الفراغ أصل كل الفتن والمفاسد
16 سبتمبر، 2025
منبر الدعاة

بقلم الاستاذ الدكتور: نعيم شرف
العميد السابق لكليةالدراسات الإسلاميةوالعربية بجامعة الأزهر
نحن في زمن فُتِحَت فيه الأبواب على مصاريعها لضياع الأوقات في التوافه، وضياع الأعمار في التنقل بين اللهو واللغو والموبايل والألعاب والقنوات والأهواء والأفلام والمسلسلات، أوقات تتبدد، وأعمار تُنْفَق وتُبْذَل، وأزمنة تُنْهَب وتُسْرَق .
لذا أديروا أوقاتكم فيما يفيدكم وينفعكم؛ اديروها فيما يرضي الله سبحانه وتعالى، بأداء الفرائض، وأداء الحقوق، واجتناب المحرمات، استغلوها واغتنموها في تطوير مواهبكم ومهاراتكم، أشغلوها بالحق كي لا تشغلكم بالباطل، أشغلوها بالطاعات حتى لا تشغلكم بالمعاصي؛
فالفراغ يأتي بالمفاسد، وهو أصل كل الفتن والبلاء، فكثرة أوقات الفراغ تجلب التعاسة، وتؤدي إلى تتبع عيوب الناس وعوراتهم والتدخل في شؤونهم، فاحرصوا على ما ينفعكم، واعلموا أن في الفراغ تكون الصبوة، وإمكانية الوقوع في المعاصي، والشعور بالملل والفتور، والقلق، والتوتر، والضجر، واليأس، والقنوط، وتدهور الحالة النفسية والصحة الجسدية، وفقدان التركيز، وانعدام الهدف، وضعف الهمة والنشاط، وإن “من أمضى يومه في غير حق قضاه، أو فرض أداه، أو مجد أثله، أو حمد حصله، أو خير أسسه، أو علم اقتبسه فقد عَقَّ يومه” ولله دَرُّ الشاعر العربي الذي قال:
إن الشـبـــاب و الـفـراغ مفسدة للمـــرء آي مفســـدة !
فالفراغ يعطل عن الخيرات، والأعمال الصالحة، ويشغل صاحبه بالباطل وإحداث البدع، ولا يزال يخرج من باب الشر والفتن ليلج في أبواب غيرها أكثر لعنة وشيطنة وأبلسة وعفرتة، حتى يضيع عمره هباء، وينقضي وقته سدى، وغبارا، وهواء، وينفرط أمره انحلالا وتشتتا.
أما العمل والانشغال بالأمور النافعة المشروعة، لزيادة الرصيد من الأجر في الآخرة، ففيه الأمن والأمان والاطمئنان والسلامة، والعاقل من استثمر أوقاته في الطيب من الأقوال والأفعال والأعمال الصالحة، كقراءة القرآن الكريم، وتعلم العلوم النافعة، وممارسة الأنشطة الرياضية، وزيارة المرضى، وصلة الأرحام، والمشاركة في الأعمال الاجتماعية الخيرية والتطوعية التي تفيد المجتمع، وممارسة الهوايات المختلفة، وقضاء بعض الأوقات مع العائلة؛ لتعزيز العلاقات الأسرية، واعلموا أننا سنسأل أمام الله تعالى عما قدمناه في حياتنا الدنيا، قال النبي العدنان صلى الله عليه وسلم: “لا تزول قدما عبد يوم القيامة، حتى يسأل عن عمره فيما أفناه” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.