نصيحة من وحى الواقع لكل من تصدر المشهد الدعوى


بقلم الدكتور الشيخ : محمد سعيد صبحي السلمو
( الأزهرى البابي الحلبي )

نصيحة من وحى الواقع لكل من تصدر المشهد الدعوى
سواء من التيار السلفي أو التنويري
غير حاصل على شهادة دكتوراه في تخصص شرعي
ويضيف لقب دكتور أمام اسمه ويخصص صفحته للحديث عن علوم الشريعة والإفتاء والتفسير والعقيدة

ومن أعجب ما ابتُلِي به الفكر الديني في هذا العصر، أن يتصدّر له من لا صلة له به إلا صلة الدعوى، فيتقلد لقب “دكتور” في الشريعة وهو لم يَدرُسها دراسة أهلها، ولم يسلك طريقها من بدايته إلى منتهاه، لا تسلسلاً في العلم، ولا تحققًا في الفهم.

فترى الطبيب أو المؤرخ أو دارس الثقافة العامة، يحصل على شهادة في “العلوم الإسلامية” من باب التوسعة، يحصل على الدكتوراه في العلوم الإسلامية مثلا او السيرة _ تخصص فضفاض غير دقيق _ معتمدا على شهادة ليسانس في الطب مثلا،
وفي أحسن الأحوال قادته مفاضلات الثانوية العامة إلى كلية الشريعة

فاكتفى بالدراسة الأكاديمية عن طريقة التلقي عن أهل العلم ، وعن التأسيس بحفظ المتون ، ثم يبني عليها ماجستير ودكتوراه
وهذا ما نسميه ثقافة عامة في علوم الشريعة ، وكليات توظيف لا أكثر.

ثم يخرج على الناس مفتياً ومفسّراً ومتكلمًا، يضع لقب “دكتور” قبل اسمه ويستعير وقار العلماء، ويتحدث في العقيدة والفقه وكأنه شيخ الإسلام في عصره!

وما علم أن التصدّر في العلم ليس بالورق، ولا بالألقاب، بل بالتدرج، والتثبت، والدربة، والتزكية.
أما هؤلاء، فـ”دكاترة” بلا فقه، و”مشايخ” بلا أصل، وضررهم على الدين أضعاف نفعهم.

نصيحة أوجهها لهم

رحم الله من عرف قدر نفسه، وأراح الناس من فضول رأيه!

يا أخي، أنت دكتور، نعم… ولكن في الهندسة أو الطب أو الفيزياء، أو حتى في الدراسات الإسلامية وهذا فخر لا يُنكر.
لكن إذا تكلمت في غير تخصصك، في الفقه أو التفسير أو العقيدة، ثم وقّعت كلامك بـ”الدكتور فلان”،
فهذا من التدليس، وإن لم تقصده.

العقول لا تُقاس بالألقاب، ولا تُقنع الناس بالدرجات، بل بصدق الكلمة ووزن الفكرة.

فدع عنك لقب الدكتور حين تخرج من حقل اختصاصك، وكن متواضعًا كما علّمتك العلوم التي درستها.

واكتب: “محب للمعرفة” أو “مُجتهد في الفهم” أو حتى “مستزيد من النور”،
ولا تُلبِس نفسك رداء غيرك، فتُحسب على العلماء وأنت لست منهم، ولا على طلاب العلم وأنت لا تسير في طريقهم.

وليس في ذلك انتقاص لك، بل فيه أدب مع العلم وأهله، واحترامٌ للعقل الذي رزقك الله.