشرب الخمر ، وتطول الأعمار وتؤدى الأمانة وتهلك الأشرار ولا يبقى من يبغض آل محمد صلى الله عليه وسلم . كتاب لوامع الانوار البهية وسواطع الاسرار الاثرية الجزء الثانى باب حلية المهدى وصفته