(الغاية والهدف من سلوك التصوف ودور المربي في تهذيب السالكين ) حواص خاص مع الدكتور أحمد شتيه


التصوف ليس مذهبًا غريبًا عن الإسلام، بل هو قلبه النابض وروحه الطاهرة، فهو طريق تزكية النفوس وتطهير القلوب والسير نحو معرفة الله ومحبته.

وفي هذا الحوار مع الدكتور : أحمد خميس شتيه (مدرس الدراسات الإسلامية بقسم اللغة العربية – كلية الآداب جامعة دمنهور  )
نبحر في أعماق هذا الطريق المبارك، لنكشف عن أسراره، ونوضح أهميته لطالب الحق، ودور الشيخ المربي في تهذيب السالكين، وشروطه، والغاية التي يسعى إليها أهل التصوف، بعيدًا عن الشبهات والتصورات الخاطئة التي علقت به عبر الزمن.

س1 : لماذا يحتاج الفرد طالب الوصول إلى الله سبحانه وتعالى الى السلوك فى طريق التصوف ؟
الإنسان يحتاج إلى السير في طريق التصوف لأن حقيقة طريق التصوف تتلخص في أنه طريق التزكية طريق تزكية النفوس وترقيتها وتطهير القلوب من أدرانها ومن أمراضها .

ولأن هذا الأمر فريضة قرآنية حيث قال تعالى : ( قد أفلح من تزكى ) وقال : ( قد أفلح من زكاها ) فإن الأمر يتأكد على أي راغب في أن يطهر باطنه ويزكي نفسه أن يتبع هذا المنهج .
وإن الكثيرين يظنون أن طريق التصوف طريق للخروج على الشريعة . وهذا جهل محض . لأننا لابد أن نفرق بين الإسلام وبين المسلمين . بين الإسلام كدين وبين معتنقيه . وبين كل مذهب وحقيقته وبين منتسبيه .

و كذلك منهج التصوف قد انتسب إليه الكثيرون من غير أهله فأدخلوا عليه وأضافوا إليه ما يخالف منهجه . فهؤلاء يجب أن يعني يتنحوا بعيدا عن رؤية الإنسان حينما يريد أن يحكم على التصوف .

س2 : وهل يلزم أن يكون السالك له شيخ مربى ؟
السائر إلى الله في مبدأ أمره هو طفل يتعلم السير . يحبو ثم يقف ثم يسير بطيئا ثم ينطلق .

وكما يحتاج الطفل إلى من يساعده على المشي ومن يعلمه كيف ينهض . وإلى من يسانده إذا سقط فإن السائر يحتاج احتياجا كبيرا إلى من يأخذ بيده إلى هذا الطريق حتى ينهض ويسير بطيئا ثم ينطلق .

وكما يحتاج الإنسان إلى من يربيه ويمده بالخبرة والمفاهيم وهما الأبوان فإنه يحتاج كذلك في طريق الله إلى من يمده بالمنهج ويعلمه كيفية تطبيقه .

وإذا نظرنا إلى جميع العلوم وإلى جميع الحرف التي خلقها الله في حياة الناس فإنها يلزم لكل راغب في احتراف أي منها أو في تعلم أي من علومها أن يكون له أستاذ وقائد وقدوة .

فاتخاذ القائد أو القدوة أو الشيخ أو المربي سنة فطرية كونية جعلها الله تعالى حاكما لنا لنكون متقدمين ولنكون سائرين إلى الأمام .

وفي القرآن الكريم أشار تعالى إلى ضرورة القدوة فقال تعالى : ( أولئك الذين هداهم الله فبهداهم اقتده ) . وقال أيضا : ( الرحمن فاسأل به خبيرا ) . وقال : ( ولا ينبئك مثل خبير ) . وقال : ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ) . وفي الآية الأخيرة نجد أن المعية تؤدي إلى الوصول إلى حقيقة الصدق أو إلى التحقق به .

فافهم

س3 : وهل يشترط فى المشايخ المربيين شروطا معينة ؟ او صورة معينة ؟
الشيخ المربي له شروط واضحة لأنه منوط به نقل خبرته السلوكية والمذاقية للمريد . وهذه حقيقة المشايخ المربين وحقيقة مهمتهم التي لا يعلمها الكثيرون .

فليس المريدون ملتحقين بالمشايخ لنيل بركاتهم الروحية ولكنهم ملتحقون بهم للأخذ من تجربتهم المذاقية والسير على سيرهم .

ولأجل ما سبق وجب أن تتوفر في الشيخ المربي مجموعة من الشروط أولها : أن يكون الشيخ المربي متابعا للكتاب والسنة . وأن يكون له منهج واضح . وأن تكون له تجربة تطبيقية طب من خلالها القواعد من الكتاب والسنة حتى وصل بها إلى الله تبارك وتعالى .

س4 : وهل يلزم أن يكون الشيخ مجازا من اشياخه حتى يستطيع تربية المريدين؟

وأن يكون له سند من مشايخه متصل وهذا أمر ضروري جدا . وأن يكون له إجازة منهم بأنه صار أهلا للتربية والإرشاد . وهذا الأمر الأخير متأكد فبدون هذا الشرط يصبح فاقدا للأهلية . فكثيرون لديهم العلم الظاهر وليست لديهم تجربة مذاقية . والتجربة هي المعول عليها في السلوك إلى الله .

س5 : وما هى الغاية والهدف من سلوك طريق التصوف ؟
الغاية من سلوك طريق التصوف هي السعي نحو الكمال أو بلفظ آخر فقل : الهدف هو تزكية النفس بمعنى تنمية مميزاتها والعمل على تقليل عيوبها حتى يصل الإنسان إلى مستوى قريب من مستوى الكمال البشري . والكمال البشري هنا بعيد تماما عن دوائر العصمة حتى لا يظن أحد أننا نقارن بين الكمال البشري وكمال الأنبياء لأن كمال الأنبياء فوق الكمال البشري غير المعصوم . وكمال النبي صلى الله عليه وسلم هو أعلى كمال الأنبياء والمرسلين .

وقد وضع الصوفية منهج متكاملا وصفوه بأنه منهج أخلاقي والأخلاق هي منهج الدين لقوله صلى الله عليه وسلم : ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) . فقال الصوفية: ( التصوف كله خلق فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في الصفاء ) .

فبما أن الدين حقيقته هي الأخلاق والتصوف حقيقته هي الأخلاق فإن التصوف يكون هو التطبيق العملي السليم لحقيقة الدين والممارسة السليمه التي يوازن الإنسان فيها بين الدنيا والدين .